إيران ترد على العرض الأميركي الأوروبي للتفاوض: رفع العقوبات أولا

طهران - جددت إيران مطلبها برفع العقوبات بعد عرض أوروبي أميركي للبدء في محادثات لبحث سُبل إحياء الاتفاق النووي الإيراني، وذلك في إطار سياسة تخفيف الضغوط التي تنتهجها إدارة الرئيس جو بايدن.
وطالب وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، الإدارة الأميركية برفع جميع أشكال الحظر المفروض على الجمهورية الإسلامية "بشكل فاعل ودون أي شروط مسبقة".
وكتب ظريف على تويتر الجمعة "التزاما بـقرار مجلس الأمن الدولي، ترفع الولايات المتحدة بشكل غير مشروط وفاعل كل العقوبات، التي فرضت أو أعيد فرضها أو أعيدت تسميتها من قبل ترامب".
وأكد "سنعكس فورا كل الإجراءات التعويضية التي اتخذناها" اعتبارا من 2019، وشملت التراجع عن العديد من الالتزامات الأساسية بموجب الاتفاق، ردا على الانسحاب الأميركي منه.
وتأتي تصريحات ظريف ردا على إعلان الولايات المتحدة الخميس، أنها مستعدة لعقد لقاء مع إيران وخمس دول أخرى لمناقشة البرنامج الإيراني.
وتشكل هذه الخطوة تحولا كبيرا عن السياسة الأميركية تجاه طهران، التي انتهجتها إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب.
وتواصل إيران في المقابل تصعيدها بشأن ملفها النووي، منتهجة سياسة متشدّدة ومستفيدة من سياسة تخفيف الضغوط من قبل إدارة بايدن، التي أبدت نوعا من الليونة تجاه طهران.
وتزامنا مع ذلك يقترب الموعد الذي تنتهي بحلوله مهلة حددتها إيران لتقليص عمل مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ما لم ترفع واشنطن العقوبات بحلول يوم 21 فبراير.
وحذرت الولايات المتحدة والدول الأوروبية المنضوية في الاتفاق، من تبعات "خطورة" الخطوة الأخيرة.
وأبرم الاتفاق بين إيران والقوى الست الكبرى (الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسيا والصين وألمانيا)، وانسحبت منه واشنطن أحاديا عام 2018، معيدة فرض عقوبات اقتصادية انعكست سلبا على الاقتصاد الإيراني وقيمة العملة.
وبعد نحو عام، بدأت إيران بالتراجع تدريجيا عن العديد من التزاماتها الأساسية بموجب الاتفاق المعروف بـ"خطة العمل الشاملة المشتركة"، والذي وضع إطاره القانوني بقرار مجلس الأمن 2231.
وأبدت إدارة بايدن عزمها العودة إلى الاتفاق، لكنها تشترط بداية عودة طهران لكامل التزاماتها، وفي المقابل، تؤكد إيران أولوية رفع العقوبات قبل عودتها إلى التزاماتها.
وطلب مجلس الشورى الإيراني من الحكومة بموجب قانون أقره في ديسمبر الماضي، تعليق التطبيق الطوعي للبروتوكول الإضافي الملحق بمعاهدة الحدّ من انتشار الأسلحة النووية، في حال عدم رفع الولايات المتحدة للعقوبات بحلول 21 فبراير.
وسيقيد ذلك بعض جوانب نشاط مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، التي أكدت تبلغها من طهران دخول الخطوة حيز التنفيذ في الـ23 منه.
وأعلنت إدارة بايدن الخميس موافقتها على دعوة أوروبية للمشاركة في محادثات تحضرها إيران.
وضمن الإجراءات المعلنة، ألغت إدارة بايدن إعلانا أحاديا أصدره ترامب في سبتمبر حول إعادة فرض عقوبات دولية على إيران، علما بأنه رفض حينها بالغالبية المطلقة في المجلس.
كما أعلنت الخارجية الأميركية تخفيف القيود المفروضة على تنقلات الدبلوماسيين الإيرانيين لدى الأمم المتحدة، التي شددتها إدارة ترامب.
ورأت الخارجية الأميركية أن محادثات بمشاركة كل أطراف الاتفاق، ستسمح "بمناقشة أفضل السبل للمضي قدما في ما يتعلق بالبرنامج النووي الإيراني".
وأكدت الخارجية البريطانية مشاركتها في مباحثات، قد تشكل "خطوة أولى للعودة إلى الدبلوماسية".
ووصف مستشار الأمن القومي الأميركي السابق، جون بولتون رغبة بايدن في العودة إلى الاتفاق النووي مع إيران بـ "كارثة بالنسبة للشرق الأوسط".
ودعا بولتون في مقال نشره بصحيفة ديلي تلغراف البريطانية رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، إلى إقناع الرئيس الأميركي جو بايدن، إلى عدم العودة إلى الاتفاق النووي مع إيران. وقال إن وأنه لابد لجونسون أن يشير عليه بطريق آخر.
وأضاف إن أخبار استئناف إيران تخصيب اليورانيوم هزت المراكز الأمنية في العالم كله. والواقع أن طهران أعلنت فقط ما كانت تقوم به سرا. فالإيرانيين يعملون بلا هوادة على رفع مستوى التخصيب قبل أي مفاوضات مع إدارة بايدن.
وشدد بولتون على أن رد بريطانيا على ما يجري مسألة حيوية. فالاتحاد الأوروبي ينظر إلى الاتفاق النووي مع إيران بنوع من القداسة. وشاركتهم في الأمر إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما بغير بصيرة. ولكن خروج الولايات المتحدة من الاتفاق أفسد عليهم هذه القداسة.
ويرى بولتون أنه مهما كانت رغبة إدارة بايدن في العودة إلى الاتفاق لابد أن تعرف أن العالم تغير منذ انسحاب الولايات المتحدة منه في 2018. والشرق الأوسط حدثت فيه تحولات جذرية تاريخية.
وكتب أن دور جونسون في القضية محوري الآن. فالحكومة البريطانية دعمت الاتفاق في السابق، وعندما كان جونسون وزيرا للخارجية. لكن الظروف الحالية تختلف عن الظروف السابقة.
وأرجع ذلك إلى أن بريطانيا لم تعد ملزمة بمواقف برلين وباريس من القضية.
وتعتزم إيران اعتبارا من الثلاثاء، الحد من وصول مفتشي الوكالة الدولية إلى منشآت غير نووية، بما في ذلك مواقع عسكرية يشتبه بأنها تشهد نشاطا نوويا.
ودعت أوروبا والولايات المتحدة طهران إلى تقييم "عواقب مثل هذا الإجراء الخطير، خصوصا في هذه اللحظة التي تسنح فيها الفرصة للعودة إلى الدبلوماسية".
وأكد البيان الأميركي الأوروبي "القلق المشترك" إزاء "القرار الإيراني الأخير لإنتاج اليورانيوم المخصب بنسبة عشرين في المئة واليورانيوم المعدني"، وهو ما يشكل "مرحلة أساسية في تطوير سلاح نووي".
ورد ظريف مساء الخميس بالتأكيد أن "إجراءاتنا هي رد على الانتهاكات الأميركية والأوروبية". وأضاف "سنرد على الأفعال بأفعال".