بايدن يوجه بوصلته نحو آسيا متجنبا الغوص في "مستنقع" الشرق الأوسط

صحيفة بوليتيكو: هذه الخطوة تعكس المخاوف الأميركية المتزايدة من صعود الصين وكيفية استخدامها لقوتها.
الجمعة 2021/01/29
تركيز على المنافسة الآسيوية

واشنطن – أعاد فريق السياسة الخارجية للرئيس الأميركي جو بايدن توجيه أولوياته نحو القوى الصاعدة في آسيا، عوضا عن الشرق الأوسط.

وذكرت صحيفة بوليتيكو الأميركية أن مستشار مجلس الأمن القومي جيك سوليفان أعاد هيكلة موظفي المجلس، مما أدى إلى تقليص حجم الفريق المخصص للشرق الأوسط وزيادة حجم الوحدة التي تنسق السياسة الأميركية تجاه المنطقة الشاسعة من العالم الممتدة من المحيط الهندي إلى المحيط الهادئ، وهو ما يشير إلى اتجاه الرئيس جو بايدن نحو آسيا مستقبلا، وليس "عليه أن يقول ذلك صراحة". 

وحتى الآن لم يتم الإعلان رسميا عن هذه الخطوة التي تعد أحدث إشارة على أن الإدارة الجديدة ستعطي الأولوية لآسيا في ما يتعلق بالسياسة الخارجية.

وتعكس هذه الخطوة المخاوف المتزايدة بين المسؤولين والمشرعين في الحزبين الجمهوري والديمقراطي، من صعود الصين السريع على مدى العقدين الماضيين وكيفية استخدام القادة في بكين لقوتهم الجديدة.

ونقلت بوليتيكو عن مسؤولين حاليين وسابقين قولهم إنه في ظل الهيكلة الجديدة، سينمو مجال منسق المحيطين الهندي والهادئ كورت كامبل، في حين أن القسم الذي سيشرف عليه منسق الشرق الأوسط بريت ماكغورك سيكون محدودا.

ويعتقد بايدن وفريقه بأن أكبر التحديات الأمنية القادمة ستظهر من خلال ما يعرف بـ"القوى العظمى" المنافسة للولايات المتحدة، ممثلة في الصين وروسيا.

وحرص الرئيس الأميركي مع تسلم منصبه على التواصل مع زعماء أوروبيين وآسيويين، فيما لم يسجل له اتصال مع الدول الحليفة في الشرق الأوسط.

وكانت مكالمات بايدن الأولى مع قادة كندا والمكسيك والمملكة المتحدة، وتحدث مع رئيس الوزراء الياباني يوشيهيدي سوجا هذا الأسبوع.

والثلاثاء، تواصل بايدن مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وبحثا معا ملفات عدة في صلب التوتر بين البلدين.

وبعد يوم من تنصيب الرئيس الأميركي، تواصل مستشار الأمن القومي سوليفان مع نظرائه في فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة واليابان، وفقا لقراءات مجلس الأمن القومي للمحادثات، كما تحدث أيضا مع مستشار الأمن القومي لكوريا الجنوبية.

وتخالف هذه التغييرات هيكل مجلس الأمن القومي في عهد الرئيس الأسبق باراك أوباما، حيث كان قسم الشرق الأوسط أكبر بكثير مما هو عليه الآن، وكان ملف آسيا يُدار من قبل بعض الموظفين الذين وصفتهم بوليتيكو بـ"المبتدئين".

والاثنين الماضي، قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين بساكي "ما رأيناه خلال السنوات القليلة الماضية هو أن الصين تزداد استبدادا في الداخل وحزما في الخارج. وتتحدى بكين الآن أمننا وازدهارنا وقيمنا، مما يتطلب نهجا أميركيا جديدا".

وقالت الصحيفة إنّ فريق بايدن يريد أيضا تجنب مستنقع آخر في الشرق الأوسط وتعزيز التحالفات الأساسية في آسيا وأوروبا، والتي يعتبر أنها تعرضت للإهمال أو الازدراء في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب.

كما أرجعت هذه الهيكلة المفاجئة إلى ما سمته بـ"عقيدة سوليفان المهنية"، والتي تنص على عمل السياسة الخارجية لصالح الطبقة الوسطى الأميركية.

واعتبر كريم سجادبور، خبير الشرق الأوسط في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، "نقل موارد السياسة من الشرق الأوسط إلى آسيا انعكاسا أفضل للواقع الاقتصادي لأميركا".

وحتى إن بدا أن بايدن سيركز اهتمامه على آسيا وكبح جماح بكين، يرى محللون أن ذلك لا يعني التخلي عن الشرق الأوسط، لأن ذلك سيشكل خسارة كبيرة، بل وسينسف جهود تحجيم روسيا والصين اللتين تبديان اهتماما متزايدا بهذه الساحة.