عباس يدعم خيار قائمة مشتركة مع حماس لضمان السيطرة على الانتخابات

فرضية الدخول في قائمة مشتركة بين فتح وحماس تبدو نظريا مقبولة لكن هناك تحديات كبيرة تعترض طريقها في ظل تحفظ قيادات من فتح على هذه الخطوة.
الجمعة 2021/01/29
الاختبار الأول لمتانة التوافقات بين حماس وعباس

رام الله- تتفاعل التطورات على الساحة الفلسطينية استعدادا لاستحقاقات انتخابية مصيرية ستجرى خلال الأشهر القليلة المقبلة، قد تقلب المشهد الفلسطيني رأسا على عقب أو تكرس المعادلة القائمة.

ويتصدر الحديث عن إمكانية تشكيل حركتي فتح وحماس لقائمة مشتركة في الانتخابات التشريعية المشهد، وهو خيار يبدو أن رئيس السلطة محمود عباس يدعمه، لجهة أن ذلك يبقي على سيطرته على مجريات الأمور في الانتخابات.

ولم تحسم الحركتان بعد مسألة المشاركة ضمن قائمة مشتركة أو منفردة، وسط ترجيحات بأن يتم حل هذه المسألة في اللقاءات المرتقب إجراؤها في القاهرة خلال الأيام القليلة المقبلة.

وكان أمين سر اللجنة المركزية لفتح جبريل الرجوب صرح مؤخرا أن حركته لا تسعى إلى قائمة انتخابية مشتركة، لكنها لا ترفض ذلك إذا ما لبت شروط ورؤية الحركة وتقاطعت معها.

أحمد فؤاد أنور: الشكل العام للانتخابات تتوقف معالمه على مخرجات اجتماعات القاهرة
أحمد فؤاد أنور: الشكل العام للانتخابات تتوقف معالمه على مخرجات اجتماعات القاهرة

وأكد الرجوب أن الحركة “ستقود تشكيل جبهة وطنية موحدة ينتهي بموجبها الانقسام ويعود قطاع غزة إلى حضن الشرعية، ولتجسيد السيادة الوطنية على الأرض وتحديد مستقبل الدولة”، مؤكدا أن فتح ستركز على الصدام مع الاحتلال كعنصر ثابت فيما يحدد الوضع الميداني قواعد الاشتباك بتوافق وطني.

وتبدو فرضية الدخول في قائمة مشتركة نظريا  مقبولة، بيد أن هناك تحديات كبيرة تعترض طريقها، في ظل تحفظ قيادات بارزة من فتح على هذه الخطوة، وقد تقدم هذه القيادات على السير في خيار تشكيل قائمات مستقلة، الأمر الذي سيضعف الحركة ويزيد من تشتتها.

ويقول مراقبون إن حماسة عباس لقائمة مشتركة تهدف بالأساس إلى ضمان عدم حصول أي مفاجآت في الانتخابات التشريعية، كما يسعى من خلالها للحصول على ضمانة من حماس بدعمه في انتخابات الرئاسة.

ورغم أن عباس (85 عاما) لم يعلن حتى اللحظة عن ترشحه للرئاسة، بيد أن مقربين منه على غرار رئيس الوزراء محمد اشتية صرح قبل أيام بأن أبومازن مرشح طبيعي لهذا المنصب.

ومن النقاط الأخرى التي تجعل من رئيس السلطة الفلسطينية يتحمس للذهاب في قائمة مشتركة، هو قطع الطريق عن أي إمكانية لحصول تنسيق بين تيار الإصلاح الديمقراطي الذي يقوده القيادي محمد دحلان مع حركة حماس، وما يعكسه ذلك من قوة سياسية مضاعفة للطرفين تقلل من حظوظ فتح.

ويستطيع عباس من خلال طرح فكرة القائمة الموحدة اختبار نوايا حماس في هذه الانتخابات قبل الدخول في الانتخابات الرئاسية بعدها بنحو شهرين، والتعرف على مدى جديتها في التعاون والتنسيق مع فتح، وبالتالي تجنب سيناريو الانقلاب السابق، بكل ما تحمله خطوة من هذا النوع من تداعيات سياسية.

ويناقش اجتماع الفصائل الفلسطينية في القاهرة، المتوقع أن يبدأ في الخامس من فبراير المقبل، ملف المصالحة وملف الانتخابات. وإذا كان الأول تعتريه أزمات مزمنة، فإن التفاهمات لا بد أن تكون كبيرة حول مسألة الانتخابات، فهي استحقاق مصيري وعاجل، لا تصلح معه مراوغة أو تسويف.

ويرى سياسيون فلسطينيون أن فكرة القائمة الوطنية الموحدة تبدو مقبولة، غير أنها تحتاج إلى شفافية ومصداقية من جميع الفصائل، في مقدمتها فتح وحماس، وتتطلب تقديرات موضوعية للأوزان النسبية لكل حركة، والتي على أساسها سيتم تحديد حصة كل منهما.

جبريل الرجوب: الحركة ستقود تشكيل جبهة وطنية موحدة ينتهي بموجبها الانقسام
جبريل الرجوب: الحركة ستقود تشكيل جبهة وطنية موحدة ينتهي بموجبها الانقسام

ويضيف هؤلاء أن القضية في غاية الحساسية، من زاويتي الالتفاف حولها أو رفضها، ففي الحالتين يحتاج الأمر إلى رؤية موحدة تستطيع التعامل مع التطورات الصعبة، فالعالم سوف يوجه أنظاره لتجربة الانتخابات، وما إذا كانت القيادة الفلسطينية قادرة على الإمساك بزمام الأوضاع السياسية والأمنية أم لا.

وتتطلب القائمة المشتركة تفاهما واسعا حول المقاربات الرئيسية التي ستطرح على الطاولة في اجتماعات القاهرة، وستتحدد بموجبها الكثير من معالم المرحلة المقبلة وطبيعة العلاقة بين القوى الفلسطينية المختلفة.

وأكد الخبير في الشؤون الفلسطينية والإسرائيلية أحمد فؤاد أنور أن القائمة الفلسطينية الموحدة فكرة مقبولة على المستوى النظري، ويعتبرها البعض مخرجا سياسيا مناسبا، لكن المطبّات التي تعتريها كثيرة، حيث تطرح أسئلة عديدة بشأن نسبة كل حركة في القائمة، وحصة الفصائل، ما دون فتح وحماس، وكيف سيتم التعامل مع القوى المنشقة عن فتح، وماذا لو نجحت في تشكيل قائمة تحصل على نسبة أصوات تهز اقتناع السلطة الفلسطينية في الحركة وكوادرها المقربة منها؟

وأضاف لـ”العرب”، أن الإجابة على هذه الأسئلة حاسمة وتلعب دورا مهمّا في تحديد البوصلة، كما أن القائمة قد تواجه باعتراض من جهة بعض القيادات الفلسطينية وإسرائيل في آن واحد، فالقيادي المعتقل في سجون إسرائيل مروان البرغوثي مثلا، يشترط للمشاركة في دعم فتح أن يكون له دور في اختيار الأسماء المرشحة عموما.

وعلى الصعيد الإسرائيلي ثمة أسماء تتحفظ عليها تل أبيب، وقد تلجأ إلى حيل لفرملة ترشحها، ما يمثل عائقا أمام نجاح فكرة القائمة، فلدى إسرائيل ما يمكنها من العرقلة.

وشدد أنور على أن الشكل العام للانتخابات تتوقف معالمه على مخرجات اجتماعات الفصائل في القاهرة، فوجود رؤية موحدة يذلل الكثير من الصعاب، أما العودة إلى الطريقة السابقة في الشد والجذب فلها انعكاسات على المصالحة والانتخابات، وهو ما يتوقف على إرادة الأطراف الفلسطينية ومدى قدرتها على استيعاب الدروس، والتعامل مع المعطيات الإقليمية والدولية بدرجة عالية من المرونة، لأن الوقت ليس في صالحها.

2