آخر يهودي في أفغانستان يسعى للمغادرة خوفا من عودة طالبان

احتمال عودة طالبان إلى السلطة بعد تأكيد جو بايدن على رحيل القوات الأميركية يدفع بيهود أفغانستان إلى البحث عن مكان أمن.
الجمعة 2021/04/30
مغادرة قسرية باتجاه إسرائيل

كابول - رفض زيبولون سيمينتوف مغادرة أفغانستان لعقود، ونجا من الغزو السوفييتي والحرب الأهلية الدامية وحكم طالبان الوحشي واحتلال تحالف أجنبي بقيادة الولايات المتحدة بلده. لكن عناده بلغ حدوده، إذ أن احتمال عودة طالبان إلى السلطة أقنع آخر يهودي في البلاد بأن الوقت قد حان لحزم أمتعته.

وقال سيمينتوف من الكنيس اليهودي الوحيد في كابول الواقع في مبنى قديم وسط العاصمة “لماذا أبقى؟ إنهم (طالبان) يعتبرونني كافرا”.

وأضاف “أنا الأخير، اليهودي الوحيد في أفغانستان (..) قد تزداد الأمور سوءا بالنسبة إليّ هنا. قررت المغادرة إلى إسرائيل إذا عادت طالبان”.

ويبدو أن هذا الاحتمال ممكن. فقد أكد الرئيس جو بايدن رحيل القوات الأميركية بحلول 11 سبتمبر، في الذكرى العشرين لهجمات العام 2001، فيما وصلت محادثات السلام بين طالبان والحكومة إلى طريق مسدود.

وسيمينتوف الذي ولد في خمسينات القرن الماضي في مدينة هرات في غرب أفغانستان التي كانت في السابق ملجأ لعائلات التجار اليهود الأثرياء، جاء إلى كابول في أوائل الثمانينات بسبب الهدوء النسبي الذي كان سائدا في العاصمة آنذاك وقت الغزو السوفييتي.

واليهود موجودون في أفغانستان منذ أكثر من 2500 عام. وعاش عشرات الآلاف منهم في هرات حيث تشهد أربع كنائس يهودية على الوجود القديم لهذا المجتمع في المدينة.

اليهود في أفغانستان منذ أكثر من 2500 عام، حيث تشهد أربع كنائس يهودية على الوجود القديم لهذا المجتمع

لكن منذ القرن التاسع عشر، غادر اليهود البلاد تدريجا، ويعيش الكثير منهم الآن في إسرائيل. وعلى مر العقود، غادر أفغانستان كل أفراد عائلة سيمينتوف بمن فيهم زوجته وابنتاه. وهو متأكد الآن أنه آخر يهودي أفغاني في البلاد.

وتعيش زوجته، وهي يهودية من طاجيسكتان، مع ابنتيهما في إسرائيل منذ 1998، لكنه اختار البقاء في أفغانستان لرعاية الكنيس اليهودي الوحيد في البلاد رغم العنف والتوتر السياسي.

مرتديا الشلوار، وهو اللباس الأفغاني التقليدي المؤلف من قميص طويل فوق سروال فضفاض، وواضعا كيبا سوداء على رأسه، يتذكر بحنين “الفترة المباركة”، كما يصفها، في السبعينات.

وأكد سيمينتوف الذي قال إنه فخور بكونه أفغانيا، “تمتّع المؤمنون بكل الأديان بالحرية الكاملة بممارسة عبادتهم في ذلك الوقت”.

لكن التطورات الأخيرة في البلاد جعلت واقعها مريرا، خصوصا بين عامي 1996 و2001 عندما كانت طالبان في السلطة وفرضت رؤيتها الأصولية. حتى أنها حاولت إجباره على ترك دينه.

وأوضح “نظام طالبان المشين وضعني في السجن أربع مرات”، ذاكرا واقعة اقتحمت خلالها مجموعة من مقاتلي طالبان الكنيس. وقالوا “إنها إمارة إسلامية وليس لليهود أي حقوق هنا”.

ونهب مقاتلو طالبان المكان ومزقوا كتبا عبرية وحطموا شمعدانا يهوديا وأخذوا كتاب توراة قديما، وفقا له.

ورغم كل شيء، لا يزال سيمينتوف يرفض مغادرة بلاده. وقال بفخر وهو يقبل أرضية الكنيس “قاومت. لقد جعلت دين موسى يفتخر به هنا”.

الرئيس الأميركي جو بايدن أكد رحيل القوات الأميركية بحلول 11 سبتمبر، في الذكرى العشرين لهجمات العام 2001، فيما وصلت محادثات السلام بين طالبان والحكومة إلى طريق مسدود

ويواصل سيمينتوف الاحتفال برأس السنة اليهودية الجديدة ويوم كيبور (يوم الغفران)، في الكنيس وأحيانا برفقة أصدقاء مسلمين.

وتابع متحدثا بلهجة مدينة هرات وهي إحدى اللغتين الرسميتين في البلاد “لولاي، لكان الكنيس قد بيع العشرات من المرات”.

وفي كل سبت يعكف سيمينتوف على تنظيف وتهيئة قاعة الصلاة بالمعبد ليصعد بعدها على المنبر ويتلو من التوراة وكان في بعض الأحيان يزوره الصحافيون اليهود من حول العالم ليشاركوه صلواته في كل سبت، وهذا ما جعله يحصل على شهرته كآخر يهودي في أفغانستان.

واستطاع سيمينتوف الصمود من خلال الصدقات التي قدمها له أصدقاؤه وأقاربه. ويعد وجباته على موقد غاز صغير في الغرفة على سجادة حمراء. وعلى طاولة في إحدى الزوايا، كتب وصور لابنتيه يقبلها دون توقف.

ويعترف سيمينتوف بأنه اعتقد عام 2001، عندما أطيحت حركة طالبان من السلطة بعد التدخل الأميركي، أن البلاد ستزدهر وقال بأسف “اعتقدت أن الأوروبيين والأميركيين سيحلون مشكلات هذا البلد (..) لكن لم يكن الأمر كذلك”.

وسيأسف جيرانه لرحيله. وقال شاكر عزيزي الذي يدير محل بقالة مقابل الكنيس “لقد كان زبونا لدي لمدة 20 عاما (..) إنه رجل طيب. إذا غادر، سنفتقده”.

لكن سيمينتوف يخشى المصير الذي ينتظره إذا بقي، مقتنعا بأن حركة طالبان لم تتغير وأوضح “مازالت طالبان كما كانت قبل 21 عاما”.

وختم “لقد فقدت الثقة في أفغانستان (..) لم تعد هناك حياة هنا”، آملا بأن يشعر بأنه في وطنه في إسرائيل.

ويتوقع سيمينتوف أن يعود اليهود الأفغان إلى وطنهم حال حدوث سلام واستقرار الوضع، حيث يقول “لدى إتمام السلام سيعود المجتمع اليهودي ليستثمر ويساهم في بناء أفغانستان مع شعبها، فوطننا هو قلب آسيا وموارده كثيرة ولكن لن نستطيع الانتفاع بها دون أن يكون السلام والأمن أولا”.

5