ما العلاقة بين أحد ملوك الفايكنغ وثورة البلوتوث

قصة ملك أسكندنافي تلهم مهندسين وتتحول إلى ثورة تكنولوجية.
الخميس 2021/03/04
أشهر التقنيات الحديثة تدين باسمها ورمزها للملك ذي السن الزرقاء

ألهم ملك بلجيكي عاش في القرن العاشر مهندسَين كانا يحاولان الخروج بمقترح ثوري يسمح للأجهزة الإلكترونية بالتواصل لاسلكيا، حيث أفضت جلسة جمعتهما في حانة بعد اجتماع مخيب للآمال إلى إطلاق هذه التقنية الرخيصة وأصبح اسمها، الذي كان من المفترض في البداية أن يكون مؤقتا، دائما.

ستوكهولم - تدين واحدة من أشهر التقنيات الحديثة باسمها ورمزها إلى ملك من عصر الفايكنغ كانت لديه سن زرقاء قبل ربع قرن ولّدت فكرة اسم “بلوتوث” لدى مهندسَين بعد اجتماع مخيب للآمال وجلسة مريحة في حانة.

واسم البلوتوث هو نسخة إنجليكانية من الكنية الأسكندنافية للملك هارالد البلجيكي الذي وحد القبائل الدنماركية المتحاربة في مملكة واحدة في القرن العاشر. والمعنى الضمني هو أن بلوتوث توحد بروتوكولات الاتصال.

والبلوتوث هو معيار تم تطويره من قبل مجموعة من شركات الإلكترونيات للسماح لأي جهازين إلكترونيين من كومبيوترات وهواتف محمولة ولوحات مفاتيح بالقيام بعملية اتصال بدون أسلاك أو كابلات أو أي تدخل من قبل المستخدم.

وتم اقتراح فكرة هذا الاسم في عام 1997 من قبل الأميركي جيم كارداك من شركة إنتل التي طورت نظاما يسمح للهواتف المحمولة بالاتصال بأجهزة الكمبيوتر.

وقدم كارداك هذا الاقتراح بفضل مطالعته لرواية فرانس جي بينجسون التاريخية بعنوان “ذي لونغ شيبس” (السفن الطويلة) عن الفايكنغ والملك هارالد بلوتوث.

وفي نهاية التسعينات كان كارداك والسويدي سفين ماتيسون المهندس في شركة “إريكسون” من بين الأشخاص الذين يعملون جاهدين من أجل ابتكار التكنولوجيا الثورية التي ستسمح للأجهزة الإلكترونية بالتواصل لاسلكيا.

وفي العام 1998 في فجر عصر “اللاسلكي” كان الشابان جزءا من اتحاد دولي أنشأ معيارا عالميا لهذه التقنية التي طورتها شركة “إريكسون” في العام 1994.

لكن قبل ذلك كانا يكافحان لعرض منتجاتهما اللاسلكية.

جيم كارداك قدم فكرة البلوتوث بفضل مطالعته لرواية "ذي لونغ شيبس" التاريخية عن الفايكنغ والملك هارالد بلوتوث

وكانت “بيز – آر.أف” و”إم.سي – لينك” و”لو باور آر.أف” من بين البرامج التي تحمل أسماء همجية بعض الشيء خلال ندوة في تورونتو الكندية في خريف العام 1997.

ويتذكر ماتيسون البالغ من العمر 65 عاما والذي يختتم مسيرته المهنية في إريكسون “قلنا أنا وجيم إن الناس لم يقدّروا ما قدمناه”.

وقرر هذا المهندس الذي أتى من السويد خصيصا لحضور هذا الاجتماع الممتد على مدى ساعة تمضية المساء مع صديقه قبل العودة إلى الديار.

وأوضح كارداك في منشور طويل على موقعه الإلكتروني “تلقينا استقبالا فاترا لاقتراحنا، وفي هذا الوقت أدركت أننا نحتاج إلى اسم رمزي للمشروع يمكن للجميع استخدامه”.

ومن أجل التغلب على حزنهما قصد الرجلان إحدى الحانات في تورونتو، وهي كانت فرصة لمناقشة التاريخ، شغف جيم.

وقال ماتيسون “تناولنا بعض الجعة (…) وجيم مهتمّ بالتاريخ لذا سألني عن الفايكنغ وتحدثنا بإسهاب عنهم”، مشيرا إلى أن ذكرياته عن تلك الليلة التاريخية أصبحت الآن ضبابية إلى حد ما.

وأشار كارداك إلى أن كل ما يعرفه عن الفايكنغ هو أنهم كانوا يركضون “بخوذات ذات قرون ويداهمون أماكن مختلفة وينهبونها، وأنهم كانوا زعماء مجانين”.

ومن أجل زيادة معرفته أوصى ماتيسون كارداك بقراءة رواية تاريخية شهيرة جدا في السويد عن الفايكنغ بعنوان “ذي لونغ شيبس”.

وتدور أحداث الرواية في القرن العاشر وهي “قصة شوفينية” وفق ماتيسون عن صبي اختطفه الفايكنغ كرهينة. وقد لفت اسم أحد شخصيات القصة انتباه كارداك، اسم ملك الدنمارك هارالد بلوتوث غورمسون.

ويقال إن الملك هارالد، وهو شخصية تاريخية مهمة في الدول الأسكندنافية في القرن العاشر، لقّب كذلك بسبب سن تالفة، أو كما تقول الحكايات الأخرى بسبب حبه للتوت أو حتى خطأ بسيط في الترجمة.

Thumbnail

وخلال فترة حكمه تخلّت الدنمارك عن معتقداتها الوثنية والآلهة الأسكندنافية وتحولت تدريجا إلى المسيحية.

لكنه اشتهر خصوصا بتوحيد النرويج والدنمارك في اتحاد استمر حتى العام 1814.

والملك الذي وحد الخصوم الأسكندنافيين كان إلهاما للساعين إلى توحيد صناعات أجهزة الكمبيوتر والهواتف الخلوية بواسطة رابط لاسلكي قصير.

والإشارة إلى الملك تتجاوز الاسم؛ شعار البلوتوث الذي يشبه في النظرة الأولى تمايلا هندسيا، هو في الواقع تراكب الأحرف الرونية للحرفين “إتش” و”بي” وهما الحرفان الأولان من اسم الملك.

وفي مايو 1998 أطلقت أخيرا تقنية “البلوتوث” الرخيصة والتي لا تستهلك الكثير من الطاقة.

ووصل أول جهاز مزود بهذه التقنية إلى الأسواق في العام 1999، وأصبح اسمه الذي كان من المفترض في البداية أن يكون مؤقتا حتى يتم ابتكار شيء أفضل، دائما.

ويشار إلى أن تطوير تقنية الراديو “قصيرة الارتباط”، والتي تمت تسميتها لاحقًا باسم بلوتوث، بدأ في عام 1989 من قِبل نيلس ريدباك يوهان أولمان في شركة الاتصالات إريكسون في لوند بالسويد.

20