قيس سعيّد يحذر من مخاطر تقسيم الدولة من الداخل

تونس - أكد الرئيس التونسي قيس سعيّد أنّ "المخاطر التي تهدد الدول ليست العمليات الإرهابية التي تقوم بها مجموعات أو من يتخفى وراءها، بل إن الخطر الحقيقي هو تقسيم الدولة ومحاولة ضربها من الداخل تحت تأويلات لنصّ دستوري أو نصّ قانوني".
وأضاف أنه "لا أحد فوق القانون، وسيلقى كل من يتجاوزه جزاء القانون، وجزاء الشعب، وجزاء التاريخ".
وشدد على "حماية الدولة التونسية من كل الانقسامات، وعلى أن القوات المسلحة عسكرية كانت أو أمنية تبقى كلها تحت قيادة رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة".
ويرى مراقبون أن الرئيس التونسي يحرص في كل مناسبة على توجيه رسائل شديدة اللهجة لخصومه السياسيين، مفادها توضيح مسألة دستورية هامة تتعلق بقيادة رئيس الجمهورية للقوات المسلحة، في وقت تثير معركة الصلاحيات بين سعيّد ورئيس الحكومة وحزامها السياسي مخاوف جدية في البلاد.
وتأتي تصريحات سعيّد عقب تقاسمه مأدبة إفطار بالمنطقة العسكرية المغلقة بجبل الشعانبي من محافظة القصرين وسط غربي البلاد، مع مجموعة من ضباط الجيش والحرس الوطني والشرطة، حسب بيان للرئاسة التونسية.
وتشير قراءات سياسية إلى أن الرئيس التونسي بحديثه عن أن لا أحد فوق القانون يغمز إلى الحصانة التي يحظى بها النواب، خاصة بعد الضجة التي أثارتها دعوة القضاء العسكري للنائب راشد الخياري المحسوب على تيار حركة النهضة الإسلامية، على خلفية هجوم الأخير على الرئيس وحديثه عن تلقيه دعما خارجيا في حملته الانتخابية.
وفي 11 أبريل الماضي قال سعيّد خلال احتفال بالذكرى الـ65 لعيد قوات الأمن الداخلي بحضور رئيسي الحكومة هشام المشيشي، والبرلمان راشد الغنوشي، "أنا القائد الأعلى للقوات المسلحة الأمنية وليس العسكرية فقط".
واعتبرت حركة النهضة التونسية أن "إعلان سعيّد نفسه قائدا أعلى للقوات المدنية الحاملة للسلاح دوس على الدستور وقوانين البلاد وتعد على النظام السياسي وعلى صلاحيات رئيس الحكومة".
ووفق الدستور التونسي، فإن رئيس الجمهورية هو القائد الأعلى للقوات المسلحة العسكرية، فيما يشرف رئيس الحكومة على وزارة الداخلية وجميع القوات الأمنية المنضوية تحت لوائها.
وتشهد الساحة السياسية انقسامات حادة بين الرئيس ورئيس الوزراء وحزامه السياسي الذي تقوده حركة النهضة، وتسود خلافات بين سعيّد والمشيشي منذ إعلان الأخير في 16 يناير الماضي، تعديلا حكوميا صادق عليه البرلمان لاحقا.
لكن حتى اليوم لم يوجه سعيّد دعوة إلى الوزراء الجدد لأداء اليمين الدستورية أمامه، معتبرا أن التعديل شابته خروقات، وهو ما يرفضه المشيشي.
والمشيشي هو وزير الداخلية في حكومة إلياس الفخفاخ السابقة، واختاره الرئيس سعيّد في يوليو الماضي لتشكيل حكومة جديدة، لكن المشيشي انحاز في ما بعد لحركة النهضة وحلفائها، وسط اتهامات له بأن التحوير الوزاري الذي أجراه كان المستهدف منه الوزراء المحسوبين على الرئيس.
وتعاني تونس من أزمات اقتصادية واجتماعية فاقمتها جائحة كورونا، حيث شهد الاقتصاد تراجعا حادا خلال العام الحالي، فيما تشهد عدة مناطق احتجاجات في ظل تفاقم الغضب الشعبي من الطبقة السياسية الحاكمة والإجراءات المجحفة لاحتواء جائحة كورونا، التي تعتبر محل تجاذبات بين سعيّد والمشيشي.