"منبوذون" رواية عن حياة سجين من داخل زنزانته

نواكشوط – أصدر الروائي الموريتاني باللغة الفرنسية امبارك ولد بيروك كتابا جديدا بعنوان “منبوذون”، يتحدث فيه عن مأساة حديثة ويضفي عليها بُعدا أسطوريا.
وتتابع الرواية حياة سجين كتب من داخل زنزانته إلى حبيبته ليكشف لها عن قصته دون كذب ولا مجانبة.
جاء هذا السجين اليتيم المنحدر من البادية إلى المدينة حيث أرسله أخوه لمتابعة دراسته وحيث التقى من ستكون في قابل الأيام زوجته. وأثمر الزواج ولدين، لكن الضرورة والحاجة أجبرت الوالد على الذهاب إلى شمال البلاد كعامل يدوي.
وفي هذه الأثناء، لم تتحمل الزوجة الجميلة الفاقة التي تعيش فيها وانتهى بها الأمر إلى إفساد عش الزوجية، وغادرت المدينة بعدما عهدت بالابن الأكبر إلى صديقتها وجارتها.
ومن خلال الرواية، يغوص بيروك بالقارئ داخل عالم المنبوذين، متناولا تارة صوت الوالد وتارة أخرى صوت الابن: حيث يثير الأول بحنين، في تعويذة طويلة وشاعرية، شبابه الذي قضاه في الصحراء وأيام السعادة الغابرة مع حبيبته. ثم يكشف تدريجيا عن الطريقة التي وصل بها الوضع إلى هذه الحال.
أما الثاني، فيحكي بكلمات الطفولة حياته اليومية في حي شعبي بعيد عن حياة البادية والألم الذي يسببه البعد عن الوالدين.
من خلال الحكايتين، ترتسم الخطوط المُمَيزَة لمختلف الشخصيات وتَبرُزُ الرواية كلوحة خفية لمجتمع في قلب التحولات وأنشودة حب عائلي يائس وعاطفي.
كما يتميز “منبوذون” بقوة الكلمات وبهجة الأسلوب لتعطيا أغنية حب لموريتانيا كبلد تتجاذبه تناقضات القرن الحادي والعشرين بين العولمة والتقاليد وبين الإرث القديم للصحراء وألعاب الفيديو في الأحياء الشعبية وبين النزاعات الاجتماعية والعواطف الخاصة وبين أنانية البعض وطيبة الآخرين وبين الظلم والإنسانية.
وبغض النظر عن القصة المأساوية والبسيطة كالحادث، هناك تلك القدرة الرائعة على الحب، والحياة التي تَهُب كالرياح العاتية الآتية من المحيط لتغزو الرمال. فبعض الشخصيات العديدة مفعمة بتلك الإنسانية التي تنبعث في كل يوم، وذلك الإنصات وحب الآخر وواجب التضامن، وهي قيم تسمح للإنسان بالصمود في وجه عاديات الزمن وفي وجه الشر والفقر والسوء.
ويذكر أن بيروك المولود في 1957 في مدينة “أطار”، 450 كيلومترا شمال نواكشوط، أصدر عدة كتب باللغة الفرنسية من أبرزها “طبل الدموع” الحاصل في 2016 على جائزة “أحمدو كوروما” ورواية “ونسيت السماء أن تُمطر” في 2006 و”المُطرب والأمير” في 2013.