مصانع الجعة الألمانية تختار الزبائن بدل البالوعات لتصريف منتجاتها

فكرة التخلص من مخزون البيرة من المصانع بصرفه في البالوعات بدت وكأنها تمثل نوعا من الإسراف والإهدار.
الخميس 2021/04/01
إرضاء الزبائن

برلين - لم يكن العام الأول من تفشي جائحة كورونا جيدا بالنسبة إلى مصانع الجعة الألمانية. فمع إلغاء الاحتفالات والفعاليات، وإغلاق المطاعم والحانات لعدة أشهر، صار كل ما على مصانع الجعة أن تفعله هو أن ترقب الموعد الذي يفضل استهلاك منتجاتها قبله، كما أن فكرة التخلص من المخزون الذي بذلت في إنتاجه جهدا شاقا بصرفه في البالوعات، بدت وكأنها تمثل نوعا من الإسراف والهدر، ومن ثم طرح البعض فكرة جديدة وهي توزيعها مجانا.

وتم تنفيذ هذه الفكرة في مصنع إيسري للجعة بمنطقة ألجاو بالجنوب الألماني الذي يلتزم بالطرق الطبيعية التقليدية في الإنتاج، وتم توزيع 2500 لتر من الجعة التي اقترب تاريخ صلاحيتها على الانتهاء مجانا، ويقول ديفيد فريك المسؤول بالمصنع “هذه النوعية الفاخرة من الجعة لا يمكن تدميرها، وقبل يومين أرسلت دعوة إلى معارف قريبين مني لكي يأتوا لأخذ الجعة”.

ومن المعروف أن الأخبار الجيدة تنتقل بصورة سريعة، وبالتدريج جاء المئات من الأشخاص حاملين أكوابا كبيرة مخصصة لتناول الجعة وأواني مختلفة، ومما أثار الإعجاب أن كل فرد منهم كان يرتدي كمامة من النوع المزود بالفلتر، كما حافظوا على المسافات بينهم وفقا للإجراءات الاحترازية المعلنة، كما لم يتناولوا الجعة في موقع المصنع وفقا لما يقوله فريك، ومع ذلك فليس من المحتمل أن يعاود فريك تقديم هذه الدعوة المجانية مرة أخرى.

ومر مصنع أوشسنر بتجربة مماثلة حيث وزع المشروب دون مقابل خلال يومي جمعة، ولإطفاء ظمأ القادمين لتناول الجعة التي يتم توزيعها عبر صنابير، قام المصنع بتحويل شاحنة كبيرة في الفناء إلى محطة لتزويد الجعة وفقا لما تقوله إيفوني شميغ.

ومثلما حدث مع مصنع إيسري للجعة جاءت مجموعة من الأشخاص، وهي تحمل مختلف أنواع الأواني للحصول على الجعة الطازجة المندفعة من الصنابير، وأيضا مثلما حدث مع إيسري يفكر المصنع في عدم تكرار هذا التوزيع المجاني.

وقررت حانة في مدينة إيسن بالمنطقة الغربية من ألمانيا التخلص من كميات كبيرة من الجعة قبل حدوث الإغلاق الثاني في البلاد، عن طريق بيعها بأسعار مخفضة للغاية، وبرغم ذلك وكما يقول صاحب الحانة كريستيان فيشر لا زالت 30 كرتونة متبقية في الثلاجات مع اقتراب موعد انتهاء صلاحيتها، ويؤكد فيشر أن تدميرها ليس خيارا مطروحا.

ويعتزم فيشر أن يوزع الجعة مجانا في إطار حملة لشكر زبائنه معتادي التردد على حانته، مع الالتزام بالقواعد الاحترازية للوقاية من فايروس كورونا.

وتبرعت شركة “فيلينغر” السنة الماضية بنحو ألفين وستمئة لتر من الجعة للزبائن لأن عمرها الافتراضي لصلاحية استهلاك هذه البيرة مدته ثمانية أسابيع.

ومع سماع خبر البيرة المجانية اصطف العشرات من الأشخاص أمام مصنع البيرة مرتدين كماماتهم ومحافظين على المسافة الاجتماعية في انتظار استلام زجاجات البيرة المجانية.

وقال فرانتس ماست صاحب مصنع الجعة، “نود أيضا أن نشكر الزبائن، ونأمل أن يدعمونا عندما نعيد فتح أبوابنا، وأن يقبلوا على منتوجنا ويشيرون إليه”.

وكانت لدى مشغلي مقهي كوزموس بميونخ أفكار أخرى، تتعلق بكيفية التعامل مع الفائض من الجعة، وتتمثل في توزيعها كمقو للشعر، وساعد على تنفيذ الفكرة أن أندي ريهم صاحب المقهى ليس نادلا فحسب، وإنما أيضا حاصل على دورة تدريبية في تصفيف الشعر.

ويوضح شريكه فلوريان شوينهوفر قائلا “خطرت على أذهاننا فكرة أنه يتم تقليديا استخدام الجعة كعنصر لتقوية الشعر، واعتاد الناس أن يستخدموها في هذا الغرض، فهي تغذي الشعر وأيضا لا تفسد ولا يكون لها رائحة غير مستحبة”.

ويؤكد شوينهوفر أن الجعة الطازجة لها تاريخ صلاحية يستمر لمدة ثمانية أسابيع، ولا يريد هو أو ريهم إلقاء أي كمية منها.

وأخذ الزوار يملأون المئات من الأباريق الصغيرة بالجعة، وبدا أن الناس يشعرون بالابتهاج من جراء الفكرة غير المعتادة، بل إن مصففي الشعر أقبلوا على الحصول عليها.

وليس من الواضح ما إذا كان الحال قد انتهى بالجعة لتستقر على رؤوس الناس بالفعل أم لا، ويقول شوينهوفر “لا أدري إذا ما كانوا قد تناولوا بعضها”.

هناك أيضا العديد من حالات المخابز التي تشتري الجعة وتستخدمها في صناعة الخبز، وبذلك ساعدت قطاع المطاعم الذي يعاني.

ومع ذلك وعلى الرغم من أن فكرة التوزيع المجاني للجعة رائعة، يتعين أن تظل هي الاستثناء وليست القاعدة، ويقول هولغر إيشيله من رابطة مصانع الجعة الألمانية “إن حملات الترويج للجعة المجانية تخالف قواعد تقييد التواصل الاحترازية، كما أنها تؤدي إلى وضع تكاليف إضافية لعربات نقل الجعة والأفراد الذين يوزعونها”، وإلى جانب ذلك فإن تعبئة أواني الشراب بشكل عشوائي بالجعة المتدفقة من الصنابير، ثم بيعها ليس سهلا من المنظور الفني.

وفي الكثير من الحالات مع ذلك وبغض النظر عن الأفكار الجيدة التي تطرأ على ذهن أصحاب مصانع الجعة، فإن كميات كبيرة من هذا الشراب تنتهي بها الحال في البالوعات، ويوضح إيشيله أن “الجعة التي توزع من الصنابير وتصل قيمتها إلى عدة ملايين من اليوروهات، والتي انتهى تاريخ صلاحيتها أو اقترب يتعين التخلص منها”.

20