السياحة الافتراضية في السعودية واقع يفرضه الوباء

مرشدون يأخذون السياح في جولات إلى ربوع السعودية عن بعد.
الأحد 2021/02/28
الواقع الافتراضي يسافر بك حيث تريد

تعتبر السياحة الافتراضية من بين التقنيات التي بدأت في الظهور والانتشار بشكل متواضع حول العالم. ومع توقف السياحة على أرض الواقع جراء أزمة كورونا التي ضربت العالم، بدأ الاتجاه نحو “التقنية الافتراضية” التي فرضت نفسها بقوة.

الرياض - كشف الملتقى السعودي السابع للإرشاد السياحي الذي نظمته الجمعية السعودية للإرشاد السياحي، مؤخرا، أن أكثر من 900 مرشد ومرشدة سياحية في السعودية سيدخلون عصر السياحة الرقمية من أوسع أبوابه بوصفه خيارا فرضته جائحة كورونا.

وأفاد سطام البلوي، رئيس مجلس إدارة الجمعية، بأنّ أوضاع السياحة لن تعود إلا بعد ثلاث أو أربع سنوات، حسب الدراسات، قائلا إن “هذا يضطرنا إلى أن نستعد عبر التقنية والبرامج الإلكترونية لكي ننقل المرشدين السياحيين لمواكبة التطور والاستمرار في عملهم”.

وتستخدم في السياحة الافتراضية تقنيات مسح الأجسام والعناصر ضوئيا، وتعتمد على تحويل الصورة إلى مجسمات رقمية يمكن استخدامها داخل تطبيقات الواقع الافتراضي واستخدام تقنيات التصوير المحيطي في 360 درجة لتسجيل عروض الفيديو وعرضها على شاشات نظارات الواقع الافتراضي.

ويتوقع أغلب هؤلاء المرشدين السياحيين نجاح التجربة الافتراضية، إذا ما نجحوا في الإلمام بالتقنيات الافتراضية الضرورية لنقل روحانية مكة والمدينة، وجمال العلا والحضارات المتعاقبة عليها، والدرعية بأصالتها وعراقتها، وجدة التاريخية ورائحة الماضي بين أزقّتها، والطائف المصيف الأول في البلاد، وشموخ حائل بجبالها، فكل شبر في السعودية له ميزة كوَّنت هذا المزيج الحضاري للبلاد التي لم تكتشف بعد من قبل السياح.

السعودية تستعد عبر التقنية والبرامج الإلكترونية إلى نقل المرشدين السياحيين لمواكبة التطور والاستمرار في عملهم

ويرى الخبراء أن هذه التجارب الافتراضية وتطبيقات الواقع المعزز الذكية والنظم الصوتية والمرئية، ستساهم أيضا في نقل وحضور الحفلات الموسيقية والمهرجانات عبر تقنيات الواقع الافتراضي، بما يساهم في إحداث قفزة نوعية للسياحة في السعودية التي تعدّ من الوجهات السياحية الواعدة لتعدّد نقاط الجذب التي تلائم كافة الأعمار المختلفة، والبنية التحتية المتطورة.

وتستخدم المملكة بالفعل تقنية السياحة الافتراضية، ولكن لا يتم الاعتماد عليها كإحدى الأساسيات في قطاع السياحة، ولكن كانت أداة للترويج للسياحة في أسواق ومهرجانات ومطارات المملكة، وعلى متن الرحلات الجوية.

ومن المتوقع أن يتم الاعتماد بقوة خلال الفترة المقبلة على السياحة الافتراضية بشكل أساسي؛ لتنتقل من مرحلة الترويج إلى أن تكون جزءا أساسيا من قطاع السياحة في المملكة.

وقال البلوي إن الجمعية دعت أكثر من متخصص في مجال التسويق الإلكتروني، وتضمنت أهم توصيات الملتقى التأكيد على أنّ السياحة بعد جائحة كورونا لن تعود كما كانت قبلها، مبينا أنّه سيكون هناك اعتماد كبير على التقنية سواء في شرح المرشدين السياحيين أو شرح المتاحف وغيرها.

ويؤكد رئيس جمعية الإرشاد السياحي السعودية، أنّ التطور التقني لن يلغي الحاجة إلى المرشد السياحي الذي يرى أنه لا يمكن الاستغناء عنه، مضيفا أن “نوعية السياح الذين يستهدفهم المرشد هم الذين يرغبون في التواصل مع الإنسان في المجتمع المحلي”.

 تحويل الصور إلى مجسمات رقمية
 تحويل الصور إلى مجسمات رقمية 

وكشف أن الجمعية تعمل الآن على مشروع سيكون بمثابة حلقة الوصل ما بين المنظمين والمرشدين السياحيين بحيث يتم تسويق وإعداد البرامج والتدريب إلكترونيا.

ومن جهتها، توضح نادية قربان، ‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏‏أستاذ علم التاريخ في جامعة الملك عبدالعزيز وعضو مجلس إدارة جمعية الإرشاد السياحي، أنّ جائحة  كورونا أدت إلى أزمة غير مسبوقة في قطاع السياحة على مستوى العالم.

وترى أهمية التوجه إلى السياحة الافتراضية التي أثبتت نجاحها خلال فترة الحجر الصحي خاصة وأن المرشدين السياحيين هم أكثر الناس تضررا من الجائحة، لأنه لم يعد هناك سياح كما كان في السابق، مما أدى إلى انتقال عدد كبير منهم إلى استخدام التكنولوجيا وممارسة مهنتهم عبر الإنترنت من خلال إنشاء قنوات على  يوتيوب ومحتوى على إنستغرام ومحاضرات عبر “زووم” للوصول إلى أكبر شريحة ممكنة.

وتشير قربان إلى أن التطور التقني عزز من قدرة السياحة على النجاح والاستدامة، ورفع الجذب للمواقع السياحية إلكترونيا، ودفع المبتكرين إلى خلق أفكار ترويجية وتسويقية لأنفسهم وكذلك للمواقع الأثرية.

وترى أن تطبيق الحلول الرقمية في الإرشاد السياحي، ضرورة ملحة لنموها واكتساب السائحين المهارات من خلالها.

وتضيف أنّ المرشدين وصلوا إلى جمهورهم بشكل كبير من خلال وسائل التواصل الاجتماعي عبر تنظيم جولات افتراضية على مواقع ومدن مختلفة، ليتمكن من هو في جدة من زيارة المنطقة التاريخية في العلا مثلا، ومَن في الشمال من زيارة المناطق الجنوبية، على أمل أن تنتشر التجربة لتشمل السياح الجانب.

ولفتت إلى أنّ المرشد السياحي مستمر إلى الأبد لأنه “اللمسة الإنسانية التي لا يستغنى عنها السائح مهما بلغ التطور التكنولوجي”.

وجدير بالذكر أنّ الملتقى الذي تنظمه الجمعية السعودية للإرشاد السياحي يأتي تزامنا مع الاحتفاء باليوم العالمي للإرشاد السياحي، بمشاركة واسعة من متحدثين دوليين متخصصين في قطاع السياحة والإرشاد السياحي.

16