فشل "الاجتماع الـ18".. الحريري يكشف عرقلة عون لتشكيل الحكومة

بيروت - لم يسفر اجتماع عقد الاثنين بين الرئيس اللبناني ميشال عون ورئيس الوزراء المكلف سعد الحريري عن اتفاق على حكومة جديدة بسب مطالبة عون بتعيين الثلث المعطل.
وقال الحريري عقب الاجتماع الاثنين "إن الرئيس عون أصر على أن يحظى حلفاؤه السياسيون بأغلبية معطلة في الحكومة، وأرسل لي الأحد تشكيلة تتضمن ثلثا معطلا لفريقه وطلب مني أن أعينهم، ولكني لم أقبلها لأنها ضد الدستور".
وأضاف "أهدف إلى العمل على تفادي انهيار لبنان، وأبلغت الرئيس بأنني أعتبر رسالته التي أرسلها لي أمس (الأحد) كأنها لم تكن وأبلغته بأنني سأحتفظ بنسخة منها للتاريخ".
وتابع "اللائحة التي أرسلها لي الرئيس غير مقبولة لأن الرئيس المكلف "مش شغلتو يعبي أوراق من حدا، ولأن رئيس الحكومة هو من يشكّلها ووضعتُ تشكيلتي بيده منذ 100 يوم، ومستعدّ لأيّ تعديلات، وسهّلتُ له الحل في 'الداخلية' ولكنّه مصرّ على الثلث المعطل".
وتُعد زيارة الحريري الاثنين إلى القصر الرئاسي هي الـ18 منذ تكليفه في أكتوبر بتشكيل حكومة، وكان اللبنانيون يترقبون ما سيسفر عنه اللقاء لاستكمال مباحثات تشكيل الحكومة، وما تم التوصل إليه من نقاط بعد لقائهما الأخير.
وخلال الأشهر الماضية، تبادل الحريري وعون الاتهامات بالعرقلة وبوضع شروط مضادة. وشهد الأسبوع الماضي تصعيدا كلاميا بينهما. وخيّر عون مساء الأربعاء الحريري بين تشكيل حكومة بشكل "فوري" أو التنحي.
وردّ الحريري مبديا استعداده لعرض تشكيلة حكومية جديدة، لكنه طالب عون في حال عجزه عن التوقيع عليها بإفساح المجال أمام انتخابات رئاسية مبكرة.
وبعد تبادل الاتهامات، زار الحريري الخميس عون واتفقا على لقاء آخر الاثنين. وإثر لقاء الخميس جدد الحريري تمسكه بتشكيل حكومة اختصاصيين من 18 وزيرا، وهو ما يرفضه عون أساسا.
وبالرغم من إعلان الموافقة على حكومة اختصاصيين إذا تمكن الحريري من تشكيلها، فإن الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله دعا الجمعة إلى "إعادة النظر" بصيغتها وتشكيل حكومة "تكنوسياسية" لكي "لا نشكل حكومة تسقط بعد أسبوعين أو شهرين في الشارع". وحذّر من أن "حكومة الاختصاصيين إذا لم تحمها القوى السياسية لن تتمكن من حماية البلد".
وتأتي هذه التطورات وسط احتقان شعبي، حيث تظاهر ناشطون في بيروت الأحد احتجاجا على تردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية وارتفاع سعر صرف الدولار.
وبالرغم من ثقل الانهيار الاقتصادي فإن القادة اللبنانيين عجزوا عن الاتفاق على تشكيلة حكومية، إذ يتمسك فريق رئيس الجمهورية المتحالف مع حزب الله (التيار الوطني الحر برئاسة جبران باسيل، صهر عون) بالحصول على أكثرية تضمن له حق نقض القرارات الحكومية، يسمى الثلث المعطل، بينما يصرّ الحريري وأطراف أخرى على أن تكون حقائب معينة من نصيب فريقهم السياسي.
وغالبا ما يستغرق تشكيل الحكومات في لبنان أشهرا طويلة جراء الانقسامات السياسية الحادة والخلاف على الحصص، لكن الانهيار الاقتصادي الحالي الذي فاقمه انفجار المرفأ في أغسطس، وإجراءات مواجهة فايروس كورونا، لا يسمح بالمماطلة، وهو ما يؤكد عليه المجتمع الدولي موجها أقسى الانتقادات للمسؤولين اللبنانيين.
وقبيل لقاء عون والحريري، أعربت فرنسا عن إحباطها من فشل جهود تشكيل حكومة في لبنان، مطالبة أوروبا بالاستعداد تحسبا لانهياره.
وقال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان الاثنين إنه طلب من نظرائه في الاتحاد الأوروبي النظر في سبل مساعدة لبنان، الذي يواجه أسوأ أزمة اقتصادية منذ عقود.
وصرح لودريان لدى وصوله إلى اجتماع لوزراء خارجية التكتل "فرنسا تتمنى أن نبحث قضية لبنان".
وتابع "البلد يسير على غير هدى ومنقسم.. عندما ينهار بلد ما يجب أن تكون أوروبا مستعدة"، معربا عن إحباطه من فشل جهود تشكيل حكومة جديدة في لبنان.
وقادت باريس الجهود الدولية لإنقاذ لبنان من أكبر أزمة تواجهه منذ الحرب الأهلية، التي دارت رحاها من عام 1975 إلى عام 1990، لكنها لم تنجح حتى الآن، رغم مرور سبعة أشهر في إقناع الفرقاء السياسيين بتبني خارطة طريق للإصلاح أو تشكيل حكومة جديدة حتى يتسنى صرف مساعدات دولية.
وتصاعدت الأزمة في الأيام الأخيرة مع انخفاض قيمة العملة بدرجة أكبر وإغلاق العديد من المتاجر مؤقتا بسبب نقص الإمدادات.
وخيمت أجواء متشائمة قبل لقاء عون والحريري وسط توقعات بالعودة إلى المربع صفر، في ضوء تمترس فرقاء لبنان حول مواقفهم، رغم عقد 17 جلسة تفاوض في 5 أشهر.