الحوثيون يضيقون الخناق على الإذاعات الخاصة برسوم جديدة

جماعة الحوثي تفرض "رسوم تصريح الإذاعة" بهدف استغلالها في تمويل العشرات من الإذاعات التي تعمل لصالحهم.
الأربعاء 2021/05/12
الإذاعة أداة فعالة في الوصول للجمهور

صنعاء - أكد أحد مُلاك الإذاعات الخاصة في العاصمة صنعاء أن الحوثيين فرضوا عليه مبلغا كبيرا تحت مسمى “رسوم تصريح الإذاعة”، كما فرضوا على جميع مُلاك الإذاعات الخاصة في مناطق سيطرتهم دفع هذه الرسوم وهو ما يشكل عبئا كبيرا قد يدفع البعض إلى إغلاق الإذاعة.
وأضاف صاحب الإذاعة الخاصة، والذي طلب عدم الكشف عن اسمه، أن الحوثيين أعطوه مهلة حتى نهاية شهر رمضان لدفع 10 ملايين ريال (حوالي 40000 دولار أميركي)، وإذا لم يدفع سيتم إغلاق الإذاعة الخاصة به.
وانطلق بث جميع الإذاعات الخاصة في العاصمة والمناطق التي تسيطر عليها ميليشيا الحوثي، قبل أكثر من عشر سنوات، ولجأ الحوثيون لفرض غرامات ورسوم على العمل الإذاعي الخاص، لاستغلالها في تمويل العشرات من الإذاعات التي تعمل لصالحهم.
وسيضطر غالبية أصحاب الإذاعات إلى بيع ممتلكاتهم من سيارات وأصول أخرى لتسديد الرسوم التي فرضها الحوثي، لاسيما وأن العائدات الإعلانية ضعيفة ولا يوجد إقبال من قبل التجار للترويج لمنتجاتهم عبر الإذاعات، خشية استهدافهم من الحوثيين بفرض المزيد من الجبايات.
وتوجد في اليمن حاليا قرابة 60 إذاعة منها 26 في صنعاء بينها أربع إذاعات مجتمعية، إضافة إلى 13 إذاعة في مدينة حضرموت الوادي فقط، منها 12 إذاعة مجتمعية، 10 في حضرموت الساحل أغلبها مجتمعية، أما مدينة عدن فتضمّ ست إذاعات، منها أربع إذاعات مجتمعية إضافة إلى إذاعات محلية أخرى.
وعلى الرغم من تجنب الإذاعات الخاصة للشأن السياسي والعسكري، ونشاطها في الجانب الفني والإعلاني، إلا أن الحوثيين يفرضون عليها بث مواد تخصهم، مثل الزوامل، ومواد تحث على “الجهاد” حسب المفاهيم الطائفية المتعسفة في تفسير النصوص الدينية الإسلامية.
واستهدف الحوثيون الإذاعات قبل عامين، وأغلقت أكثر من ثماني إذاعات مجتمعية في صنعاء، بسحب تراخيصها في سعي منهم لتكميم الأفواه وفرض الصوت الواحد في مناطق سيطرتهم، وإغلاق آخر المتنفسات المتبقية للمواطنين في صنعاء.

محمد العرسان: العمل في الإذاعات المحلية في اليمن كمن يسير في حقل ألغام نظرا لصعوبة الاستمرار في بيئة غير صديقة للعمل الإعلامي
محمد العرسان: العمل في الإذاعات المحلية في اليمن كمن يسير في حقل ألغام نظرا لصعوبة الاستمرار في بيئة غير صديقة للعمل الإعلامي

وجاء هذا الإجراء بسبب إذاعة الأغاني التي ترى فيها الميليشيات منافسا لـ”الزوامل” الحوثية.
وذكرت مصادر محلية أن ميليشيات الحوثي تستخدم أسلوب الابتزاز للإذاعات المحلية قبل إغلاقها بشكل نهائي والسيطرة عليها، من خلال فرض مبالغ مالية وإجراءات تعسفية تجبرها على دفع مبالغ مالية ضخمة.
وأثرت الحرب سلبا على الإذاعات في اليمن، وحسب دراسة متخصصة لمركز الدراسات والإعلام الاقتصادي، فإنّ العديد من  الإذاعات تعرضت للاقتحام ونهب كافة ممتلكاتها، ما أدى إلى توقف بعضها واستئناف البعض الآخر بعد انتقالها إلى مكان آخر أو زوال أسباب التوقف.
وأكد عدد من الإعلاميين والحقوقيين أن التحديات الأمنية كالتهديدات بالإغلاق والمصادرة تعد من أبرز التحديات التي يواجهها الإعلام الإذاعي المجتمعي، إضافة إلى تحديات أخرى تتعلق بضعف الخدمات الأساسية كالكهرباء والإنترنت وغيرها.
وقالوا في ندوة نظمها مرصد الحريات الإعلامية في اليمن بمناسبة اليوم العالمي للإذاعة الذي يصادف 22 فبراير من كل عام، إنه بالرغم من وجود العدد الكبير للإذاعات الرسمية والخاصة والمجتمعية في اليمن إلا أنها تتركز في محافظات محددة كما أنها لم تصل إلى مستوى عال من الشراكة مع المجتمع، إذ تحول دون ذلك تحديات عديدة.
ووصف الصحافي والمدرب محمد العرسان العمل في الإذاعات المحلية في اليمن كمن يسير في حقل ألغام نظرا لكثرة التحديات التي يواجهونها وصعوبة الاستمرار في ظل بيئة غير صديقة للعمل الإعلامي بشكل عام سواء كانت أمنية أو تقنية أو مادية.
وأضاف من واقع خبرته كمدرب للعديد من الإذاعات اليمنية ”نواجه صعوبات مختلفة خاصة في إيجاد توازن بين الأجندات السياسية المسيطرة على المنطقة وبين أجندات الإذاعات وأجندات المجتمع، إلى جانب التحديدات المادية والتمويل التي تواجهها الإذاعات المجتمعية كونها مختلفة عن الإذاعات التجارية في طريقة استقطاب الإعلانات”.
وخلصت دراسة أعدها مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي حول الإذاعات في اليمن تبين من خلالها أن الإذاعات مازالت عاجزة عن الوصول للتعبير عن قضايا الجمهور إذ يغلب على الكثير من العمل الإذاعي الشأن السياسي.
لكن الإذاعات في اليمن استطاعت الاستمرار رغم الوضع الأمني المضطرب وما تزال أداة فعالة في الوصول للجماهير ونقل الحياة الإنسانية للجماهير بتكلفة محدودة.
واعتبرت الدراسة أن دور الإذاعات المجتمعية لا يزال قاصرا في ما يتعلق بالمرأة والطفل والشباب والخدمات الأساسية للمواطنين كالكهرباء والمياه ومشاكل الطرقات والمشاكل الأمنية حيث تمثل نسبة 20 في المئة فقط، بينما تحتل المادة الترفيهية والغنائية والرياضية والسياسية ما نسبته 80 في المئة من برامج هذه الإذاعات.
ورأى رئيس مجلس إدارة راديو يمن تايمز علي الموشكي أن التحديات الأمنية وتصنيف الإذاعات على أنها تابعة لطرف معين من أطراف الصراع من أكبر التحديات التي تواجه الإذاعات في مختلف المناطق اليمنية.
ومنذ سيطرتهم على العاصمة صنعاء عام 2014، قضى الحوثيون على الصحافة المستقلة، ومارسوا الانتهاكات ضد الصحافيين، وأغلقوا مختلف وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة وحجبوا المواقع الإلكترونية وأخضعوا مواقع التواصل الاجتماعي للرقابة.
ويحتل اليمن المرتبة 169 من أصل 180 دولة في مؤشر حرية الصحافة الذي أصدرته منظمة مراسلون بلا حدود لعام 2021.

18