وثيقة أممية تكشف عن تحرك في مجلس الأمن ضد الميليشيات الأجنبية في ليبيا

الأمم المتحدة – كشفت تقارير إعلامية فرنسية عن وثيقة تظهر نقاطا سيتم مناقشتها في مجلس الأمن الدولي في ما يتعلق بالشأن الليبي، لاسيما حول الميليشيات والقوات الأجنبية على الأراضي الليبية ومصيرها خلال الأشهر القادمة.
وتشير الوثيقة إلى أن التحرك الطفيف لسحب بعض المرتزقة من ليبيا سيكون غير كاف، مبينة أنه تم سحب قوات أجنبية من وسط وغرب مدينة سرت نحو وادي هراوة على بعد خمسين كيلومترا شرقي المدينة، للمساهمة في تأمين المدينة وإعادة فتح مطار القرضابية.
وتعتبر قضية الميليشيات والقوات الأجنبية على الأرض الليبية من أعقد الملفات التي تواجه الحكومة الليبية والسلطة التنفيذية الجديدة، التي أكدت أنها ستعمل على إخراج تلك القوات.
وأعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في تقرير سلّمه إلى مجلس الأمن الدولي، عن "قلقه العميق" إزاء "التقارير حول استمرار وجود عناصر أجنبية في سرت ومحيطها ووسط ليبيا".
وعبّر غوتيريش في تقريره عن أسفه لأنه "لم يتم الإبلاغ عن أي خفض في عدد القوات الأجنبيّة أو أنشطتها في وسط ليبيا".
وقدّرت الأمم المتحدة في ديسمبر عدد العسكريين والمرتزقة الأجانب في ليبيا بعشرين ألفا.
وقال الأمين العام للمنظمة "أكرر دعوتي إلى جميع الجهات الفاعلة الوطنيّة والإقليميّة والدوليّة لاحترام أحكام اتفاق وقف إطلاق النار من أجل ضمان تنفيذه بالكامل من دون تأخير، وهذا يشمل الامتثال الكامل وغير المشروط لحظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة".
واعتبرت تقارير أممية عديدة سابقة أن الحظر "غير فعال بشكل كامل"، وأشارت إلى أنه يوجد في ليبيا مرتزقة روس وتشاديون وسودانيون وسوريون، إضافة إلى وحدات من الجيش التركي نشرت بموجب اتفاق ثنائي مع حكومة الوفاق الوطني.
وقال المبعوث الأممي لليبيا يان كوبيتش أمام مجلس الأمن إن "انسحابهم من ليبيا سيساهم بشكل كبير في استعادة وحدة البلاد وسيادتها وتضميد الجراح العميقة التي سببتها سنوات عديدة من الصراع الداخلي والصراع النشط والتدخل الأجنبي".
ويفصّل غوتيريش في تقريره مقترحه لنشر تدريجي لبعثة تراقب وقف إطلاق النار ومغادرة المرتزقة والقوات الأجنبية.
ولا يحدد الأمين العام عدد المراقبين المقترحين، لكنه يشير إلى أنهم مدنيون غير مسلحين وسينشرون بالاتفاق مع الأطراف الليبية.
وشدّد كوبيتش على ضرورة أن "يكون فريق المراقبين متوازنا وأن يشمل نساء وشبابا"، دون أن يحدد عدد الفريق.
وستتركز في مرحلة أولى آلية المراقبة المدمجة ضمن بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا على الطريق الساحلي الرابط بين شطري البلاد، على أن يتوسع نطاقها ليشمل مثلثا بين مناطق أبوقرين وبن جواد وسوكنة، قبل الانتقال إلى مرحلة ثالثة محتملة تشمل مناطق أخرى.
واعتبر كوبيتش أن "إعادة فتح الطريق الساحلي خطوة حاسمة للتنفيذ المنتظم والدائم، وإن كان تدريجيا، لاتفاق وقف إطلاق النار" المبرم في أكتوبر.
ورحّب مبعوث الأمم المتحدة بـ"التقدم المهم المنجز في تطهير الطريق الساحلي من مصراتة إلى شرق ليبيا من المتفجرات"، التي بينها ألغام زرعت في إطار المعارك.
وأوضح أنه خلال آخر اجتماع بسرت في 15 مارس للجنة العسكرية المشتركة التي تجمع ممثلين من شرق البلاد وغربها، "جرى الاتفاق على فتح الطريق في غضون 15 يوما".
وطالبت عدة دول بينها المملكة المتحدة والهند والمكسيك وكينيا والنيجر وفرنسا خلال الاجتماع المنعقد عبر الفيديو بـ"رحيل كامل لا رجوع فيه" للمرتزقة، بمن فيهم مقاتلو شركة "فاغنر" الأمنية الخاصة الروسية التي تعرف بقربها من الكرملين، مع ضمان عدم انتشارهم في دول مجاورة لليبيا.
وقالت مندوبة الولايات المتحدة ليندا توماس غرينفيلد إنه يجب "على جميع الأطراف الخارجية المشاركة في هذا الصراع أن تبدأ فورا في الانسحاب من ليبيا".
وأضافت "لا يمكن أن تكون هناك استثناءات لهذه القاعدة. صار استمرار وجود بعض القوات ذريعة لإبقاء قوات أخرى"، دون أن تسمي أيا منها.
وعبّر نظيرها الفرنسي نيكولا دي ريفيير عن أسفه لأن رحيل القوات الأجنبية كان يجب أن يتم بعد ثلاثة أشهر من إبرام اتفاق وقف إطلاق النار في 23 أكتوبر، في حين "مرّ أكثر من 150 يوما" دون أن يتحقق ذلك.
وأكد مندوب روسيا فاسيلي نبينزيا أنه "إذا كان هناك مواطنون روس في ليبيا، فهم لا يمثلون الحكومة الروسية"، وجدد اتهامه لحلف شمال الأطلسي (الناتو) بأن تدخله العسكري قبل عشرة أعوام هو سبب عدم استقرار ليبيا والمنطقة، إثر إطاحة معمر القذافي.
وأفاد دبلوماسيون بأنه من المنتظر صدور قرار من مجلس الأمن تعمل على تجهيزه المملكة المتحدة، يحدّد تفويض آلية المراقبة ويعطي الضوء الأخضر لتفعيلها.