رحيل ديبي يضع تشاد على طريق المجهول

الجبهة المتمردة ترفض قيادة نجل الرئيس الراحل الفترة الانتقالية وتتقدم نحو العاصمة.
الأربعاء 2021/04/21
أزمة معقدة

نجامينا – دشن رحيل الرئيس إدريس ديبي إتنو الذي حكم تشاد لأكثر من ثلاثين عاما وكان شريكا رئيسيا للغرب ضد الجهاديين في منطقة الساحل، فترة من عدم اليقين في هذا البلد الذي وعد المتمردون فيه بالزحف إلى العاصمة نجامينا.

وأعلنت جبهة التغيير والوفاق المتمردة في تشاد، في بيان للمتحدث الرسمي باسم الجبهة كينغ أبي أوجوزيمي الأربعاء، رفضها للفترة الانتقالية في البلاد تحت قيادة نجل الرئيس الراحل إدريس ديبي.

والثلاثاء أعلن جيش تشاد تكوين مجلس عسكري انتقالي لإدارة البلاد برئاسة الجنرال محمد إدريس ديبي (37 عاما) نجل الرئيس الراحل، عقب مقتل والده الذي يحكم البلاد منذ 30 سنة، متأثرا بجروح أصيب بها أثناء تواجده في ساحة المعارك في مواجهة متمردين شمالي البلاد.

وقال أوجوزيمي "تشاد ليست مملكة، ولا يمكن توريث السلطة من الأب إلى الابن في بلادنا"، مضيفا أن "الجبهة عازمة على التقدم نحو العاصمة التشادية نجامينا لدق أجراس السلام والتغيير، ونبذ الكراهية والانقسام".

وكان محمد إدريس ديبي قد عين الثلاثاء 15 جنرالا من المعروف أنهم من بين الأكثر ولاء لرئيس الدولة، لتشكيل المجلس العسكري الانتقالي.

وأكدت هذه الهيئة أن مؤسسات جديدة ستظهر بعد انتخابات "حرة وديمقراطية" في غضون عام ونصف العام.

ووعد المتمردون الذين يشنون هجوما ضد النظام التشادي منذ تسعة أيام، بالتقدم إلى نجامينا ورفضوا "بشكل قاطع" هذا المجلس العسكري.

وستنظم الجنازة الوطنية لإدريس ديبي إتنو الذي توفي الاثنين بحسب رئاسة الجمهورية، الجمعة في نجامينا.

وأعلن قصر الإليزيه في بيان أن فرنسا "فقدت صديقا شجاعا"، مشددا على أهمية "الانتقال السلمي" و"التزامها الراسخ باستقرار تشاد ووحدة وسلامة أراضيها".

ودعا وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان إلى فترة انتقالية عسكرية محدودة تؤدي إلى "حكومة مدنية وشاملة".

وأكدت وزيرة القوات المسلحة الفرنسية فلورنس بارلي أن فرنسا "خسرت حليفا أساسيا في مكافحة الإرهاب في منطقة الساحل".

وأُعلن فوز الماريشال ديبي مساء الاثنين – لم يكن قد أعلن عن إصابته – في الانتخابات الرئاسية التي جرت في 11 أبريل لولاية رئاسية سادسة. وحسب الإعلان الذي صدر قبل الموعد المحدد له، حصل ديبي على 79.32 في المئة من الأصوات.

وكان هذا العسكري البالغ من العمر 68 عاما، متمردا قبل أن يستولي على السلطة بقوة السلاح في 1990. ولم يكف عن الظهور ببزة عسكرية وعن تقديم نفسه "كمحارب".

وقد أصيب بجروح خطيرة عندما توجه إلى الجبهة ليقود بنفسه القتال ضد رتل من المتمردين المتسللين من ليبيا.

وقال الناطق باسم الجيش الجنرال عزم برماندوا أغونا عند إعلانه وفاة ديبي على التلفزيون الرسمي الثلاثاء إن الماريشال "تولى قيادة العمليات خلال المعركة البطولية التي خاضها ضد جحافل الإرهاب القادمة من ليبيا"، موضحا أنه "جرح خلال الاشتباكات وتوفي بعيد إعادته إلى نجامينا".

وأوضح الجيش أن المجلس العسكري الانتقالي "برئاسة الجنرال محمد إدريس ديبي يضمن الاستقلال الوطني وسلامة الأراضي والوحدة الوطنية واحترام المعاهدات والاتفاقات الدولية ويؤمن انتقالا لمدة 18 شهرا"، فيما فُرض حظر تجول وأغلقت الحدود في البلاد.

وكان ديبي أطاح بحسين حبري (حكم من 1982 إلى عام 1990) بعدما كان قائد الجيش في عهده. وقام الحرس الرئاسي لسنوات بقمع أي معارضة بقوة، قبل أن يخفف من تشدد نظامه ويفتحه لتعددية حزبية "مضبوطة"، على حد قول الخبراء.

وقد تمت ترقيته إلى رتبة مشير في أغسطس الماضي بسبب إنجازات عسكرية، بعد أن قاد شخصيا قبل عام هجوما في عمق نيجيريا المجاورة لملاحقة جهاديي بوكو حرام الذين جاؤوا لمهاجمة ثكنة عسكرية تشادية.

ويعتبر الغربيون، وخصوصا فرنسا القوة الاستعمارية السابقة، نظام إدريس ديبي شريكا أساسيا في الحرب ضد الجهاديين في منطقة الساحل. وتحيط بتشاد التي لا تملك أي منفذ على البحر، دول تشهد اضطرابات مثل ليبيا والسودان وجمهورية أفريقيا الوسطى، وهي مساهم رئيسي بالجنود والسلاح في هذا النزاع.

ويشارك الجيش التشادي في قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في مالي بواحدة من فرقه الرئيسية، ويعتبر الأكثر خبرة في القوة المشتركة في الساحل (موريتانيا ومالي وبوركينا فاسو والنيجر وتشاد).

وشهدت تشاد عبر تاريخها سلسلة من حركات التمرد القادمة من الشمال من ليبيا أو السودان المجاور. وكان إدريس ديبي نفسه قدم إلى السلطة على رأس قوات من المتمردين اقتحمت العاصمة نجامينا.

وخلال عطلة نهاية الأسبوع، انضم إلى ابنه محمد لقيادة القتال في الشمال ضد تحالف المتمردين.

وأعلن الجيش التشادي الاثنين أنه تمكن من سحق المتمردين، في حين تحدثت شائعات عن قتال عنيف أدى إلى سقوط العديد من القتلى والجرحى من الجانبين، لكن الجيش لم يعترف سوى بستة قتلى في صفوفه وقال إنه قتل أكثر من 300 "عدو".

ويواجه المتمردون التشاديون في جبل تيبستي على الحدود مع ليبيا، ولكن أيضا في الشمال الشرقي المتاخم للسودان، الجيش باستمرار من قواعدهم الخلفية في هذين البلدين.

وفي فبراير 2019 أوقف قصف جوي فرنسي بطلب من نجامينا، المتمردين القادمين من ليبيا لمحاولة إسقاط النظام. وقد تمكنوا في فبراير 2008 من الوصول إلى أبواب القصر الرئاسي قبل صدهم بفضل الدعم العسكري من باريس أيضا.