عُمان تُلحق العمل في الجامعات الخاصة بمسار توطين الوظائف

مسقط- قطعت سلطنة عمان خطوة جديدة في برنامجها لتوطين الوظائف ضمن مخطّطها لإدخال تعديلات جوهرية على سوق العمل لملاءمته مع الإصلاحات الاقتصادية الجارية في البلاد وتطويعه للاستجابة للتغيرات الاجتماعية وعلى رأسها تزايد أعداد الشباب العمانيين الباحثين عن وظائف.
وأصدر وزير العمل في سلطنة عمان محاد بن سعيد باعوين قرارا يقضي باقتصار مزاولة بعض المهن على العُمانيين في مؤسسات التعليم العالي الخاصة سعيا إلى تحقيق توطين الوضائف وإحلال اليد العاملة المحلّية محلّ الوافدين الذين أصبحوا يشكّلون عبئا على سوق العمل وعلى اقتصاد البلاد المرهق نتيجة تراجع أسعار النفط وتداعيات جائحة كورونا، واستنزافا لرصيد العملة الصعبة بتحويلاتهم المالية نحو بلدانهم الأصلية.
ونقلت وكالة الأنباء العمانية، الأحد، عن نصر بن عامر الحوسني وكيل وزارة العمل قوله إنّ القرار ينص على أن يزاول العُمانيون فقط جميع المهن الإدارية والمالية والمهن المتصلة بدوائر وأقسام عمادة القبول والتسجيل وشؤون الطلبة والخدمات الطلابية وجميع المهن المتعلقة بالإرشاد الطلابي والإرشاد الاجتماعي والتوجيه الوظيفي.
وأكد أن الوزارة بالتعاون مع شركائها في أطراف الإنتاج مستمرة في بحث ودراسة أوضاع سوق العمل وإيجاد حلول متفق عليها لتعزيز الاستثمار وتمكين الكوادر الوطنية.
وأشار إلى أن هذا القرار جاء بالتنسيق مع وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار واللجنة التنسيقية لمؤسسات التعليم العالي الخاص على أن يُطبّق على كل مؤسسات التعليم العالي الثماني والعشرين في السلطنة.
الخطوات العمانية المتّخذة إلى حدّ الآن في مجال توطين الوظائف، تؤكد أن السلطنة اختارت الحسم الجذري والسريع للملف
ومن جهته أكد بخيت بن أحمد المهري وكيل وزارة التعليم العالي أن الجامعات والكليات الخاصة تعد جزءا مهما من منظومة القطاع الخاص في السلطنة، مشيرا إلى ما شهدته هذه الجامعات والكليات من نموّ في عددها إذ بلغ 28 جامعة وكلية، كما شهدت تطوّرا ملحوظا على مستوى البنية الأساسية والبرامج الدراسية التي تقدّمها مما عزّز من دورها في إيجاد فرص وظيفية للمواطنين.
وتوضّحت خلال الأشهر الماضية معالم برنامج إصلاحي واسع في عمان مرتبط برؤية سلطان البلاد الجديد هيثم بن طارق الذي تولّى زمام السلطة مطلع العام الماضي خلفا للسلطان الراحل قابوس بن سعيد.
ويرى متابعون للشأن العماني أنّ التغيير الذي شهدته السلطنة بتعيين السيد ذي يزن بن هيثم وليا للعهد حمل دعما قويا لاستقرار البلد، ومهد الأرضية لتنفيذ منظومة الإصلاحات الطموحة بالسرعة والثبات المطلوبين. وكان إصلاح سوق العمل مسألة مطروحة في عمان منذ سنوات لكنّه لم يحدث أن شهد زخما في تنفيذه مثلما شهده مؤخّرا.
ويعتبر هؤلاء أن تتالي القرارات الجريئة الهادفة لإدخال تغييرات عميقة على سوق عمل اعتاد على استقدام عمالة رخيصة هو بمثابة استثمار ذكي للأزمة الاقتصادية من خلال تسريع الحسم في عدد من القضايا والملفّات المطروحة منذ عدّة سنوات، والدفع بإصلاحات طال انتظارها، ولم تعد الظروف المستجدّة تسمح بتأجيلها.

وتؤكّد الخطوات العمانية المتّخذة إلى حدّ الآن في مجال توطين الوظائف أن السلطنة اختارت الحسم الجذري والسريع للملف، خصوصا وأنّ الظروف الاقتصادية والمالية للسلطنة لم تعد تسمح باستقبال المزيد من العمال الأجانب وتشغيلهم.
وكشفت السلطنة مؤخرا عن ميزانيتها للعام 2021 والتي تلحظ عجزا بقيمة 5.7 مليار دولار رغم خفض الإنفاق بنسبة 14 في المئة مع تضرر قطاعي الطاقة والسياحة على خلفية إجراءات الحد من انتشار فايروس كورونا المستجد.
وأعلن أواخر يناير الماضي استثناء المقيمين الأجانب من عدة قطاعات ومهن لتصبح حكرا على المواطنين في الدولة الساعية لتنفيذ حزمة كبيرة من الإصلاحات يطال الكثير منها الاقتصاد، سعيا لتنشيطه والرفع من إنتاجيته، بما في ذلك خلق المزيد من الوظائف للمواطنين العمانيين.
وطال القرار مجموعة من المهن في منشآت القطاع الخاص، من بينها المهن الإدارية والمالية في شركات التأمين والبيع والمحاسبة والصرافة وترتيب البضائع في المحلات بالمجمعات التجارية الاستهلاكية، ومهن تدقيق الحسابات في وكالات السيارات.
كما تشمل بيع السيارات الجديدة والمستخدمة، ونشاط بيع قطع الغيار للمركبات الجديدة التابعة لوكالات السيارات، وقيادة المركبات الخاصة بنقل المواد الزراعية والوقود والمواد الغذائية.
وجاء الالتفات إلى توطين وظائف القطاع الخاص بعد أن دعت السلطات العمانية في أفريل الماضي الشركات العامة إلى استبدال موظفيها الأجانب في المواقع المسؤولة، بالمواطنين.