مخاوف حقوقية من تنفيذ سلسلة إعدامات في العراق ردا على تفجيري بغداد

بغداد - أكد مصدر أمني أنه تم تنفيذ حكم الإعدام شنقا الاثنين بحق ثلاثة عراقيين أدينوا بـ"الارهاب"، وذلك بعد بضعة أيام من تفجيرين انتحاريين داميين في بغداد.
ويؤكد تنفيذ هذه الأحكام في سجن الناصرية المركزي (جنوب) الذي يضم جميع المحكومين بالإعدام في العراق، مخاوف المدافعين عن حقوق الإنسان الذين يخشون تصاعد وتيرة الإعدامات، بعدما أعلن مسؤول في رئاسة الجمهورية المصادقة على أكثر من 340 حكما بالإعدام صادرة من المحاكم العراقية المختصة مكتسبة الدرجة القطعية، وفي قضايا مختلفة إرهابية وجنائية، وأصدرت المراسيم الجمهورية وفقا للدستور والقانون.
وقُتل 32 شخصا وأصيب 110 آخرون في التفجيرين اللذين وقعا في وسط بغداد الخميس وتبناهما تنظيم داعش، وهو أكبر عدد من الضحايا في العاصمة العراقية منذ 3 سنوات.
وقال مسؤول آخر في الرئاسة إن "جميع هذه الأحكام صدرت بين عامي 2014 ونهاية 2020"، ما يعني أنها صدرت خلال فترة الرئيس السابق فؤاد معصوم، وبينها عدد قليل خلال فترة الرئيس برهم صالح الذي يعارض عقوبة الإعدام.
وأضاف "لا تزال الرئاسة مستمرة في المصادقة على الأحكام الواردة إليها تباعا وفقا للسياقات المتبعة، وتتعامل مع هذا الملف مع توخي الدقة والحذر بعيدا عن أي اعتبارات أخرى".
ولم يشأ المسؤول، ومثله مصادر قضائية، إعطاء المزيد من التفاصيل بخصوص موعد التنفيذ، أو إذا كان بين المحكومين مدانون أجانب في قضايا تتعلق بانتمائهم إلى تنظيم داعش.
وقالت بلقيس والي، الباحثة المتخصصة في العراق لدى منظمة "هيومن رايتس ووتش"، إن إعلان هذا الأمر دليل على أن "عقوبة الإعدام أداة سياسية".
وأوضحت أن "القادة يستخدمون هذا النوع من الإعلانات ليقولوا للناس إنهم يعملون من أجلهم، من دون الالتفات إلى حقيقة العيوب التي تشوب المحاكمات".
وتعد المصادقة على أحكام الإعدام أمرا معتادا في العراق بعد وقوع مثل تلك الهجمات. ونُفذت مئة حكم بالإعدام شنقا خلال العام 2019 وحده.
والعام 2018، وجه رئيس الوزراء العراقي السابق حيدر العبادي ضربة قوية تمثلت بإعدام 13 جهاديا، وتعمد نشر صور شنقهم للمرة الأولى، من أجل احتواء الانتقادات التي تعرض لها إثر اغتيال ثمانية مدنيين على يد تنظيم داعش.
ورأى عضو مفوضية حقوق الإنسان الحكومية في العراق علي البياتي أن حكومة بلاده محاصرة بين الرأي العام الذي يطالب بالانتقام والمنظومة السياسية والأمنية والقضائية غير القادرة على وقف هجمات الجهاديين، وفي النتيجة "أصبح العراق أمام خيارات محدودة" في ما يتعلق بحقوق الإنسان.
وأوضح البياتي الذي يعد أحد أبرز المنادين بحقوق الإنسان في العراق، أن "حكم الإعدام جزء من المنظومة القانونية العراقية، إذ ليست لدينا مراكز تأهيل حقيقية مثل الدول الديمقراطية التي تهتم بحقوق الإنسان والسجناء، وخصوصا الإرهابيين الذين يحولون السجون إلى مراكز تجنيد للآخرين".
وأكد البياتي وجود "خلل لجهة عدم توافر ضمانات واضحة وشفافية حقيقية في التحقيق وجلسات الحكم، وعدم السماح لمنظمات حقوق الإنسان بأداء دورها".
وتعتبر المفوضة العليا لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة ميشيل باشليه أن العراق يشهد "انتهاكات متكررة للحق في محاكمة عادلة وتمثيل قانوني فعال، مع اتهامات بالتعذيب وسوء المعاملة"، الأمر الذي يجعل عقوبة الإعدام "إجراء حكوميا تعسفيا بالحرمان من الحياة".
وأبدت الأمم المتحدة في نوفمبر 2020 قلقها بعد إعدام السلطات العراقية 21 محكوما أدين معظمهم بتهمة "الإرهاب"، ومذاك، لم يتم الإعلان رسميا عن تنفيذ أحكام أخرى.
وقامت مصادر قضائية بتنفيذ حوالي ثلاثين حكما بالإعدام خلال العام 2020، ما جعل العراق يحتل المرتبة الرابعة بين الدول الأكثر تنفيذا لعقوبة الإعدام في العالم، بعد الصين وإيران والسعودية، وفقا لمنظمة العفو الدولية.
وأصدرت المحاكم العراقية خلال السنوات الماضية المئات من أحكام الإعدام والسجن مدى الحياة طبقا لقانون البلاد الذي يعاقب حتى بالإعدام كل من يلتحق بـ"جماعة إرهابية"، سواء قاتل أو لم يقاتل في صفوفها.
ولم تنفذ بغداد حكم الإعدام في حق أي أجنبي أدين بالانتماء إلى تنظيم داعش، لكن 11 فرنسيا وبلجيكيا واحدا ينتظرون راهنا إعدامهم في العراق.