قطيعة أوروبية مع الفلسطينيين أم موقف من المهاجرين

فيينا – برفع علم إسرائيل فوق مبنى المستشارية ووزارة الداخلية تكون النمسا قد قطعت تماما مع تاريخ طويل من العلاقات القوية مع الفلسطينيين، وأصبح الفكر اليميني الرافض للمهاجرين، وخصوصا المسلمين منهم، هو السائد إلى درجة المبالغة في الاستعراض.
وكان الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات يتباهى بصداقته مع المستشار النمساوي الراحل برونو كرايسكي في إشارة إلى إشعاع القضية الفلسطينية في أوروبا، لكن ذلك تغير اليوم إلى درجة أن الدولة التي كانت في السابق صديقة للفلسطينيين باتت ترفع علم إسرائيل.
ورفعت النمسا العلم الإسرائيلي على عدد من المباني الرسمية الجمعة تعبيرا عن تضامنها مع الدولة العبرية في مواجهة “الهجمات” التي تطلقها من قطاع غزة حركة حماس ومجموعات فلسطينية أخرى.
كما رفعت سلوفينيا الجمعة علم إسرائيل فوق مبنى الحكومة معربة عن “تضامنها مع إسرائيل”.
ويقول متابعون إن المزاج الأوروبي يتغير بشكل كامل ضد دول جنوب المتوسط بما في ذلك علاقة الأوروبيين بالفلسطينيين، ويعزون هذا التغير إلى التطورات التي شهدتها المنطقة منذ عشر سنوات، أي منذ موجة ما بات يعرف بالربيع العربي، والتي أضافت أعباء كثيرة على الأوروبيين.
وبات الشغل الشاغل لأوروبا الآن تطويق موجة الهجرة غير القانونية التي تأتي من دول سقطت في فوضى الربيع العربي مثلما هو الأمر مع سوريا، أو باتت خاصرة رخوة تتسلل عبر حدودها عمليات تهريب المهاجرين إلى أوروبا مثل تونس وليبيا.
وبالإضافة إلى معاناة الهجرة غير المنظمة بعد أن سقطت الأنظمة التي كانت تتصدى لها، فإن أوروبا لا تزال تعاني من مخلفات تسلل إرهابيين عبر موجات المهاجرين، وما قاد إليه ذلك من تفجيرات وعمليات قتل وحشية ضد مواطنين أبرياء. وكل هذا دفع إلى ردة فعل عكسية داخل الشارع الأوروبي بصعود اليمين الذي يرفض استقبال اللاجئين ويعمل على طرد اللاجئين الذين حصلوا على وضع قانوني.

وبالتوازي مع ذلك بدأت أوروبا في تقليص هامش الحريات الممنوحة للأجانب وتكثيف المراقبة الأمنية والاستخبارية ضد أنشطتهم، وبات الهدف الآن هو حماية أمنها من هجمات متشددين إسلاميين. وبدأ الموقف الأوروبي في الانعطاف ضد الفلسطينيين مع سيطرة الحركات الإسلامية على الشارع الفلسطيني وإطلاقها خطابا عدائيا ضد بعض الدول الأوروبية وتنفيذ تفجيرات تستهدف المدنيين.
وابتعد المزاج الغربي عن الفلسطينيين بعد التفجيرات وعمليات القتل والدهس والذبح التي نفذها إسلاميون في دول مثل فرنسا وألمانيا وبلجيكا، وهي عمليات شبيهة بما نفذته حماس في سنوات ماضية.
وكتب المستشار النمساوي المحافظ سيباستيان كورتس في بيان “أدين بشدة الهجمات على إسرائيل من قطاع غزة”، مؤكدا أن “لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها ضد هذه الهجمات”.
وأضاف “لإظهار تضامننا الكامل (…) رفعنا العلم الإسرائيلي” على مقري المستشارية ووزارة الخارجية.
وقال وزير الخارجية ألكسندر شالنبرغ “لا شيء يبرر إطلاق أكثر من ألف صاروخ حتى الآن على إسرائيل من غزة” من قبل حماس ومجموعات أخرى “ونحن ندعم بقوة أمن إسرائيل”.
وفتح مكتب المدعي العام النمساوي تحقيقا بعد تصريحات معادية للسامية خلال تظاهرة مؤيدة للفلسطينيين الأربعاء في فيينا.
وباتت أوروبا أكثر تشددا هذه المرة تجاه تحركات المتعاطفين مع غزة. وقالت ألمانيا إن المظاهرات السلمية ضد السياسات الإسرائيلية ممكنة بالطبع، لكن “لن تتسامح مع مظاهرات معادية للسامية”.
وحظرت فرنسا تظاهرة دعما للشعب الفلسطيني كانت مقررة السبت في باريس. وأوضح قائد شرطة باريس ديدييه لالمان الذي أصدر الحظر أن هناك “احتمالا فعليا” لحدوث “اضطرابات خطيرة في النظام العام” وكذلك “انتهاكات ضد معابد ومصالح إسرائيلية”، مذكرا بتظاهرة مؤيدة للفلسطينيين في باريس عام 2014 تحولت إلى اشتباكات.
وفي الولايات المتحدة دعا الجمهوريون الرئيس جو بايدن إلى وقف المحادثات الخاصة بالنووي الإيراني، مشيرين إلى وجود صلة بين إيران وإطلاق الصواريخ من حماس.