قرار الجنائية الدولية: إشادة فلسطينية وغضب إسرائيلي

لاهاي – أعلنت المحكمة الجنائية الجمعة أن الأراضي الفلسطينيّة تقع ضمن اختصاصها القضائي، في خطوة تمهد لمدعيتها العامة لإجراء تحقيقات بشأن ارتكاب جرائم حرب في تلك المناطق، ما أثار ردود فعل متباينة من هذا القرار.
وفيما لاقى القرار ترحيبا واسعا من قبل الفلسطينيين، حيث أشاد رئيس الوزراء محمد أشتية بـ”انتصار للعدالة”، نددت إسرائيل به، إذ اعتبر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الأمر “معاداة صريحة للسامية”.
وقال نتنياهو في بيان “عندما تحقق المحكمة الجنائية الدولية مع إسرائيل بتهمة ارتكاب جرائم حرب وهمية، فإن ذلك يعد معاداة للسامية”.
وأفاد بيان صادر عن المحكمة الجنائية أنّها “قرّرت، بالغالبيّة، أنّ اختصاص المحكمة القضائي الإقليمي في ما يتعلّق بالوضع في فلسطين، الدولة المنضوية في نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائيّة الدوليّة، يمتدّ إلى الأراضي الفلسطينيّة التي تحتلّها إسرائيل منذ العام 1967، وهي غزة والضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية”.
وكانت المدعية العامة فاتو بنسودا، قد طلبت الرأي القانوني للمحكمة حول اختصاصها في الأراضي التي تحتلها إسرائيل، وذلك بعد إعلانها في ديسمبر رغبتها في فتح تحقيق كامل ضدها.
وفلسطين هي عضو في المحكمة التي تأسست عام 2002، لكنّ إسرائيل ليست عضوا فيها.
وأضافت المحكمة أنّ القرار “ليس فصلا لنزاع حدودي بموجب القانون الدولي ولا حكما مسبقا على مسألة أي حدود مستقبلية” بل “لغرض وحيد هو تحديد الاختصاص القضائي الإقليمي للمحكمة”. ودعت بنسودا إلى تحقيق كامل عقب خمسة أعوام من التحقيق الأولي منذ حرب 2014 في غزة.
وكانت الولايات المتحدة الأميركية وحليفتها إسرائيل قد نددتا بشدة بتصريحات المدعية العامة. وفرضت إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب عقوبات على المدعية العامة ومسؤول آخر كبير في المحكمة في سبتمبر الماضي. وانتقدت كيفية تعامل المحكمة مع حليفتها إسرائيل.
وحضّت المدعية العامة التي تنتهي ولايتها في يونيو إدارة الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن على رفع تلك العقوبات.
ورحّب أشتية مساء الجمعة بإعلان المحكمة الجنائيّة الدوليّة بأنّ اختصاصها القضائي يشمل الأراضي الفلسطينيّة المحتلّة.
ونقلت وكالة الأنباء الفلسطينيّة الرسميّة (وفا) عن أشتية قوله إنّ “القرار الصادر عن المحكمة الجنائية الدولية هو انتصار للعدالة وللإنسانية، ولقيم الحق والعدل والحرية، وإنصاف لدماء الضحايا ولذويهم”.
وفي المقابل، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الثلاثاء في بيان “اليوم، أثبتت المحكمة مجدّدا أنّها هيئة سياسيّة وليست مؤسّسة قضائيّة”، معتبرا أنّ المحكمة بقرارها هذا تُلحق ضررا “بحقّ الديمقراطيّات في الدفاع عن نفسها ضدّ الإرهاب”.
وأضاف أنّ “المحكمة تتجاهل جرائم الحرب الفعليّة وتُلاحق بدلا من ذلك دولة إسرائيل، دولة تتمتّع بنظام ديمقراطي صلب يقدس دولة القانون وليست عضوا في المحكمة”.
وحسب ما أفاد مسؤول إسرائيلي، فبالنسبة إلى الدولة العبرية، فإنّ قرار المحكمة الجنائية الدولية هذا “لا يساعد” في إحلال السلام في الشرق الأوسط، في وقت تشهد فيه المنطقة “رياح تغيير” مع استمرار تطبيع العلاقات بين إسرائيل والدول العربية.
وقال “إنه قرار ليس في مصلحة المحكمة ولا في مصلحة إسرائيل أو المنطقة”.
ومن جهته، قال المتحدّث باسم وزارة الخارجيّة الأميركيّة نيد برايس “لدينا مخاوف جدّية حيال محاولات المحكمة الجنائيّة الدوليّة، ممارسة صلاحيّتها القضائيّة على الجنود الإسرائيليّين”.
وأضاف “لقد اتّخذنا دائما الموقف القائل إنّ اختصاص المحكمة يجب أن يقتصر على الدول التي وافقت على إنشائها، أو تلك التي يُحيلها إليها مجلس الأمن الدولي”.
وقال الوزير الفلسطيني حسين الشيخ، رئيس الهيئة العامّة للشؤون المدنيّة، على تويتر إنّ قرار المحكمة الجنائيّة الدوليّة “هو انتصار للحقّ والعدالة والحرية وللقيم الأخلاقيّة في العالم”.
ومن جهتها، قالت منظّمة هيومن رايتس ووتش غير الحكوميّة المعنيّة بحقوق الإنسان إنّ “الوقت حان لتقديم مُرتكبي أخطر الانتهاكات (الحقوقيّة)، من الإسرائيليّين والفلسطينيّين، إلى العدالة”.