إيران مصممة على تقويض الجهود الدولية لإنقاذ الاتفاق النووي

طهران - بدأ المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافايل غروسي اجتماعات مع مسؤولين في طهران الأحد، قبيل انتهاء مهلة حددتها إيران لتقليص عمل المفتشين الدوليين في حال عدم رفع العقوبات الأميركية.
والتقى غروسي صباح الأحد رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية علي أكبر صالحي، لبحث سبل العمل مع طهران في ضوء احتمال تقليص التعاون، في وقت تقابل فيه الأخيرة الجهود الأميركية الأوروبية لإنقاذ الاتفاق النووي بمزيد من التصعيد.
وقال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف الأحد إن قرار طهران إنهاء عمليات التفتيش المفاجئ التي تجريها الوكالة الدولية للطاقة الذرية اعتبارا من 23 فبراير لا يعني التخلي عن الاتفاق النووي المبرم عام 2015 لكن يتعين على واشنطن رفع العقوبات عن طهران لإنقاذ الاتفاق.
وانتقد ظريف في مقابلة أجراها معه التلفزيون الإيراني إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن قائلا "في واقع الأمر هم يتبعون نفس سياسة الضغوط القصوى" التي انتهجها سلفه دونالد ترامب.
وأضاف "يمكن العدول عن جميع الخطوات التي اتخذناها (خارج نطاق الاتفاق النووي)... يجب على الولايات المتحدة العودة للاتفاق ورفع كل العقوبات... الولايات المتحدة تدمن فرض العقوبات لكن عليهم أن يعلموا أن إيران لن ترضخ للضغوط".
وأبدت إدارة بايدن استعدادها للعودة إلى الاتفاق، لكنها اشترطت بداية عودة إيران إلى التزاماتها. في المقابل، تشدد طهران على أولوية رفع العقوبات، مؤكدة أنها ستعود إلى التزاماتها في حال قامت الولايات المتحدة بذلك.
وبموجب قانون أقره مجلس الشورى الإيراني في ديسمبر، يتعين على الحكومة الإيرانية تعليق التطبيق الطوعي للبروتوكول الإضافي الملحق بمعاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية، في حال عدم رفع واشنطن للعقوبات بحلول 21 فبراير.
وسيقيد ذلك بعض جوانب نشاط مفتشي الوكالة التي تبلغت من طهران دخول الخطوة حيز التنفيذ في 23 منه.
وصرح غروسي أن الهدف من زيارته هو التوصل الى "حل مقبول من الطرفين، متلائم مع القانون الإيراني، لتتمكن الوكالة الدولية للطاقة الذرية من مواصلة نشاطات التحقق الأساسية في إيران". وأضاف "أتطلع قدما الى تحقيق نجاح، يصب ذلك في مصلحة الجميع".
من جهته، أكد صالحي السبت أن الخطوة المقبلة ستدخل حيز التنفيذ الثلاثاء.
وقال إن "الطرف الآخر لم ينفذ حتى الآن واجباته برفع العقوبات، لذا سيتم تعليق عمليات التفتيش التي تتجاوز (اتفاق) الضمانات"، مضيفا أنه سيبحث مع غروسي "مراجعة ومناقشة اعتبارات الوكالة الدولية للطاقة الذرية في إطار اتفاق الضمانات والتعاون الثنائي"، وفق التلفزيون الرسمي.
وسبق لإيران التأكيد أنها لن تطرد مفتشي الوكالة التابعة للأمم المتحدة أو توقف التعاون معهم.
وأبرم الاتفاق النووي بعد أعوام من المفاوضات وهدف بشكل أساسي الى رفع الكثير من العقوبات المفروضة على إيران، في مقابل خفض أنشطتها النووية وضمان عدم سعيها لتطوير سلاح نووي.
وقال النائب الأول لوزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي للتلفزيون الرسمي مساء السبت، إن طهران تدرس الاقتراح.
وأوضح "نحن ندرس هذا الاقتراح ونتشاور مع أصدقائنا وحلفائنا مثل الصين وروسيا. لكن في الأساس، نعتقد أن عودة واشنطن الى خطة العمل الشاملة المشتركة (الاسم الرسمي للاتفاق النووي) ورفع العقوبات واحترام التزاماتها، لا تحتاج الى مفاوضات".
وأفاد "سنقرر بشأن الاجتماع بعد المشاورات التي نجريها".
وقال عراقجي ان "زيارة غروسي لا علاقة لها بقرار إيران الذي سينفذ". وأضاف أن "قدرة الوكالة على الرقابة ستنخفض بما يتراوح بين نحو 20 إلى 30 في المئة نتيجة تنفيذ قرار البرلمان".
وأوضح الدبلوماسي أن الخطوة الجديدة " ستقلص قدرة الوكالة الدولية للطاقة الذرية على التفتيش بنحو 20 الى 30 بالمئة"، مشددا في الوقت ذاته على أن ذلك "لا يعني أننا ننسحب من خطة العمل الشاملة المشتركة".
وأشار "الخطوة قابلة للعودة عنها، كما كل التزاماتنا السابقة التي خفّضنا الالتزام بها".
وسبق للولايات المتحدة والدول الأوروبية المنضوية في الاتفاق، تحذير إيران من تبعات خطوتها المقبلة. ودعت هذه الدول بعد اجتماع لوزراء خارجيتها الخميس، إيران الى تقييم "عواقب إجراء خطير كهذا، خصوصاً في هذه اللحظة التي تسنح فيها الفرصة، العودة إلى الدبلوماسية".
وأبلغ الرئيس الأميركي بايدن مؤتمر ميونيخ للأمن أن بلاده ستتعاون مع حلفائها في سبل التعامل الدبلوماسي مع إيران، بعدما اعتمد سلفه ترامب سياسة "ضغوط قصوى" حيالها.
وقال بايدن إنّ "تهديد الانتشار النووي لا يزال يتطلّب دبلوماسيّةً وتعاوناً دقيقَين في ما بيننا". وأضاف "لهذا السبب قُلنا إنّنا مستعدّون لإعادة الانخراط في مفاوضات مع مجموعة 5+1 بشأن برنامج إيران النووي".
وعكست الصحف الإيرانية الأحد آراء متباينة بشأن قانون مجلس الشورى الذي يهيمن عليه المحافظون.
واعتبرت صحيفة "كيهان" المحافظة أن الخطوة الجديدة "استراتيجية"، وتوفّر "ضمانة" من خلال افهام الطرف الآخر أن "فسخ العقد (الاتفاق) أمر مكلف".
وشددت على أن إيران لن تتيح للدول الغربية "التلاعب بمصالحها الوطنية".
من جهتها، رأت صحيفة "شرق" الإصلاحية أن واشنطن "لم تظهر أي نية للعودة إلى الاتفاق، على رغم معرفتها بقرار البرلمان".
وأضافت "لا يوجد أي أفق للانفتاح حتى الآن"، مرجحة أن تكون الأيام المقبلة "مفصلية بالنسبة الى إيران ومجموعة 4+1، وأيضا للولايات المتحدة".