البرهان والحلو يوقعان إعلان مبادئ يفصل الدين عن الدولة

الاتفاق على دمج مقاتلي الحركة الشعبية - قطاع الشمال في الجيش السوداني بنهاية الفترة الانتقالية.
الأحد 2021/03/28
فصل الدين عن الدولة خطوة لإحلال السلام

الخرطوم - وقع رئيس مجلس السيادة السوداني عبدالفتاح البرهان  ورئيس الحركة الشعبية ـ شمال عبدالعزيز الحلو الأحد إعلان مبادئ، في خطوة تمهد لكسر الجمود وبدء مفاوضات مع الحركة التي رفضت سابقا الانخراط في مسار السلام لوجود تحفظات على جملة من القضايا، لاسيما في ارتباط بعلاقة الدولة والدين.

وجرت مراسم التوقيع في جوبا عاصمة دولة جنوب السودان بحضور رئيسها سلفاكير ميارديت، راعي المفاوضات، وفق التلفزيون السوداني الرسمي.

واتفق الطرفان على فصل الدين عن الدولة وتكوين جيش واحد في نهاية الفترة الانتقالية، وهو بند لطالما تشبثت به الحركة الشعبية في مقابل رفضه بشدة من قبل المكون العسكري.

وسبق أن انتقد مجلس السيادة قيام رئيس الوزراء عبدالله حمدوك بتوقيع إعلان مبادئ مع الحركة ينص على هذا البند.

ويرى متابعون أن تغير موقف المكون العسكري يعود إلى رغبته في إنجاز استحقاق السلام بشكل كلي للتفرغ إلى التحديات الداخلية، ولاسيما الإقليمية في علاقة بالتوترات مع إثيوبيا.

ومن شأن تقديم السلطة الانتقالية تنازلات لاستيعاب الحلو وحركته تحت مظلة السلام وإنهاء التوترات في المنطقتين (النيل الأزرق وجنوب كردفان) أن يضيّق الخناق على إمكانية توظيف أديس أبابا لبعض قادة الحركات في صراعها الحدودي مع السودان.

كما أن تشبث الجيش برفض فصل الدين عن الدولة كان يهدد بالخصم من رصيده لدى الإدارة الأميركية الجديدة، التي تحرص على دعم انتقال ديمقراطي في السودان.

ويأتي الاتفاق بعد سلسلة من الاجتماعات عقدت خلال الشهر الجاري تحت رعاية رئيس جنوب السودان سلفاكير ميارديت.

وينصّ الاتفاق على حياد الدولة في الشؤون الدينية ودمج مقاتلي الجيش الشعبي لتحرير السودان في الجيش السوداني بنهاية الفترة الانتقالية، استجابة لاعتراض المكون العسكري على طلب الحركة الإبقاء على الجيش الشعبي بعد الفترة الانتقالية.

ووفقا لنص إعلان المبادئ، اتفق البرهان والحلو على توطيد سيادة السودان واستقلاله وسلامة أراضيه. كما أقر الطرفان بالتنوع العرقي والديني والثقافي لسكان البلاد.

وجاء فيه أيضا “ألا تفرض الدولة دينا على أي شخص وتكون الدولة غير منحازة في ما يخص الشؤون الدينية وشؤون المعتقد والضمير. كما تكفل الدولة وتحمي حرية الدين والممارسات الدينية، على أن تضمن هذه المبادئ في الدستور”.

كما نص على “أن يكون للسودان جيش قومي مهني واحد، يعمل وفق عقيدة عسكرية موحدة جديدة، ويلتزم بحماية الأمن الوطني وفقا للدستور، على أن تعكس المؤسسات الأمنية التنوع والتعدد السوداني، وأن يكون ولاؤها للوطن وليس لحزب أو جماعة”.

واتفق الجانبان أيضا على “ترتيبات انتقالية بين الطرفين تشمل الفترة والمهام والآليات والميزانيات وغيرها، ووقف دائم لإطلاق النار عند التوقيع على الترتيبات الأمنية المتفق عليها كجزء من التسوية الشاملة للصراع في السودان”.

وقال رئيس فريق الوساطة الجنوبية في محادثات السلام السودانية توت قلواك إن “لجنة الوساطة ستقوم مباشرة بعد توقيع إعلان المبادئ بوضع جدول المفاوضات بين الأطراف التي قال إنها أصبحت جاهزة للجلوس إلى طاولة المفاوضات”.

وشكلت الخلافات حول فصل الدين عن الدولة عقبة كبيرة أمام عودة الحركة الشعبية - جناح الحلو إلى طاولة التفاوض، حيث تطالب الحركة بأن تكون “العلمانية نصا صريحا في دستور البلاد”، أو الإقرار بحق تقرير المصير لولايتي النيل الأزرق (جنوب شرق) وجنوب كردفان (جنوب).

ويشير التغيير في موقف المكون العسكري إلى أن السلطة الانتقالية لديها رغبة في طي صفحات الحروب التي أضحى استمرارها يمثل خطرا، إذا لم تكن هناك خطوات سريعة قادرة على حل النزاعات التي أفرزت وجود عدد كبير من الحركات المسلحة المتمردة.

وتعمل السلطة الانتقالية على تعزيز الثقة التي بنتها مع الحركات المسلحة التي وقعت على اتفاق جوبا للسلام، بما لا يجعل هناك مجالات للعودة إلى حمل السلاح مجددا، حتى وإن وجدت عقبات تواجه تطبيقه على الأرض.

وفي أكتوبر الماضي وقعت الحكومة السودانية اتفاق سلام مع عدد من الحركات المسلحة، لكنه لم يشمل حركتين رئيسيتين هما حركة الحلو التي تسيطر على مناطق واسعة في جنوب كردفان والنيل الأزرق وحركة تحرير السودان بقيادة عبدالواحد محمد نور ذات النفوذ القوي في دارفور.

ونوفمبر الماضي نظمت ورشة غير رسمية بين الحكومة السودانية وحركة الحلو، تناولت علاقة الدين والدولة في دول ذات طبيعة مماثلة للسودان من ناحية التركيبة السكانية والأغلبية المسلمة، عبر دراسة تجارب دول مثل تركيا وتونس وجنوب أفريقيا. 

ويأمل مراقبون في أن يؤدي اتفاق سلام شامل إلى نهاية حقيقية لتوترات السودان.