تسجيل مسرّب لظريف يكشف خيوط سيطرة الحرس الثوري على الدبلوماسية الإيرانية

البرلمان الإيراني يحقق في المقابلة المسربة ويتوعد بمعاقبة الخونة.
الاثنين 2021/04/26
الدبلوماسية الإيرانية رهينة ساحة المعركة

طهران - أثار تسريب مقابلة لوزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف مساء الأحد إلى مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام الناطقة باللغة الفارسية، كشف فيها دور قائد فيلق القدس السابق الجنرال قاسم سليماني في السياسة الخارجية الإيرانية، ضجة كبيرة في إيران، مما دفع برلمانيون إلى المطالبة بالتحقيق في الموضوع.

وفي المقابلة التي استمرت أكثر من 3 ساعات مع الاقتصادي الموالي للحكومة سعيد ليلاز، والتي أجريت في مارس الماضي، أجاب ظريف على أسئلة حول سياسات وزارة الخارجية خلال فترة ولايته.

ووصف ظريف استراتيجية النظام الإيراني بـ"الحرب الباردة"، قائلا إن "الميدان له الكلمة الأولى في السياسة الخارجية"، في إشارة أن العمليات العسكرية وتدخل قائد الحرس الثوري في الاستراتيجية الدبلوماسية للبلاد.

وردا على سؤال حول سبب هذا التدخل العسكري في قرارات الحكومة، وجه ظريف خطابه إلى مؤيدي النظام، قائلا "يحدث هذا عندما يكون الوسط العسكري هو من يقرر. يحدث ذلك عندما يريد الميدان (العسكري) الهيمنة على استراتيجية البلاد، وبإمكانهم اللعب معنا".

وعندما سأله ليلاز عما إذا كانت هذه القرارات والتدخلات تستحق العناء، هل تم الحصول على شيء للدبلوماسية في المقابل؟ رد ظريف "ما الذي حصلنا عليه؟ قولوا أنتم".

ووصف ظريف، مرة أخرى، دوره في السياسة الخارجية للبلاد بـ"الصفر"، قائلا "يجب أن تكون سياسة ساحة المعركة أيضا إحدى وظائف استراتيجية الدولة، لكن هذا ليس هو الحال، فسياسة ساحة الحرب هي التي تحدد ماهية سياسة البلاد".

وأشار الوزير الإيراني، في جزء من هذه المقابلة، إلى علاقته بقاسم سليماني، قائلا "لم أتمكن أبدا في مسيرتي المهنية من القول لقائد (ساحة المعركة سليماني وغيره) أن يفعل شيئا معينا لكي أستغله في الدبلوماسية".

وأضاف "في كل مرة، تقريبا، أذهب فيها للتفاوض كان سليماني هو الذي يقول إنني أريدك أن تأخذ هذه الصفة أو النقطة بعين الاعتبار. كنت أتفاوض من أجل نجاح ساحة المعركة"، مستشهدا بمثال مشاركة الحرس الثوري في محادثات وزارة الخارجية مع وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، قائلا "إن سليماني أعطاه قائمة بالنقاط التي كان يجب أخذها في الاعتبار".

وأقر ظريف بأنه ضحى بالدبلوماسية كثيرا لصالح "ساحة المعركة"، مضيفا أنه لم يتمكن يوما من إقناع سليماني بطلباته، وضرب مثلا حين طلب منه عدم استخدام الطيران المدني في سوريا، ليرفض الرجل، وفق التسريب.

 واسترسل ظريف في حديثه عن نفوذ سليماني، وقال إن وزير الخارجية الأميركي الأسبق جون كيري حذره من أن رحلات شركة الطيران الوطنية الإيرانية زادت إلى سوريا ستة أضعاف منذ رفع العقوبات الأميركية عنها.

وفي تعليقه بشأن تقديم استقالته بعد زيارة الرئيس السوري بشار الأسد إلى إيران، قبل نحو أربعة أعوام، قال ظريف إنه رتب للزيارة مع سليماني، ولكن عندما حضر ضيف إيران السوري لم يكن هو على علم بذلك.

وفي جزء من التسجيل الصوتي، قال ظريف إنه بعد الانتهاء من وضع اللمسات الأخيرة على الاتفاق النووي في 2015، وحتى يوم تنفيذه، وقعت أحداث ضد الصفقة بدأت بسفر سليماني إلى موسكو دون التنسيق مع الخارجية، وانتهت باحتجاز سفينة أميركية، والهجوم على السفارة السعودية في طهران.

 ونفت وزارة الخارجية الإيرانية صحة التسريب، وقالت إنه مجتزأ، لكن نفيها لم يحجب في كل الأحوال ما يبدو من حجم الانقسامات التي تعصف بأركان النظام الإيراني.

وقوبل نشر الملف الصوتي للمقابلة المثيرة للجدل مع ظريف برد فعل حاد من البرلماني نصرالله بجمان فر، قائلا إن "هذه المقابلة تحدت الخطوط الحمراء للنظام"، كما ربط البرلماني روح الله متفكر آزاد هذه المقابلة بالمحادثات النووية والانتخابات المقبلة.

وقال في تغريدة على حسابه بموقع تويتر "رسالة ظريف واضحة تماما، إما تدعونني أجري مفاوضات جديدة بأي نتيجة أو سأترشح للرئاسة".

وكشف عضو هيئة الرئاسة البرلمانية أحمد أمير آبادي أن البرلمان الإيراني سيقوم بالتحقيق في "تسريب المعلومات السرية عن البلاد"، موضحا أنه "بعد التحقيق في قضية المقابلة المسربة، ستتم إحالة الخونة إلى القضاء".

وقال عضو لجنة الأمن القومي بالبرلمان الإيراني جليل رحيم جهان آبادي "لقد صرح ظریف مرارا بأنه لا ينوي الترشح لرئاسة الجمهورية". 

ووصف جهان آبادي الغرض من نشر هذه "المقابلة الهامة جدا" بأنه "ضربة لمحادثات فيينا، وتكملة للتخریب الأخير في منشأة نطنز النووية".