البيوت محطات طاقة شمسية مصغرة في الهند

الحكومة الهندية تسعى إلى تعزيز الطاقة الصديقة للبيئة والتقليل من كثافة انبعاثات الكربون وتقليل اعتماد الدولة على الطاقة المستوردة.
الأربعاء 2021/03/24
المضي نحو تغطية أسطح كل المنازل الهندية بالألواح الشمسية

كيرلا (الهند)- كان المتقاعد الهندي جوفيندان ساتشيشان مترددا حين قرر تركيب الألواح الشمسية على سطح منزله في ولاية كيرلا جنوب الهند بموجب مخطط حكومي قبل عامين، فهو لم يكن متأكدا من أنها ستنتج كهرباء كافية، وهل كانت ستكون باهظة الثمن، وإذا ما سيعاني النظام من خلل فني.

لكن فواتير الكهرباء الضخمة التي كان يتلقاها ساتشيشان البالغ من العمر 70 عاما، والتي كانت تصل إلى 15 ألف روبية (205 دولارات) كل شهرين، حفزته على الاشتراك.

واليوم، انخفضت فواتيره إلى الصفر تقريبا، ومن فرط سعادته بهذه النتائج دعا المترددين في مسألة تركيب نظام شمسي منزلي لزيارته في ثيروفانانثابورام، عاصمة الولاية.

مشروع سورا الجديد سيساعد الولاية الجنوبية كيرلا على تغطية حوالي 10 في المئة من احتياجاتها من الكهرباء بواسطة الطاقة الشمسية

وقال ساتشيشان إن “الناس ما زالوا متشككين في شأن جدوى الألواح الشمسية على الأسطح. إذا كان أي شخص مهتما ولكنه متشكك فمرحبا به لزيارة منزلي وسأوضح له الفوائد”.

وتأمل ولاية كيرلا الآن في إقناع المزيد من السكان بإجراء التغيير، حيث أطلقت برنامجا جديدا للطاقة الشمسية على الأسطح في يناير الماضي بهدف الحد من انبعاثات الكربون وتقليل اعتماد الدولة على الطاقة المستوردة. ويهدف مشروع “سورا” (الشمس) إلى تركيب الألواح الشمسية على أسطح 75 ألف منزل، ما سيساهم بـ350 ميغاواط من الطاقة لشبكة الولاية.

ووفقا لمجلس الكهرباء في كيرلا، فإن 20 ألف منزل شملها التغيير بالفعل في إطار مبادرة سابقة، وسيساعد مشروع سورا الجديد الولاية الجنوبية على تغطية حوالي 10 في المئة من احتياجاتها من الكهرباء بواسطة الطاقة الشمسية.

وعلى الرغم من ابتكارات كيرلا الشمسية (من أول مطار للطاقة الشمسية في العالم إلى أكبر محطة للطاقة الشمسية العائمة في الهند)، إلا أن الولاية تخلفت عن معظم البلاد في استيعاب مصادر الطاقة المتجددة على نطاق أوسع.

وتقع كيرلا في منتصف قائمة تصنيف ولايات الهند البالغ عددها 28 ولاية من حيث الطاقة الشمسية المركبة، وفقا لبيانات وزارة الطاقة الجديدة والمتجددة.

وأشار أي. نصارالدين، رئيس مجلس الكهرباء في الولاية، إلى أن مبادرة “سورا” تقدم إعانة لتشجيع السكان على الاشتراك في المشروع وتبديد الاعتقاد السائد بأن الألواح الشمسية مخصصة للأثرياء فقط.

وأوضح نصارالدين في مقابلة صحافية “عملنا على تبسيط هذا المشروع لضمان استفادة السكان العاديين. وستكون منازلهم محطات طاقة شمسية صغيرة. ومن خلال استكشاف هذه الطاقة، يمكنهم الاعتماد على أنفسهم في احتياجاتهم من الكهرباء”.

ويُباع أي فائض من الكهرباء تولده أنظمة الأسطح للمجلس بمعدل 3 روبيات لكل كيلوواط. ويبقى المشروع جزءا من خطة الدولة لتوليد ألف ميغاوات (حوالي ربع احتياجاتها من الكهرباء) من الطاقة الشمسية بحلول سنة 2022.

مدينة بنغالور استفادت من الألواح الشمسية المثبتة على أسطح المنازل

وتظهر أرقام مجلس الكهرباء في الولاية أن حوالي 30 في المئة من استخدامات كيرلا للكهرباء يتمّ إنتاجها في الولاية، ويستورد الباقي من ولايات أخرى أو من الشبكة الوطنية بتكلفة حوالي 80 مليار روبية سنويا.

ولفت أنيش أس. براساد من الوكالة الحكومية لأبحاث وتكنولوجيا الطاقة الجديدة والمتجددة، إلى أنه مع أكثر من 33 مليون نسمة، وفق آخر تعداد سكاني، تعدّ ولاية كيرلا ثالث أكثر ولاية من حيث الكثافة السكانية في الهند، ما يترك القليل من الأراضي المتاحة لبناء شبكات شمسية كبيرة.

وقال مدير برنامج الولاية إن الحكومة تتطلع إلى أسطح منازل السكان للاستفادة من طاقة الشمس. ويرى أجيث كومار، وهو خبير الطاقة في مركز التكنولوجيا الريفية المدمجة في ولاية كيرلا، أن تركيز الولاية على الطاقة الشمسية له مغزى اقتصادي وبيئي.

وحدد أن المشروع يهدف إلى “التقليل من انبعاثات الكربون، وليس لدى الولاية خيار آخر غير الطاقة الشمسية. فلا يمكننا قطع الأشجار أو تدمير الغابات لغرض بناء محطات طاقة كهرومائية جديدة. ستولد محطات الطاقة الحرارية المزيد من الانبعاثات. لكن الطاقة الشمسية خالية تماما من التلوث. علينا استغلالها”.

وسيكلف مشروع سورا بالإضافة إلى مبلغ الـ15 مليار روبية المقدر، 5 مليارات روبية أخرى ستوجه نحو مخطط فرعي يستهدف المستهلكين من ذوي الدخل المنخفض.

وبيّن نصارالدين أن على المؤهلين دفع 12 في المئة فقط من تكلفة تركيب الألواح الشمسية الخاصة بهم، مضيفا أن أصحاب المنازل يستخدمون 25 في المئة من الكهرباء التي ينتجونها، بينما يذهب الباقي إلى الشبكة.

وبحسب جاكوب فارغيز، وهو من سكان أمبالاموكو، والذي كان قد ركّب الألواح الشمسية وفقا لمخطط سابق، “توجد تحديات أخرى يواجهها الراغبون في الاستفادة من هذا المشروع حتى في حال تمكنوا من التغلب على مشكلة القدرة على تحمل التكاليف”، حيث كان عليه وعلى المقيمين الآخرين الذين يعرفهم الانتظار وقتا طويلا للحصول على موافقة المجلس، وزيارته عدة مرات.

الحكومة تخطط للتقليل من وقت انتظار السكان من خلال إشراك المزيد من شركات التركيب

وتابع فارغيز البالغ من العمر 65 عاما “بعد ذلك، وبعد تركيب الألواح الشمسية، كان الحصول على الدعم هو الجهد التالي. وبصفتي رجل أعمال، كان لدي الصبر والخلفية المالية للتعامل مع الصعوبات الأولية. ولكن هل يمكن للناس العاديين التعامل معها؟”.

وقال نصارالدين إن “المجلس واثق من قدرته على معالجة هذه القضايا”، مشيرا إلى أنه من خلال إشراك المزيد من شركات التركيب، تخطط الحكومة للتقليل من وقت انتظار السكان إلى ما لا يزيد عن سبعة أيام ودفع الإعانات بمجرد بدء التثبيت.

وتعد سوابنا إيبي فاركي، وهي ربة منزل تبلغ من العمر 48 عاما، التي شهدت تركيب الألواح الشمسية على سطح منزلها في ثيروفانانثابورام قبل بضع سنوات، من بين الأشخاص الحريصين على نجاح الحكومة في سعيها إلى جعل منازل كيرلا تضاء بطاقة أشعة الشمس.

وأضافت سوابنا “لنفترض أن كل منزل في كيرلا تحول إلى محطة طاقة شمسية صغيرة على سطحه. سيمكننا أن نجعل الولاية نظيفة وخضراء بسهولة”.

وفي إطار مسعى الحكومة إلى تعزيز الطاقة الصديقة للبيئة والتقليل من كثافة انبعاثات الكربون وزيادة حصة الكهرباء المنتجة من مصادر أخرى غير الوقود الأحفوري إلى 40 في المئة بحلول عام 2030، استفادت العديد من المناطق من الألواح الشمسية المثبتة على أسطح المنازل من بينها مدينة أحمد آباد (شمال غرب الهند)، ومدينة بنغالور.

12