مأساة أكبر من كورونا تهدد العالم بسبب إهمال مرضى السرطان

دراسات تكشف أن التأخير لبضعة أشهر في فحص أنواع معينة من السرطان ربما لم يكن بالسوء الذي يُخشى منه.
الخميس 2021/03/18
الجائحة أثرت على رعاية الأطفال من مرضى السرطان

واشنطن- تمّ تأجيل فحص تنظير القولون لجون أبراهام لعدة أشهر بسبب وباء كورونا، وعندما أجراه مؤخرا وجد الأطباء نموا كبيرا جدا في سلائل القولون، وكان عليه أن ينتظر أيضا عدة أسابيع لإجراء عملية جراحية، ثم عدة أسابيع أخرى ليعرف أنها لم تتحول بعد إلى سرطانية.

وقال أبراهام، موظف في الرهن العقاري، بمدينة بيوريا التابعة لولاية إلينوي الأميركية “أتساءل لو كنت قد خضعت للفحص عندما كان من المفروض أن أقوم به، ألا تكون حالتي الآن مختلفة، وكان من الممكن تجنب الجراحة”.

وأدت الجائحة إلى تعليق الملايين من عمليات تنظير القولون وتصوير الثدي بالأشعة السينية وفحص الرئة واختبارات عنق الرحم وغيرها من فحوصات السرطان لعدة أشهر في الربيع الماضي بالولايات المتحدة وأماكن أخرى من العالم، حيث تسبب فايروس كورونا المستجد في شلل الرعاية الطبية، بمختلف أنحاء العالم.

الجائحة أدت إلى تعليق الملايين من عمليات تنظير القولون وتصوير الثدي بالأشعة وفحص الرئة واختبارات عنق الرحم 

ويدرس الباحثون الآن حاليا التأثير الذي خلفته الجائحة على مرضى السرطان، ويتطلعون إلى معرفة ما إذا كانت الأورام التي تم العثور عليها في مرحلة متأخرة بعد ظهور الوباء قد أصبحت أكثر تقدما.

ووجد باحثون من جامعة سينسيناتي أنه عندما استؤنفت الأشعة المقطعية للتحقق من سرطان الرئة في يونيو الماضي، كان لدى 29 في المئة من المرضى عقيدات رئوية مشبوهة مقابل 8 في المئة في السنوات السابقة.

وتشير دراسات متعددة إلى أنه تم تشخيص عدد أقل من السرطانات في العام الماضي، على الأرجح بسبب قلة الفحص. وحثت حوالي 75 منظمة متخصصة في علاج السرطان مؤخرا على العودة إلى مستويات الفحص كما كانت قبل الجائحة بأسرع ما يمكن.

وكشفت بعض التقارير أن التأخير لبضعة أشهر في فحص أنواع معينة من السرطان ربما لم يكن بالسوء الذي يُخشى منه، فعلى سبيل المثال وجد الباحثون في هولندا أن الانقطاع في برنامج التصوير الشعاعي للثدي في ذلك البلد لم يؤد إلى اكتشاف المزيد من السرطانات في مرحلة متأخرة بعد استئناف الفحص. ويمكن ألا يظهر أي اختلاف في الوفيات لسنوات، لكن الاكتشاف المبكر يظل من العوامل المهمة للبقاء على قيد الحياة، وكذلك العلاج فهو مهم أيضا لإنقاذ الأرواح.

العلاج في الدول منخفضة ومتوسطة الدخل تأثر بشكل غير متناسب

وأشار الدكتور نيد شاربلس مدير المعهد الوطني للسرطان بالولايات المتحدة إلى أنه قد يكون هناك ما يقرب من 10 آلاف حالة وفاة زائدة خلال العقد المقبل بسبب تأخر الكشف عن سرطان الثدي والقولون وعلاجه.

وكتب شاربلس في مجلة “ساينس” إن تأجيل الرعاية “كان حكيما في وقت ما بسبب مخاطر التعرض لكوفيد – 19، لكن التأجيل لفترة طويلة قد يتحول إلى أزمة صحية عامة، تضاف إلى العديد من الأزمات الأخرى”.

واستنادا إلى ما هو معروف عن وفيات سرطان الثدي في السنوات الماضية بالولايات المتحدة، كان من الممكن منع حوالي 10 في المئة “إذا خضعت النساء للفحص الروتيني”، إنقاذ 20 إلى 25 في المئة عبر إعطائهن العلاج المناسب، وفق ما أكد الدكتور أوتيس براولي الأستاذ بجامعة جونز هوبكنز والمدير الطبي السابق لجمعية السرطان الأميركية. وقال إن التأخير على المدى القصير قد لا يضر بالوفيات كثيرا إذا استأنف الفحص بسرعة.

وكشفت دراسة حديثة عن أن جائحة فايروس كورونا أثرت على رعاية الأطفال من مرضى السرطان في أكثر من ثلاثة أرباع المستشفيات في جميع أنحاء العالم. وذكر الأطباء والأكاديميون الذين أجروا الدراسة التي نُشرت في مجلة “لانسيت” أنهم وجدوا “اضطرابا كبيرا في تشخيص السرطان” لدى الأطفال، حيث أن 43 في المئة من المستشفيات “تشخص حالات جديدة أقل من المتوقع” منذ بدء الجائحة.

واستند البحث إلى دراسة استقصائية شملت 311 متخصصا في الرعاية الصحية في213 مؤسسة بـ79 دولة، وشمل ثمانية مستشفيات وجامعات في بريطانيا والهند والمغرب وإسبانيا وأوروغواي والولايات المتحدة.

وذكر واحد من كل ثلاثة مستشفيات أنه مع تركيز أنظمة الرعاية الصحية على الفايروس كان هناك “ارتفاع في عدد المرضى الذين لم يبدأ علاجهم أو تأخر لأربعة أسابيع أو أكثر”.

ونادرا ما يؤدي الفايروس إلى آثار مرضية شديدة لدى الأطفال، على الرغم من أن أولئك الذين يعانون من “إصابة مرضية مشتركة” مثل السرطان هم أكثر عرضة للإصابة.

عندما استؤنفت الأشعة المقطعية للتحقق من سرطان الرئة في يونيو الماضي كان لدى 29 في المئة من المرضى عقيدات رئوية مشبوهة مقابل 8 في المئة في السنوات السابقة

وأُغلق واحد من كل 10 مستشفيات ممن شملتها الدراسة عن “وحدات سرطان الأطفال بالكامل في مرحلة ما” منذ بداية الجائحة.

وذكر الباحثون أن العلاج في “الدول منخفضة ومتوسطة الدخل” تأثر بشكل غير متناسب، حيث أبلغت الأطقم الطبية عن اضطرابات في العلاج الإشعاعي والعلاج الكيميائي.

وبحسب مسح أجرته جامعة هارفارد نُشر في ديسمبر الماضي، فإن واحدا من كل خمسة أشخاص في الولايات المتحدة، وهي الدولة التي سجل فيها أكبر عدد من وفيات كورونا، تجاوز مرحلة العلاجات أو واجه تأجيلات.

17