تبون يجري تعديلا حكوميا جزئيا يعيد رموزا من النظام السابق إلى الواجهة

الرئيس الجزائري يحاول احتواء الغضب المتنامي في الذكرى الثانية للحراك الذي أنهى حكم الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة.
الاثنين 2021/02/22
حراك رافض لرموز النظام السابق

الجزائر – أجرى الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون الأحد، عشيّة الذكرى الثانية لانطلاق الحراك، تعديلا حكوميّا جزئيّا لم يشمل تغييرا للوزراء البارزين، واقتصر على تعيين 6 وزراء جدد دون المساس بالوزارات السيادية، بينهم وجوه محسوبة على النظام السابق.

ووفق لائحة الوزراء التي نشرتها الرئاسة الجزائرية، بقي رئيس الوزراء عبدالعزيز جراد في منصبه رغم الانتقادات التي طالته، كما لم يطرأ أيّ تغيير على الوزارات السياديّة.

وشمل هذا التعديل الوزاري الجانب الاقتصادي، في ظلّ تفاقم الأزمة الاقتصادية التي تمرّ بها الجزائر، بسبب تراجع إيرادات الطاقة وتداعيات انخفاض أسعار النفط العالمي بفعل جائحة كورونا، التي دفعت الجزائر أيضا إلى شلل شبه تام للحدّ من انتشار الوباء.

وطال التغيير وزير الطاقة عبدالمجيد عطار، ووزير الصناعة فرحات آيت علي، الذي تعرّض لانتقادات على خلفيّة إدارته ملفّ إحياء صناعة السيّارات.

وأثار فرحات آيت علي جدلا كبيرا على المنصات الاجتماعية، بعد أن ألغى استيراد السيارات المستعملة، رغم ورود بند في قانون الموازنة العامة لعام 2020 يجيز ذلك.

ومنذ سنوات تشهد الجزائر ندرة كبيرة في السيارات الجديدة وغلاء أسعار المستعملة، في ظل تجميد الاستيراد، وتوقف مصانع للتركيب والتجميع أقيمت خلال حكم الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة.

والتهبت المنصات الاجتماعية لاحقا عقب إعلان قائمة من 4 مستوردين للسيارات الجديدة، لكن الوزير فرحات آيت علي رفض الكشف عن القائمة أو الماركات المعنية.

وأقال تبون وزراء الموارد المائيّة والسياحة والبيئة والأشغال العموميّة. وأبقى على وزير العدل بلقاسم زغماتي الذي تحوّل إلى رمز لملاحقة المعارضين ونشطاء الحراك قضائيّا، ووزير الاتّصال المتحدّث الرسمي للحكومة عمار بلحيمر، الذي يمارس نفوذا على وسائل الإعلام.

ويواجه تبون الذي يعتبر امتدادا للنظام السابق دعوات متزايدة للرحيل في الذكرى الثانية للحراك الشعبي (22 فبراير)، الذي أنهى عقدين من حكم الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة.

لكن التعديل الحكومي الجزئي تضمن عودة وزيرين من الوجوه المحسوبة على النظام السابق، الذي يطالب الحراك برحيله كليا.

وتولى مستشار بوتفليقة السابق محمد علي بوغازي (إسلامي)، منصب وزير السياحة والصناعة التقليدية والعمل العائلي، خلفا لمحمد حميدو.

وشغل بوغازي منصب مستشار بوتفليقة لسنوات عديدة، وبرز كقارئ لرسالات الرئيس الجزائري السابق خلال فترة مرضه ما بين 2013 حتى استقالته في 2 أبريل 2019.

كما عادت دليلة بوجمعة وزيرة للبيئة، خلفا لنصيرة بن حراث، وهو نفس المنصب الذي تقلدته لعدة سنوات خلال حكم بوتفليقة.

وقبل سفره إلى برلين في أوائل يناير لتلقّي العلاج جرّاء "مضاعفات" ما بعد إصابته بكوفيد - 19، كان تبون قد أعرب علنا عن عدم رضاه عن عمل حكومة جراد. ووعد حينها بأنّ التعديل الوزاري سيشمل قطاعات يشعر المواطن بالنقص في تأديتها لمهامها.

ويأتي هذا التعديل فيما تواجه السلطة ضغوطا شعبية على وقع حراك شعبي، يبحث في الذكرى الثانية لانطلاقه عن استعادة زخمه بعد موجة قمع غير مسبوقة استهدفت النشطاء.

والأحد، تجمّع المئات من الجزائريين في باريس دعما للحراك الاحتجاجي الجزائري، مطالبين بالإفراج عن كل معتقلي الرأي وإحداث "تغيير جذري" في النظام الحاكم.

وكتب أحد مستخدمي تويتر الأحد أنّ هذا التعديل "يشير إلى أنّ لا شيء سيتغيّر".

وقال الناشط زكي حناش (33 عاما) إنّ "التعديل الوزاري لا يعنيني"، معتبرا أنّ الأمر يتعلّق بالأشخاص أنفسهم. وأضاف "إنّه الأمر ذاته بالنسبة إلى البرلمان. (النوّاب) الجدد سيعملون مثل النظام الحالي من أجل مصالحهم الخاصّة. إنّهم لا يعملون من أجل الشعب".

وكان تبّون قد حلّ المجلس الوطني الشعبي تمهيدا لإجراء انتخابات تشريعيّة مبكرة في غضون ستّة أشهر كحدّ أقصى.

ولم يُحدَّد بعد موعد للانتخابات، لكنّ الطبقة السياسيّة تُعوّل على تنظيمها في يونيو.

وبموجب الدستور يجوز لرئيس الجمهورية أن يقرّر حلّ المجلس الشعبي الوطني أو الدعوة إلى انتخابات تشريعية مبكرة، على أن تجري في أجل أقصاه ثلاثة أشهر يمكن تمديده ثلاثة أشهر أخرى عند الاقتضاء.

وأطلق تبّون مساء الخميس، مبادرة تهدئة بإصداره عفوا رئاسيا عن العشرات من معتقلي "الحراك المبارك"، كما حاول حلّ الأزمة السياسية، بقراره حلّ البرلمان وتنظيم انتخابات تشريعية مبكرة ووعده بإجراء تعديل حكومي.

وللتخفيف من حدة الغضب الشعبي، أصدر تبون عفوا رئاسيا عن نحو 40 معتقلا من النشطاء، بينهم الصحافي خالد درارني الذي أصبح رمزا للنضال من أجل حرية الصحافة في بلده.

لكن على الرغم من خطاب الرئيس، تنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي دعوات إلى التظاهر في جميع أنحاء البلاد، خصوصا في الجزائر العاصمة، بمناسبة ذكرى الحراك، بعد مسيرات عدة خرجت هذا الأسبوع.

وكان الحراك اضطرّ إلى تعليق تظاهراته الأسبوعية في مارس بسبب الجائحة.

ورحب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بالعفو عن معتقلي الرأي، الذي قرره تبون بمناسبة الذكرى الثانية لانطلاق الحراك الشعبي، وذلك في اتصال هاتفي بينهما السبت، وفق ما أعلن قصر الإليزيه الأحد.

وقال الإليزيه في بيان إن ماكرون "رحب" بالعفو و"عبر عن دعمه لتطبيق الإصلاحات الجارية".

وانطلق الحراك الاحتجاجي الجزائري في 22 فبراير 2019، وقاد بعد شهرين إلى استقالة الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة بعد بقائه عقدين في السلطة، ليتولى تبون الرئاسة في ديسمبر 2019، إثر فوزه في أول انتخابات رئاسية قاطعها أغلب الجزائريين.