الليرة السورية تهوي إلى مستوى غير مسبوق متأثرة بنظيرتها اللبنانية

دمشق - قال متعاملون ومصرفيون إن الليرة السورية هوت إلى مستوى متدن غير مسبوق في السوق السوداء الأربعاء بسبب الأثر المترتب على المشاكل التي تواجهها نظيرتها في لبنان، حيث يرتبط البلدان بعلاقات تجارية ومصرفية مكثفة.
وقال تجار إن تكلفة شراء دولار واحد في الشارع أصبحت نحو أربعة آلاف ليرة، بعدما تابع المتعاملون القلقون انهيار الليرة اللبنانية إلى مستوى متدن جديد عند عشرة آلاف مقابل الدولار الثلاثاء.
وزاد الانهيار الاقتصادي المتسارع في لبنان المجاور، حيث يودع سوريون كثر بينهم رجال أعمال، أموالهم، الوضع سوءا في سوريا.
وسجلت الليرة اللبنانية الثلاثاء أيضا انخفاضا غير مسبوق، إذ لامس سعر صرف الدولار عتبة عشرة آلاف في السوق السوداء.
وقال اثنان من كبار المتعاملين في العملات الأجنبية في دمشق الحاصلين على ترخيص، إن هبوط العملة اللبنانية وجه ضربة نفسية لمتداولي نظيرتها السورية، التي شهدت بالفعل تراجعات سريعة خلال الأسابيع الأخيرة.
وهوت الليرة بنحو 40 في المئة خلال العام الجاري فقط.
وقال أحد المتعاملين طالبا عدم نشر اسمه "رجال الأعمال والتجار قلقون في ظل مخاوف من نزول لا يتوقف خلال الأيام القادمة، ويترقبون ما إذا كانت الاضطرابات ستزيد في لبنان وتأثيرها على التعاملات في العالم الخارجي".
يحتفظ مستثمرون ورجال أعمال سوريون بودائع بالمليارات من الدولارات في بنوك لبنان، التي تعصف بها أزمة والتي كانت لسنوات ملاذا آمنا للمستثمرين الفارين من العقوبات والقيود المشددة التي تفرضها الحكومة.
وضغطت الأزمة اللبنانية على مصدر رئيسي للدولار بالنسبة لسوريا، مما أدى إلى إلحاق المزيد من الضرر بعملة تئن تحت وطأة سنوات من العقوبات الغربية وصراع مدمر مستمر منذ نحو عشر سنوات.
وحدث آخر تهاو لليرة السورية في الصيف الماضي عندما بلغت حاجزا نفسيا عند ثلاثة آلاف ليرة للدولار، بسبب مخاوف من أن يزيد تشديد العقوبات الأميركية حال الاقتصاد سوءا.
وألحق هبوط الليرة الضرر بأنشطة الأعمال مع تردد الكثير من التجار وشركات التجارة في البيع أو الشراء، في بلد يلجأ فيه كثيرون إلى المدخرات الدولارية للحفاظ على أموالهم.
وقال مصرفي إن سحب الدولة للعملة الصعبة من الاحتياطيات المستنزفة أصلا، من أجل سداد ثمن واردات كبيرة من السلع الأساسية والوقود بعدة مليارات من الدولارات، أدى إلى زيادة الضغوط.
وأضاف أن تردد السلطات في التدخل لحماية احتياطياتها من النقد الأجنبي ضغط على الليرة، وتابع أن هناك ضغوطا أخرى نابعة من تراجع حاد في التحويلات النقدية من الخارج، والتي تمثل مصدرا مهما للنقد الأجنبي، من عشرات الآلاف من السوريين المقيمين في دول متضررة من جائحة كوفيد - 19.
أدى انهيار الليرة إلى ارتفاع التضخم وفاقم الصعوبات في وقت يواجه فيه السوريون صعوبة في توفير ثمن الطعام والكهرباء والاحتياجات الأساسية الأخرى. وكان يجري تداول الليرة عند 47 مقابل الدولار قبل تفجر الاحتجاجات المناهضة للرئيس بشار الأسد في مارس 2011.
ورغم أن الوضع الأمني في البلاد أصبح في السنتين الماضيتين أفضل بكثير مما كان عليه قبل سنوات قليلة، فإن الوضع الاقتصادي تراجع بشكل كبير خاصة في العام 2020، بسبب العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا والوضع المتدهور في لبنان المجاور وانتشار فايروس كورونا المستجد.
وتم استهداف عدد من الصناعات التي تديرها سوريا، بما في ذلك تلك المتعلقة بالبنية التحتية والصيانة العسكرية وإنتاج الطاقة، ويستهدف القانون أيضا الشركات والأفراد الذين يقدمون التمويل أو المساعدة للحكومة السورية.
وفرضت الولايات المتحدة أخيرا جولة جديدة من العقوبات على سوريا استهدفت البنك المركزي السوري، وأدرجت العديد من الأشخاص والكيانات في القائمة السوداء لخنق الحكومة السورية.