انقسام يهودي حول مشاريع "كاكال" التوسعية في الضفة الغربية

رغم أن المستوطنات تتمتع بدعم واسع داخل إسرائيل، إلا أن يهود الغرب ينظرون إليها على أنها عقبة أمام السلام.
السبت 2021/02/27
اليهود المتشددون: لا مكان لدولة فلسطين

القدس – يدرس الصندوق القومي اليهودي “كيرن كييمت يسرائيل” (كاكال)، بشكل رسمي، توسيع أنشطته في الضفة الغربية المحتلة وبشكل معلن، وهو ما أثار حفيظة مجموعات يهودية ذات ميول يسارية في الولايات المتحدة، وأدى إلى تعميق الخلاف مع الحكومة الإسرائيلية اليمينية بقيادة زعيم ليكود بنيامين نتنياهو.

وهذا الصندوق وهو عبارة عن منظمة صهيونية عمرها 120 عاما تتلقى الأموال من تبرعات اليهود المنتشرين في العالم تشتري بها الأراضي وتنفذ مشاريع تنموية في الأراضي المقدسة.

وشملت أنشطة الصندوق، الذي يمتلك أكثر من عشر الأراضي في إسرائيل، الضفة الغربية في العقود الأخيرة، ويتولى مهام بناء وتوسيع المستوطنات التي يعتبرها المجتمع الدولي انتهاكا للقانون الدولي.

وانفجر الجدل بشأن نوايا القائمين على الصندوق في وقت سابق من الشهر الجاري عندما كشف موقع “أكسيوس” الإخباري أنه يدرس اقتراحا لتمويل مشتريات الأراضي بشكل علني من الفلسطينيين في الضفة الغربية، ويمكن لهذه الخطوة أن توجه مئات الملايين من الدولارات لتوسيع المستوطنات، بعضها في عمق الأراضي المحتلة.

واحتلت إسرائيل الضفة الغربية في حرب عام 1967، وهي تشكل الجزء الرئيسي من دولة فلسطين المستقبلية. وينظر الفلسطينيون كما المجتمع الدولي إلى المستوطنات، التي يقطنها ما يقرب عن 500 ألف إسرائيلي، على أنها العقبة الرئيسية أمام حل الدولتين للصراع.

وتعتبر إسرائيل الضفة الغربية معقل الكتاب المقدس بالنسبة إلى الشعب اليهودي، وتقول إن أي تقسيم يجب أن يتم التفاوض عليه في محادثات السلام التي لا تزال معلقة إلى حد كبير منذ أكثر من عقد.

وسيحتاج الاقتراح إلى موافقة مجلس إدارة الصندوق القومي اليهودي، والذي يضم ممثلين من عدة منظمات يهودية وليس من المتوقع أن يتخذ قرارا قبل إجراء الانتخابات التشريعية (الكنيست) في إسرائيل في 23 مارس المقبل.

الحاخام ريك جاكوبس: الكثير من عمليات شراء الأراضي تجري تحت الطاولة دون رقابة
الحاخام ريك جاكوبس: الكثير من عمليات شراء الأراضي تجري تحت الطاولة دون رقابة

وقال مجلس إدارة الصندوق القومي اليهودي، مستخدما الاسم التوراتي للضفة الغربية، “على مدار السنوات وحتى يومنا هذا بالذات، كان الصندوق القومي اليهودي يعمل في جميع أنحاء أراضي إسرائيل، بما في ذلك يهودا والسامرة. في هذه المرحلة لا توجد نية لافتتاح منطقة جديدة في يهودا والسامرة”.

وأضافت المنظمة أنه تم تأكيد جميع المشاريع مع المانحين مقدما، مما يشير إلى أن الأموال المخصصة لمشاريع داخل إسرائيل لن يتم تحويلها إلى الأراضي المحتلة.

ولم يقنع نفي الصندوق حركة “بيس ناو”، وهي منظمة مراقبة إسرائيلية ضد الاستيطان، حيث تقول إن الصندوق القومي اليهودي يعمل بهدوء في الضفة الغربية، وقد حصل على ما لا يقل عن 65 ألف دونم (16 ألف فدان) من الأراضي للمستوطنات، بشكل رئيسي من خلال شركة تابعة.

وقال المتحدث باسم حركة “بيس ناو”، براين ريفز “حدث هذا من قبل، وبالتالي لا يوجد هناك تغيير جذري. لكن هذه ستكون المرة الأولى التي يؤيدون فيها رسميا فكرة شراء أرض في الضفة الغربية بشكل علني، ويقولون ‘نحن لا نتفق مع القانون الدولي، أو أن هناك احتلالا، أو أن حل الدولتين أمر مهمّ حقا”.

وينظر الفلسطينيون إلى بيع الأراضي للمستوطنين على أنها خيانة لقضيتهم الوطنية، لذا فإن مثل هذه المعاملات تتم عادة سرّا أو من خلال وسطاء، مما يعرضهم للاحتيال. وفي بعض الحالات، يؤدي ذلك إلى طرد العائلات الفلسطينية من منازلهم الذين يقولون إنهم لم يبيعوا ممتلكاتهم أبدا.

وبينما تتمتع المستوطنات بدعم واسع داخل إسرائيل، إلا أن يهود الغرب الذين هم أيضا على خلاف مع الحكومة الإسرائيلية في الأمور الدينية، ينظرون إليها على أنها عقبة أمام السلام. وينتمي معظم اليهود الأميركيين إلى التيارات الأكثر ليبرالية ويشعرون بأنهم منبوذون من قبل السلطات اليمينية المتطرفة في إسرائيل، الذين يشككون في عقيدتهم وممارساتهم.

ويقول الحاخام ريك جاكوبس، رئيس اتحاد “يونيون فور ريفورم جودايزم”، وهي أكبر حركة يهودية في أميركا الشمالية، إن اتخاذ الصندوق القومي اليهودي هذا الموقف العلني ينبع من الانتخابات الأخيرة التي أجريت في المؤتمر الصهيوني العالمي التي جلبت إلى السلطة قادة يمينيين أكثر ارتباطا بالحكومة الإسرائيلية.

وشجب الاتحاد ومنظمات أخرى معارضة اقتراح الصندوق القومي اليهودي وتعهدوا بالتصدي له عندما يجتمع مجلس الإدارة، لكن لم يتضح بعد إذا كانت لديهم أصوات كافية. ويشعر جاكوبس بالقلق من أن هذه الخطوة قد تشوّه صورة الصندوق القومي اليهودي بالنسبة إلى الكثيرين في الغرب أو تثير التوترات مع الإدارة الأميركية الجديدة، التي تعارض أيضا التوسع الاستيطاني.

وأقر الحاخام بأن الصندوق القومي اليهودي عمل في الضفة الغربية في الماضي، لكنه قال إن أنشطته تراجعت بشكل كبير على مدى العقدين الماضيين قبل استئنافها وتسريعها سرّا في السنوات الأخيرة، مما أثار معارضة من اتحاد “يونيون فور ريفورم جودايزم” وجماعات أخرى.

وقال جاكوبس “أطلقنا الإنذارات من قبل وقلنا إن هناك الكثير من عمليات شراء الأراضي تجري تحت الطاولة دون رقابة، وبصراحة، حتى دون إذن رسمي للقيام بذلك. هنا في أميركا الشمالية، غالبية اليهود يعارضون انتشار مشروع الاستيطان”.

والصندوق القومي اليهودي ومقره الولايات المتحدة هو كيان منفصل له مجلس إدارته ومكاتبه الخاصة في نيويورك والقدس. وقال الرئيس التنفيذي للمنظمة، روسل روبنسون، إنه لا يتدخل في السياسة ويركز على المشاريع في منطقتي النقب والجليل في إسرائيل. وأضاف أن “السياسة ليست المكان الذي تريد غالبية الناس المشاركة فيه. إنهم يريدون المشاركة في جعل العالم مكانا أفضل، ونحن نمنحهم هذه الفرصة”.

ويتعاقد الصندوق القومي اليهودي الأميركي مع الصندوق القومي اليهودي في إسرائيل على مشاريع الاعتناء بالغابات وبناء الخزانات. كما موّل بعض المشاريع الصغيرة في الأراضي المحتلة، بما في ذلك متحف التراث في كتلة مستوطنات غوش عتصيون.

ويرفض روبنسون الصراع الداخلي الذي يحدث داخل المنظمات الصهيونية الرئيسية، ويقول إنه لم يكن لهذه الصراعات أي تأثير على جمع التبرعات لمجموعته. لكن جاكوبس يقول إن على الإسرائيليين أن يشعروا بالقلق إزاء العلاقات المتوترة بين حكومتهم المتشددة وحلفائهم في الخارج. وأضاف “يهود أميركا مهتمون أكثر من اللازم بالحياة السياسية للولايات المتحدة. نعمل لوقت إضافي على إزالة الخلافات وبناء جسور القواسم المشتركة، لكننا لن نتخلى عن التزاماتنا الأساسية للقيام بذلك”.

2