نساء تركيا يصرخن في وجه أردوغان بعد انسحابه من اتفاقية إسطنبول

أنقرة – تشعر النساء التركيات بالخوف من ارتفاع نسبة الخطر المحدق بهنّ من كل جهة، بعد انسحاب الرئيس رجب طيب أردوغان المفاجئ من اتفاقية إسطنبول التي منحتهن خلال السنوات الماضية تطمينات وحقوقا افتقدنها لعقود.
ووجدت التركية يامور دنلي بعد تعرضها للضرب من صديقها السابق، سلامتها في الحماية التي كانت تكفلها لها الاتفاقية الدولية لحماية النساء، التي ناصرتها تركيا في وقت ما لكن رئيسها انسحب منها الآن.
ودنلي واحدة من العشرات من النساء التركيات اللواتي وجدن الحماية في الاتفاقية الدولية، وسط مجتمع ذكوري لا يرى في تعنيف المرأة خرقا للقوانين.
وذهبت دنلي إلى الشرطة ومعها صور الكدمات التي تعرضت لها، وحصلت على أمر بعدم تعرض المعتدي لها لمدة شهرين.
وقالت دنلي، الطبيبة البيطرية التي تبلغ من العمر 33 عاما، “زاد معدل العنف وتحول إلى تعذيب. لم يكن الانفصال سهلا نظرا لكل التهديدات والإهانات، لذلك لجأت إلى القانون”.
وبينما ينظر ممثلو الادعاء في قضية دنلي قالت إن أمر عدم التعرض تم تجديده تلقائيا بموجب بنود اتفاقية أوروبية لمكافحة العنف ضد المرأة والعنف الأسري معروفة باسم اتفاقية إسطنبول، حيث حملت اسم المدينة التي تم صياغتها بها في 2011.
والسبت الماضي صدم الرئيس أردوغان حلفاءه الأوروبيين بإعلان غير مقرر سلفا قال فيه إن تركيا تنسحب من الاتفاقية التي كانت أول دولة توقعها.
وقالت دنلي “الاتفاقية كانت مفيدة للغاية لي لأنها ساعدتني في تخطي ما تعرضت له على نحو سريع جدا. فمع أمر عدم التعرض… والعملية القانونية السريعة، شعرت أنني محمية وأكثر أمنا. اليوم جميعنا على المحك”.
وكشفت بيانات منظمة الصحة العالمية أن 38 في المئة من النساء في تركيا عرضة للعنف من شريك حياة، مقارنة مع 25 في المئة في أوروبا.
وارتفعت معدلات قتل النساء، التي لا توجد لها أي أرقام رسمية، إلى ثلاثة أمثالها تقريبا في تركيا في الأعوام العشرة الماضية، حسبما ذكرت جماعة مراقبة. وقالت الجماعة إن 78 امرأة قُتلن على أيدي رجال أو توفين في ظروف مريبة منذ بداية العام الحالي.
ووفقا لمبادرة “ذا كاونتر مونيومنت”، قُتلت 408 نساء على الأقل في تركيا في عام 2020، وهي مبادرة تحتفظ بسجل لقتل النساء يعود إلى عام 2008، مع تسجيل 67 حالة وفاة أخرى منذ بداية العام. ويحدث هذا وسط إصدار تقارير يومية عن حالات عنف ضد النساء في جميع أنحاء البلاد.
ويرى مراقبون في غياب الإحصاءات الرسمية من السجلات التركية، تواطؤا من الحكومة التي تتساهل في التعاطي مع الانتهاكات بحق المرأة، وتحاول التغطية على ظاهرة مقلقة في المجتمع التركي.
وتسعى الاتفاقية لمنع العنف ضد المرأة بما في ذلك العنف الأسري وإلغاء الحصانة القانونية لمرتكبيه، لكن المحافظين في حزب العدالة والتنمية، الذي يرأسه أردوغان، يقولون إن نص الاتفاقية الذي يشدد على المساواة بين الجنسين ويمنع التمييز على أساس الميل الجنسي يقوض بنية الأسرة ويحض على العنف.
وقال مسؤولون هذا الأسبوع إن القانون المحلي سيحمي النساء في تركيا وليس الاتفاقيات الأجنبية. في المقابل، تؤكد فريدة أجار، وهي أكاديمية ساهمت في صياغة اتفاقية إسطنبول، “من يعارضون اتفاقية إسطنبول لا يريدون أنواع الحماية التي تكفلها الدولة عندما تواجه النساء عنفا أسريا”.
وعندما استيقظت السبت وعلمت بقرار تركيا الانسحاب من الاتفاقية قالت إنها شعرت بصدمة، وأضافت “هذا مزعج للغاية ويجعلني أشعر بتعاسة بالغة وخوف من المستقبل ويأس شديد”.
وترى ناشطات نسويات في تركيا أن حزب العدالة والتنمية الإسلامي الحاكم ينظر إلى النساء من زاوية دينية، ويضعهن في مرتبة أقل من الرجال.
وتقول هؤلاء إن جزءا كبيرا من المسؤولية عن حدوث ذلك يقع على عاتق الحكومة الإسلامية المحافظة وعلى الرئيس أردوغان، الذي أعلن في أكثر من مناسبة عن آرائه الصادمة تجاه المرأة، حيث يعتبر أنه "لا يمكن المساواة في المعاملة بين المرأة والرجال".
وندد حلفاء أنقرة في الغرب بقرار الانسحاب من الاتفاقية، ووصفوه بأنه محير وغير مبرر وينذر بتقويض حقوق المرأة التركية.
وقالت دنلي إن العنف ضد النساء والأطفال في تركيا في ازدياد، وفي حالتها كفلت لها الاتفاقية الأمان الذي يضمن لها حماية سريعة من شريكها السابق.
وأضافت “لا أعلم إن كان سيتم استبدالها أو ما الذي سيحل محلها، لكنني أعيش في خوف”.