واشنطن تحذّر أنقرة من حظر حزب الشعوب الديمقراطي

واشنطن – حذرت الولايات المتحدة نظام الرئيس التركي من محاولات حل حزب الشعوب الديمقراطي المعارض، معتبرة أن ذلك سيشكل تقويضا للديمقراطية وحرية التعبير.
وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية نيد برايس "نراقب بدء الجهود لحل حزب الشعوب الديمقراطي، وهو قرار سوف يطيح دون مبرر بإرادة الناخبين الأتراك ويؤدي إلى المزيد من تقويض الديمقراطية في تركيا وحرمان الملايين من الأتراك من تمثيلهم الذي اختاروه".
وأضاف "ندعو الحكومة التركية إلى احترام حرية التعبير بما يتوافق مع الحماية التي ينص عليها الدستور والتزامات تركيا الدولية".
والأربعاء بدأ نظام الرئيس التركي التحرك بشكل فعلي لإغلاق حزب الشعوب الديمقراطي الكردي، ثاني أكبر حزب معارض في البلاد.
وذكرت وكالة الأناضول الرسمية أن المدعي العام رفع بيانا اتهاميا إلى المحكمة العليا في تركيا طالبا بدء آلية لحظر الحزب، الذي يتعرض لحملة قمع منذ 2016.
وندد أبرز حزب مؤيد للأكراد في تركيا الأربعاء بما وصفه بأنه "انقلاب سياسي"، معتبرا أن الرئيس رجب طيب أردوغان يسعى للقضاء عليه قبل الانتخابات المقبلة.
وسيؤدي الحظر المحتمل لحزب الشعوب الديمقراطي إلى تغير كبير في المشهد السياسي قبل سنتين على الانتخابات التشريعية والرئاسية، التي يبدو أنها ستكون صعبة بالنسبة لأردوغان، في ظل التحديات الاقتصادية.
ومن شأن المطالبة بإغلاق حزب الشعوب الديمقراطي أن تفاقم مخاوف الدول الغربية بشأن سيادة القانون في تركيا، فيما تسعى أنقرة إلى تهدئة التوتر الذي يخيم على علاقاتها مع الولايات المتحدة وأوروبا.
وتشهد الساحة السياسية التركية تحشيدا ضد حزب الشعوب الديمقراطي المعارض، حيث يتهمه مسؤولون في الحزب الحاكم وآخرون حلفاء، بالارتباط بـ"حزب العمال الكردستاني" المصنف على قوائم الإرهاب، واعتباره واجهة سياسة له.
وأدى هذا الاتهام إلى محاكمة الآلاف من أعضاء حزب الشعوب وبعض قادته في السنوات الماضية، لكن الحزب الكردي ينفي وجود هذه الصلات.
ويتعرض الحزب لقمع شديد منذ عدة سنوات، ويقبع رئيسه المشارك الأسبق صلاح الدين دميرتاش، المنافس السابق لأردوغان بالانتخابات الرئاسية، في السجن منذ عام 2016.
وردا على ذلك، عقدت لجنة الإدارة المركزية لحزب الشعوب الديمقراطي جلسة طارئة برئاسة مدحت سنجر، رئيس الحزب المناوب، لمتابعة هذه التطورات.
ولفتت صحيفة "آرتي غرتشك" التركية المعارضة إلى أن "أعضاء اللجنة المذكورة يناقشون خلال الاجتماع الطريق الذي سيسلكه الحزب خلال المرحلة المقبلة" للرد على محاولات النظام إغلاقه.
وتقوم السلطات التركية بين الحين والآخر بالعديد من الممارسات للضغط على الحزب وأعضائه، بما يشمل إقالة رؤساء بلديات منتخبين تابعين له من مناصبهم تحت ذريعة "الانتماء إلى تنظيم إرهابي مسلح والدعاية له"، في إشارة إلى الحزب ذاته.
ويأتي هذا التطوّر على خلفية انتقادات يوجّهها منذ أسابيع أردوغان وشريكه في الائتلاف الحكومي حزب الحركة القومية اليميني المتطرف، لحزب الشعوب الديمقراطي.
وتضاعفت حدة الانتقادات الموجّهة إلى حزب الشعوب الديمقراطي بعد عملية عسكرية تركية فاشلة لتحرير 13 رهينة يحتجزهم حزب العمال الكردستاني في العراق، انتهت بمقتل جميع المحتجزين منتصف فبراير.
وأعلن دولت بهجلي زعيم حزب العمل القومي (يمين متطرف) في أوائل مارس أن حظر حزب الشعوب الديمقراطي بات ملحا وضروريا.
واتهم الحزب الشعوب الديمقراطي أردوغان باستخدام القضاء كأداة لإعادة تشكيل المشهد السياسي، قبل عامين على موعد الانتخابات التشريعية والرئاسية التي يبدو أن الحكومة ستخوض خلالها معركة قاسية في ظل التحديات الاقتصادية.
وتابع الحزب أن "عدوانية النظام التركي دليل على ذعرهم"، مؤكدا أنه "مهما فعلوا، لن نرضخ أبدأ ولن نستسلم (...) سنواصل مقاومتنا الديمقراطية بكل تصميم".
ويأتي طلب حظر الحزب بعد ساعات على إسقاط البرلمان التركي نيابة فاروق جرجرلي أوغلو، العضو في الحزب، على خلفية الحكم عليه بالسجن لمدة عامين ونصف العام بتهمة الدعاية الإرهابية.
والحكم يقضي بسجن جرجرلي أوغلو مدة عامين وستة أشهر، على خلفية تغريدة نشرها عبر موقع التواصل تويتر، قال فيها إن الأتراك الذين قتلهم "حزب العمال الكردستاني" في منطقة شمالي العراق، كان ممكنا أن توهب لهم الحياة، لو أن الحكومة التركية بذلت جهودا لإنقاذ أرواحهم.
واعتبرت مديرة مكتب منظمة هيومن رايتس ووتش في تركيا إيما سنكلير في تغريدة أنه هجوم مروع على القواعد الديمقراطية وسيادة القانون، كما أنه انتهاك للدستور التركي والالتزام بالقانون الدولي.
ومنذ عام 2016، أبطلت النيابة 14 ممثلا عن حزب الشعوب الديمقراطي في البرلمان، بينهم جرجرلي أوغلو.