بوادر مواجهة بين تركيا والولايات المتحدة في ظل إدارة بايدن

الحوار بين واشنطن وأنقرة يكاد يكون منعدم  في عهدة الرئيس السابق دونالد ترامب ويبدو أنها ستزداد توترا في ظل إدارة بايدن.
الأحد 2021/02/14
رسم سياسات متشددة إزاء تركيا

واشنطن - يعكس عدم اتصال الرئيس الأميركي، جو بايدن، بنظيره التركي رجب طيب أردوغان إلى حد الآن بعد أسابيع من تسلمه مهامه تبدّد فرص تهدئة حقيقية بين أنقرة وواشنطن في الوقت الراهن ما يمهد لمواجهة في المستقبل القريب بين البلدين رغم أنهما حليفان إذ تجمعهما العديد من الملفات العالقة.

وبعدما شهدت العلاقات بين تركيا والولايات المتحدة العديد من التقلبات في عهدة الرئيس السابق دونالد ترامب، يبدو أنها ستزداد توترا في ظل إدارة بايدن.

وإذا كان الترتيب الذي يتّصل به الرئيس الأميركي الجديد بنظرائه هو المرآة لحالة العلاقات الثنائية، فيفترض أن يشعر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالقلق.

فبعد أكثر من ثلاثة أسابيع على دخوله البيت الأبيض، لم يتصل بايدن بأردوغان حتى الآن. كما أن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن لم يتصل بنظيره التركي مولود جاويش أوغلو.

ومن المؤكد أن الحوار بين واشنطن وأنقرة لم يكن في أفضل حالاته خلال السنوات الأربع الماضية، وقد شهد أزمات حادة وغير مسبوقة بسبب العديد من الملفات على غرار صفقة صواريخ أس – 400 الروسية التي أبرمتها تركيا مع موسكو.

لكنّ ترامب وأردوغان “كانت تجمعهما علاقة شخصية حميمة”، بحسب الباحث ستيفن كوك من مجلس العلاقات الخارجية. وهي “صداقة” لم يكفّ الديموقراطيون عن توجيه اللوم بسببها إلى الملياردير الجمهوري.

وقال الباحث غاليب دالاي، في مقال نشره معهد بروكينغز للأبحاث، إن الرئيس الأميركي السابق “حمى تركيا من العديد من الإجراءات العقابية المحتملة”.

لكنه عندما قرر في نهاية ولايته معاقبة تركيا لحيازتها صواريخ أس – 400 الروسية وفق ما يقتضي القانون الأميركي، فعل ذلك بعد مقاومة طويلة.

وأثار بلينكن اهتمام العديد من أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين خلال جلسة تثبيته في منصب وزير الخارجية من خلال حديثه عن تركيا باعتبارها “شريكا استراتيجيا مزعوما لا يتصرف في نواح كثيرة كحليف”.

وبالفعل، يُنادي أعضاء الكونغرس من اليمين واليسار باعتماد خطّ أكثر تشددًا مع تركيا.

ستيفن كوك: ليس هناك شيء فعلي يربط بين الولايات المتحدة وتركيا

وكتب 54 من أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي من جميع الأطياف إلى الرئيس بايدن الأسبوع الماضي يدعونه إلى اعتماد نبرة أقوى مع نظيره التركي في ما يتعلق بملف حقوق الإنسان.

ومنذ ثلاثة أسابيع، ضاعفت وزارة الخارجية الأميركية تحذيراتها القوية للسلطات التركية التي تواجه انتقادات على خلفية هجماتها الكلامية ضد الأقليات الجنسية واستمرار اعتقال رجل الأعمال عثمان كافالا لأسباب “واهية”.

كما حرصت الخارجية الأميركية على أن تنفي في بيان أيّ “تورّط” في المحاولة الانقلابية في تركيا عام 2016 والتي أُطلِقت على اثرها موجة غير مسبوقة من القمع ضد المجتمع المدني ما جعل أنقرة عرضة لانتقادات .

وقال ستيفن كوك، الخبير في سياسة الولايات المتحدة والشرق الأوسط، إن “تركيا تقوم بحملة قمع، والصمت الأميركي في هذا الصدد كان لافتاً”. ولم يستبعد تحسن العلاقات بين البلدين، لكنه شدد على أنه “ينبغي ألاّ تكون هناك توقعات كبيرة” في هذا الإطار.

وأشار كوك إلى أن “تركيا والولايات المتحدة لديهما مصالح مختلفة ولا تتشاركان القيَم نفسها”، مضيفا “يمكن للبلدين العمل سويا في بعض القضايا، ولكن لم يعد هناك شيء يربط بينهما فعليا”. فالقضايا التي تثير اختلافات بينهما كثيرة بالفعل. وكان بايدن وصف في السابق نظام أردوغان بأنه “مستبد”.

وإضافة إلى ذلك فإن مصير المقاتلين الأكراد في سوريا، حلفاء واشنطن في محاربة الجهاديين والذين تصفهم أنقرة بـ”الإرهابيين” لا يزال معلّقا.

وأدت الأزمة التركية – اليونانية في شرق المتوسط إلى توتر العلاقات بين تركيا وبقية دول حلف شمال الأطلسي. كما أن الإجراءات الجنائية الأميركية ضد “خلق بنك”، أحد أكبر المصارف التركية، لانتهاكه العقوبات المفروضة على إيران، لا تزال تشكل أيضًا عقبة أمام تحسن العلاقات.

ولكنّ القضية الاستراتيجية الأكثر إلحاحًا تبقى مشكلة نظام الدفاع الروسي أس – 400. وقد أشارت أنقرة، التي تقول إنها تريد تحسين العلاقات، إلى أنها مستعدة في سياق المفاوضات لعدم تشغيل هذه الصواريخ المثيرة للجدل.

وقالت الخارجية الأميركية إن صواريخ أس – 400 تهدد أمن تكنولوجيا حلف شمال الأطلسي.

وقالت غونول تول، الباحثة في معهد الشرق الأوسط في واشنطن، “هذا موضوع صعب الحل” لأن “الرئيس أردوغان لا يستطيع التراجع” دون فقدان ماء الوجه.

وأضافت “لكنه إذا فعل ذلك، أعتقد أن حكومة الولايات المتحدة ستكون أقل استياء، وستتخذ مقاربة واقعية”، معتبرة أنّ بعض المقرّبين من بايدن قد يدفعونه إلى اتّخاذ موقف “أكثر مرونة” في حال تمكّنوا من “التعاون مع تركيا في الأمور التي تهمّ الأمن القومي”.

6