لبنان يتجه لرفع الدعم مع نضوب الاحتياطات الأجنبية

بيروت - أكد وزير المالية في حكومة تصريف الأعمال غازي وزني أنه يجب الموافقة سريعا على خطة لتقليص الدعم وإصدار بطاقات تموينية، إذ إن الاحتياطات الأجنبية المتبقية للدعم تقترب من النفاد.
وأشار وزني إلى أن المال المخصص لتمويل الواردات الأساسية في بلده سينفد بحلول نهاية مايو، خاصة وأن التأخيرات في إطلاق خطة لخفض الدعم تبلغ كلفتها 500 مليون دولار شهريا.
وقال إن المصرف المركزي طلب من حكومة تصريف الأعمال اتخاذ قرار بشأن الرفع التدريجي للدعم، لتقنين احتياطيات النقد الأجنبي المتبقية في الوقت الذي ينهار فيه اقتصاد لبنان.
ويرى خبراء أن الوضع في لبنان يتجه نحو الأسوأ مع تآكل الاحتياطي من العملة الصعبة، في بلد يستورد معظم حاجياته الأساسية، وقد بات رفع الدعم عن المواد الأساسية أمرا واقعا لا محالة.
وتخطط الحكومة لاعتماد بطاقة تموينية تسمح بوصول الدعم مباشرة إلى العائلات الفقيرة، في ظل أزمة إنسانية كبيرة في البلاد تلوح في الأفق القريب مع ارتفاع أعداد المهددين بالجوع إلى 100 ألف مواطن، يحمّل اللبنانيون الحكومات المتعاقبة المسؤولية عنها من خلال فشلها في وضع سياسة اجتماعية ذات جدوى.
ويشهد لبنان انهيارا ماليا غير مسبوق، وتعثرا في سداد ديونه الضخمة، حيث أصاب الشلل القطاع المصرفي وسجل التضخم ارتفاعا حادا.
وخسر عشرات الآلاف من اللبنانيين مصدر رزقهم أو جزءا من مداخيلهم جراء الأزمة التي دفعتهم إلى النزول إلى الشارع، ناقمين على الطبقة السياسية التي يتهمونها بالفساد والعجز عن إيجاد حلول للأزمات المتلاحقة.
وزاد انهيار العملة من تفاقم معدلات التضخم ومعاناة المواطن اللبناني، الذي يتقاضى راتبه بالعملة المحلية.
وأشار وزني إلى أن خطة الدعم تقلص قائمة المواد الغذائية المدعومة من 300 سلعة إلى 100، وتقلل دعم الوقود والأدوية، مع استحداث بطاقات تموينية تحصل عليها 800 ألف أسرة فقيرة، وذلك بهدف خفض الإنفاق السنوي على الدعم البالغ ستة مليارات دولار إلى النصف.
وأضاف أن الخطة الشاملة للدعم رهن موافقة البرلمان، إذ يجب أن يصادق على التمويل للبطاقات، وقال إن رئيس حكومة تصريف الأعمال يرغب في أن يكون استحداث البطاقات مرتبطا بإلغاء الدعم، في توضيح لتفاصيل عملية من المرجح أن تستغرق وقتا.
وتُستنزف الاحتياطيات الأجنبية بوتيرة أسرع مقارنة مع اتخاذ المسؤولين خطوات جادة لترشيد استخدام المال المتبقي، ودعم الواردات الأساسية ومساعدة الفئات الأكثر ضعفا.
وخسرت العملة أغلب قيمتها منذ أواخر 2019، مما يلقي بأكثر من نصف المواطنين في براثن الفقر مع ارتفاع الأسعار.
لكن الساسة لم يتفقوا بعد على خطة إنقاذ أو حكومة جديدة منذ استقالة الحكومة في أغسطس، على خلفية انفجار مرفأ بيروت الذي أسفر عن مقتل 200 شخص.
ومر عام منذ أن أشار رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب إلى انخفاض الاحتياطيات على نحو خطير، وذلك لدى إعلانه تعثر لبنان في سداد دين سيادي.
وأفاد وزير المالية بأن احتياطيات النقد الأجنبي مستقرة عند نحو 15.8 مليار دولار. ويعني ذلك أن الدعم باق لشهرين على أفضل تقدير قبل بلوغ مستوى الاحتياطي الإلزامي، وهو ما تودعه البنوك المحلية بالعملة الأجنبية في البنك المركزي، والذي يقدره وزني بنحو 15 مليار دولار.
وأشار إلى أنه في حالة استمرار استنزاف احتياطيات المصرف المركزي من العملات الأجنبية في المستقبل، فسيمس في النهاية بما تبقى من أموال المودعين.
ولم يرد حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة، الذي اعتبر أن الاحتياطيات الإلزامية يجب ألا تستخدم في تمويل الواردات، حتى الآن على طلب للتعليق على الأرقام.
وإلى جانب دعمه سلة الغذاء، سحب المصرف المركزي أيضا من الاحتياطيات لدعم القمح والوقود والأدوية مع نضوب تدفقات الدولار.
وأثارت التعليقات حول نهاية وشيكة للدعم، عمليات شراء مدفوعة بالذعر ومخاوف من نقص السلع في بلد يعتمد على الاستيراد.
وقال وزني إن احتمال حدوث "ردة فعل قاسية" على رفع الدعم يشكل تحديا، لكنه أضاف أن "المشكلة اليوم هي أن الحكومة حكومة تصريف أعمال وهذا قرار صعب اجتماعيا وماليا... لكنه ضرورة وملح. ويفترض عدم إضاعة الوقت في اتخاذه".
وينضم وزير المالية إلى عدد كبير من المسؤولين اللبنانيين والأجانب الذين يدعون القيادات السياسية إلى إنهاء الجمود في المحادثات الرامية إلى تشكيل حكومة جديدة، محذرا من أن غياب ذلك سيعني حدوث فوضى.
وتقف الدولة عاجزة عن تنفيذ الإصلاحات المطلوبة منها دوليا على الصعيد السياسي والاقتصادي، لانتشال لبنان من انهيار غير بعيد في ظل المؤشرات الحالية وتقاعس النخبة السياسية المتحكمة في المشهد عن التحرك سريعا.