قيس سعيّد يرفض تعديلات البرلمان على المحكمة الدستورية

تونس - أبلغ الرئيس التونسي قيس سعيّد في رسالة وجهها إلى رئيس البرلمان راشد الغنوشي رفضه الإمضاء على التعديلات التي أدخلها البرلمان على قانون المحكمة الدستورية المتعلقة بالآجال الدستورية، في خطوة تفاقم حالة الصدام بين رئاسة الجمهورية والبرلمان وتفتح على صراع قانوني ودستوري في البلاد.
وأكد سعيّد في بيان نشرته الرئاسة التونسية أن "لجوءه إلى حق الرد يكفله له الدستور بجملة من الحجج القانونية، أهمها تلك المتصلة بالآجال الدستورية التي نصت عليها الفقرة الخامسة من الفصل 148 من دستور سنة 2014، فضلا عن عناصر قانونية أخرى متصلة بما شهدته تونس منذ وضع الدستور إلى اليوم".
وشدد الرئيس التونسي على ضرورة احترام كل أحكام الدستور بعيدا عن أي تأويل غير علمي بل وغير بريء.
وتأتي هذه الخطوة التي يراها مراقبون متوقعة في ظل حالة من التوتر تسود المشهد السياسي في تونس والصدام بين أقطاب رؤوس السلطة الثلاثة في تونس (رئاسة الجمهورية، رئاسة الحكومة ورئاسة البرلمان).
وباتت المحكمة الدستورية عنوان المعركة التي يبدو أن فصولها ستكون محتدمة بين سعيّد ورئيس البرلمان الذي يتزعم حركة النهضة الإسلامية، التي تسعى جاهدة لوضع يدها عليها بعد جملة من التعديلات التي ترمي إلى تركيز محكمة دستورية على مقاسها.
وتتخوف الأوساط السياسية من تعذّر انتخاب أعضاء المحكمة الدستورية، الذي سيطرح من جديد تعديل القانون المنظم لها، فضلا عن موضوع خفض الأغلبية المطلوبة للتصويت على انتخاب أعضائها، من الأغلبية المعززة للأصوات بـ145 إلى الأغلبية المطلقة بـ109 أصوات.
واقترح الغنوشي أن يتم تخفيض عدد الأصوات اللازمة دستوريا لتمرير أعضاء المحكمة من 145 صوتا، أي ثلثي نواب البرلمان، إلى 109 أصوات، وهي نسبة أصوات قادرة على تجميعها النهضة لتمرير أسماء تخضع لإملاءاتها.
ويرى مراقبون أن تدخل سعيّد وتقديمه لتأويلات دستورية على شاكلة تدخله في الأزمة الحكومية، يضعف طموح النهضة ومساعيها للاستفراد بالحكم، وهو ما يفسر رغبتها في تسريع وتيرة تركيز المحكمة الدستورية لتطويق تحركات قيس سعيّد ومنع تأويله للدستور.
وتتمثل اختصاصات المحكمة الدستوريّة في مراقبة دستورية كل من تعديل الدستور والمعاهدات، إلى جانب مراقبة دستورية مشاريع القوانين ومراقبة دستورية النظام الداخلي للبرلمان.
وتتعهّد المحكمة الدستوريّة بمهام أخرى وهي إعفاء رئيس الجمهورية وإقرار فراغ منصبه، وتلقي يمين القائم بمهام الرئيس واستمرار الحالة الاستثنائية والنظر في النزاعات المتعلقة باختصاص كل من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة.
وفشل مجلس النواب في انتخاب بقية أعضاء المحكمة، بعد أن عقد 6 دورات انتخابية وأعاد فتح باب الترشيح في ثلاث مناسبات، بسبب الخلافات بين الكتل والأحزاب حول نزاهة المرشحين وحيادهم واستقلاليتهم.
وتفتقد تونس إلى محكمة دستورية تأخر وضعها منذ صدور دستور جديد للبلاد عام 2014، والذي ينص على تأسيسها في خلال عام من تنظيم الانتخابات التشريعية.