ماكرون يتهم تركيا بالتراجع عن تعهداتها بوقف إرسال مرتزقة إلى ليبيا

باريس - اتهم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تركيا بـ"التراجع عن احترام كلمتها" في اتفاقيات التهدئة المبرمة في برلين حول السلام في ليبيا، محذرا في نفس الوقت أنقرة من التدخل في الانتخابات الفرنسية.
وقال ماكرون في إطار فيلم وثائقي بثته قناة التلفزيون الفرنسية "فرانس 5" خلال برنامج "سي - دان لير" عن تركيا في ظل حكم نظيره رجب طيب أردوغان "علينا توضيح دور تركيا في الناتو".
وأضاف الرئيس الفرنسي في البرنامج الذي سُجل قبل إعلان أنقرة انسحابها من اتفاقية إسطنبول في 2011 حول مكافحة العنف الذكوري، "بشكل طبيعي بين الحلفاء، لا يمكن أن تحدث الكثير من الأشياء التي تقوم بها تركيا خلال هذه الأشهر الأخيرة".
واتهم ماكرون تركيا بـ"التراجع عن كلمتها" بإرسال مرتزقة وجيشها إلى ليبيا، منتهكة حسب رأيه، اتفاقيات برلين المبرمة في يناير 2020 لإحلال السلام في ليبيا.
ونقلت تركيا الآلاف من المرتزقة إلى ليبيا، وأغلبهم من السوريين، منذ أن تدخلت العام الماضي لمساندة حكومة فايز السراج، في مواجهة تقدم الجيش الوطني الليبي، الذي كان في وقت من الأوقات قاب قوسين أو أدنى من الدخول إلى قلب العاصمة الليبية.
وتشهد علاقات ماكرون وأردوغان توترا منذ أشهر بسبب تصادم المصالح الجيوسياسية بين باريس وأنقرة، في ليبيا وشرق البحر المتوسط، والقوقاز.
وحذر الرئيس الفرنسي من محاولات تدخل من جانب تركيا في الانتخابات الرئاسية الفرنسية المقبلة التي ستجرى في 2022، قائلا "بالتأكيد. ستكون هناك محاولات للتدخل في الانتخابات المقبلة. هذا مكتوب والتهديدات ليست مبطنة".
ولا تعتبر هذه المرة الأولى التي يواجه فيها نظام أردوغان اتهامات بالتدخل في انتخابات دول أوروبية، حيث واجه اتهامات من هذا النوع خصوصا في ألمانيا، حين طلب من الناخبين الألمان الأتراك التصويت ضد حزب المستشارة أنجيلا ميركل في 2017.
وتطرق ماكرون أيضا إلى الجدل الحاد المتفجر حول مسألة الدين عقب خطابه الخريف الماضي عن "الانفصالية الإسلامية"، منتقدا ما اعتبره "سياسة أكاذيب تتبعها الدولة التركية وتنقلها وسائل الإعلام التي تسيطر عليها أنقرة"، وكذلك "من قبل بعض القنوات الكبرى التي تسيطر عليها قطر".
وأضاف "يجب أن نكون واضحين جدا"، لافتا إلى أنه لاحظ "منذ بداية العام رغبة لدى أردوغان في الالتزام مجددا بالعلاقة، وأريد أن أصدق أن ذلك ممكن".
واستدرك "لكني أعتقد أنه لا يمكنك الالتزام مجددا (بعلاقة) عندما تكون هناك نقاط التباس"، مشددا على أنه لا يريد العودة إلى علاقة هادئة "إذا كانت وراء ذلك مناورات متواصلة".
وتدهورت العلاقات الثنائية بعد الهجوم التركي في أكتوبر 2019 على القوات الكردية المتحالفة مع الغرب في سوريا.
وأدى التدخل التركي في ليبيا بشرق المتوسط حيث وقع حادث بين سفن تركية وفرنسية في يونيو 2020، والسياسة الفرنسية لمكافحة التطرف الإسلامي، إلى تعميق الخلافات بين باريس وأنقرة.
وأكد ماكرون أن "فرنسا كانت واضحة جدا. عندما كانت هناك أعمال أحادية الجانب في شرق البحر المتوسط قمنا بإدانتها وتحركنا عبر إرسال فرقاطات"، معبرا عن أسفه لأن حلف شمال الأطلسي "ليس واضحا بدرجة كافية" مع أنقرة. وأضاف "نحتاج إلى توضيح مكانة تركيا في الحلف الأطلسي".
وتابع "نحن بحاجة إلى حوار مع تركيا وعلينا أن نفعل كل شيء حتى لا تدير ظهرها لأوروبا وتتجه نحو المزيد من التطرف الديني أو الخيارات الجيوسياسية السلبية بالنسبة لنا".
وحذر من أنه "بشأن قضية الهجرة، علينا العمل مع تركيا. إذا فتحوا (الأتراك) الأبواب، فسيصل ثلاثة ملايين لاجئ سوري إلى أوروبا".
وفي 2016، أبرم الاتحاد الأوروبي وتركيا اتفاقا حول الهجرة يعهد لأنقرة بإدارة الهجرة غير الشرعية، غير أن أردوغان استخدم الورقة للضغط على بلدان تكتل القارة العجوز في ملفات أخرى عديدة بينها أنشطته التوسعية وانضمام تركيا إلى الاتحاد.