المعارض التشكيلية في الكويت تعود إلى النشاط بعد توقف فرضه الوباء

معرض لأعمال مستوحاة من البيئة الكويتية القديمة، وأخرى تتقاطع مع الرؤى الحديثة في الفن التشكيلي.
الجمعة 2021/01/29
اشتغال جمالي على الألوان بتدرجاتها وتوهجها

في سياق اهتماماتها بالفنون الجميلة بكل اتجاهاتها وأساليبها وأشكالها ومحتوياتها، أقامت قاعة بوشهري للفنون في مدينة السالمية الكويتية معرضا استعاديا احتوى على مجموعة من الأعمال الفنية بمختلف مشاربها واتجاهاتها لكوكبة من الفنانين من الكويت وسوريا ومصر وإيران، جاء إيذانا بعودة الحياة تدريجيا إلى الأروقة الفنية بعد توقف مطوّل فرضته الجائحة.

الكويت – بعد أشهر من التوقف بسبب فايروس كورونا، عاد بعض الفنانين التشكيليين في الكويت إلى عرض لوحاتهم الفنية في قاعات العرض، وسط إجراءات احترازية صارمة لمواجهة انتشار العدوى.

وشهدت قاعة بوشهري للفنون في محافظة حولي أخيرا، افتتاح معرض لأعمال فنية مختارة لفنانين كويتيين وعرب وأجانب، من دون أي مراسم رسمية مثلما كان يتم سابقا، ووسط حضور محدود جدا، فيما علّقت لافتة على مدخل القاعة تذكّر بأن المعرض لن يستقبل إلاّ أربعة زوار في المرة الواحدة، شرط أن يرتدوا كمامات ويخضعوا لقياس درجة حرارتهم عند البوابة.

ومن بين الفنانين المشاركين في المعرض جعفر إصلاح ومحمود أشكناني وسوزان بشناق من الكويت، بالإضافة إلى فنانين من دول عربية وأجنبية بينها إيران وسوريا ومصر.

ويضمّ المعرض العديد من الأعمال المستوحاة من البيئة الكويتية القديمة، وكذلك الأعمال المتطوّرة التي تتقاطع مع الرؤى الحديثة في الفن التشكيلي من خلال أساليب فنية مختلفة تنهل من مناهج تشكيلية معاصرة.

وقدّم الفنان عباس مالك منحوتات فنية تبحث في الرمز من خلال ما يحتويه من رؤى، أما الفنان محمد الشيخ فقد أبرز التراث الكويتي في أجمل صوره، وتمتّعت أعمال الفنان عبدالهادي شلا بالعمق الفلسفي والحضور الذهني، في حين اختار الفنان محمود أشكناني الاشتغال على الألوان بتدرجاتها وتوهجها، خصوصا الألوان النارية المائلة إلى الأحمر.

يحيى سويلم: المعارض الفنية ضرورية، حيث أن الفن مرتبط بالحياة ومتغلغل فيها
يحيى سويلم: المعارض الفنية ضرورية، حيث أن الفن مرتبط بالحياة ومتغلغل فيها

وأبرزت أعمال الفنان راشد دياب تناغما حسيا بين الموضوع والفكرة، في حين حرص الفنان محمد عبدالوهاب على أن تكون أعماله مفعمة بالخطوط والتقابل والاختلاف في مسألة الألوان.

أما خزفيات الفنان علي العوضي فقد مزجت بين الخيال والواقع، وهو ما فعله الفنان رضا مخبي في مزجه الطريف بين التشكيل والخطوط العربية. أما الفنان عصام درويش فقد تضمنت منحوتاته رؤى منسجمة مع الحياة، وقدّمت الفنانة سوزان بشناق لوحة تشكيلية تعبّر عن المرأة في الكثير من حالاتها.

وقالت الفنانة التشكيلية المصرية سهير هاشم إن وباء فايروس كورونا المستجد سمح لها بإخراج كل طاقتها خلال فترة الحظر الصحي الطويلة، مضيفة “كورونا حبسنا، لكني استطعت في تلك الفترة أن أنهي أعمالا مميزة جدا”.

وشاركت هاشم التي ولدت في الكويت وتهتم بمجال الغرافيك أيضا، بستة أعمال فنية في هذا المعرض، في كل من تخصّص الحفر على الزنك والطباعة بالأبيض والأسود والخزف، وأما موضوعها الرئيسي الذي سعت إلى إبرازه فهو “معاناة الإنسان وأهمية الحرية والانطلاق”.

ولفتت الفنانة المصرية إلى أن عودة تنظيم بعض الفعاليات الثقافية أسعدتها، لأنها تشبه العودة إلى الحياة، مشيرة إلى أن الحياة من دون معارض لا طعم لها بالنسبة إلى الفنان، ذلك أنها تمنح المتابع المتعة البصرية التي لا توّفرها المعارض الافتراضية.

وشاركت هذه الفنانة في العديد من المعارض الفنية الافتراضية التي نظمتها بعض المؤسسات الفنية الكويتية خلال فترة الحظر الصحي التي امتدت إلى نحو ستة أشهر من مارس إلى أغسطس الماضيين، لكنها تؤكّد وجود فرق كبير بين العالمين في ما يتعلق بالمتعة والاقتراب أكثر من العمل الفني لفهمه.

ومن جهتها قالت الصحافية الكويتية المتخصّصة في الفن فضة المعيلي إن وباء كورونا قيّد حرية الأفراد، لكن وعي الكويتيين وحرصهم على الالتزام بالإجراءات الوقائية التي فرضتها وزارة الصحة سمحا بعودة الأنشطة الثقافية التي لم تنقطع خلال فترة كورونا، لكنها ظلت افتراضية واقتصرت على مواقع التواصل الاجتماعي.

ببب

وقبل انتشار فايروس كورونا في الكويت، كانت الفعاليات الثقافية من أبرز اهتمامات الكويتيين والمقيمين على حد سواء والذين كانوا يقصدونها بانتظام، إذ كان المجلس الوطني للفنون والثقافة حريصا على تنظيم مهرجانات موسيقية ومسرحية وسينمائية، وأخرى للكتاب وللأطفال علاوة على المعارض الفنية، وذلك بشكل دوري بهدف الحفاظ على تقاليد البلد الثقافية.

وترى عواطف الظفيري (40عاما) التي تعمل مدرّسة في المرحلة الثانوية، أن الكويت عرفت منذ سبعينات القرن الماضي بنشاطها الثقافي الزاخر وبمهرجاناتها العربية والدولية، لكن جائحة كورونا عطّلت هذه الحركية بالرغم من النشاطات الافتراضية التي تنظم بين الفترة والأخرى، مضيفة “نحن متعطشون للنشاطات الثقافية ولعودتها وانجلاء المرض نهائيا، لأن هذه الأجواء خنقتنا وأثّرت على نفسيتنا نحن وأولادنا”.

وأشار يحيي سويلم مدير قاعة بوشهري للفنون بالسالمية، وهي إحدى القاعات العريقة في الكويت، إلى أن الناس لديهم اشتياق لزيارة المعارض والاطلاع على الأعمال الجديدة للفنانين، موضحا أن القاعة اتخذت قرار تمديد الافتتاح إلى يومين من دون تحديد وقت معين له لتجنب الازدحام.

وتابع “من واقع التجربة، لا تشهد المعارض الفنية ازدحاما إلاّ خلال يوم الافتتاح، لذلك لم نقم افتتاحا رسميا حتى نتمكّن من استقبال الزوار وفق الاشتراطات الصحية حفاظا على صحة الجميع”.

ولفت سويلم إلى أن المعارض الفنية ضرورية جدا، لأن الفن مرتبط بالحياة الشخصية ومتغلغل فيها وبكل متعلقاتنا في الحياة.

وشهدت الكويت في الأسابيع الماضية ارتفاعا في عدد المصابين بفايروس كورونا، إضافة إلى تسجيل حوالي ألف حالة وفاة.

17