ماكرون وأردوغان من تراشق بالتهم إلى تبادل الرسائل الودية

باريس – بعد تدهور العلاقات بين تركيا وفرنسا خلال الأشهر الماضية، والذي بلغ حدّ التراشق بالتهم، تبادل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ونظيره التركي رجب طيب أردوغان في الآونة الأخيرة، رسائل ودية تنبئ بإمكانية عودة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.
وأفادت صحيفة "لوبينيون" الفرنسية التي انفردت بنشر رسالة ودية وجهها ماكرون لأردوغان، بأن الرئيس الفرنسي أعرب عن آماله بعودة الحوار مع أنقرة في 2021.
ووجه ماكرون في 10 يناير الجاري رسالة إلى نظيره التركي ردا على رسالة للأخير وجهها له في 19 ديسمبر الماضي، إثر إصابة ماكرون بفايروس كورونا متمنيا له الشفاء.
واستهلّ الرئيس الفرنسي رسالته بعبارة "ديغيرلي طيب" التي تعني "عزيزي طيب"، طالبا من نظيره التركي استئناف الحوار مع أنقرة.
وذكر ماكرون أنه يوافق أردوغان الرأي حول ضرورة المكافحة المشتركة لفايروس كورونا، وجاء في نصّ الرسالة "أنا حريص جدا على التحدث إليكم في الأيام المقبلة، وأعتبر أن مكافحة وباء كورونا تستدعي مشاركة جماعية، أغتنم هذه الفرصة لمناقشة الملفات الرئيسية ذات الاهتمام المشترك خاصة آفاق العلاقة بين الاتحاد الأوروبي وتركيا".
والعلاقات بين تركيا وفرنسا متوترة منذ سنوات، بسبب محاولات أنقرة لبسط نفوذها في مناطق تضرّ بالمصالح الفرنسية، لكنها تدهورت أكثر في الـ15 شهرا الماضية، حيث تبادل الطرفان الاتهامات حول عدة ملفات حارقة بدءا من ليبيا ومناطق أخرى في الشرق الأوسط ووصولا إلى خلاف تركيا مع اليونان بشأن الحدود البحرية والتنقيب عن المحروقات في مياه شرق المتوسط وملف ناغورني قره باغ.
وذهب أردوغان إلى حدّ التشكيك في صحة ماكرون العقلية مستغلا حملة الرئيس الفرنسي ضدّ الانفصالية الإسلامية لاتهامه بأنه "يكره الإسلام" وقيادة حملة لمقاطعة فرنسا اقتصاديا.
وكنتيجة لتصريحات أردوغان، طلبت باريس الإيضاح والشّرح من السلطات التركيّة بشأن "التصريحات المشينة"، وأيضا بشأن "عمل أنقرة المزعزع للاستقرار منذ أشهر عدّة في ليبيا، وفي شرق المتوسّط، وفي منطقة ناغورني قره باغ"، وفق ما جاء في بيان للخارجية الفرنسية في نوفمبر الماضي.
وأمل ماكرون في تصريحات سابقة بأن تهدأ الأمور، لكنه اشترط من أجل أن يحدث هذا، أن "يحترم الرئيس التركي فرنسا ويحترم الاتّحاد الأوروبي وقيَمهما، وألا يُطلق الأكاذيب أو يتفوّه بالإهانات".
وأشار إلى أن فرنسا قدمت التعزية لتركيا بعد الزلزال المدمر الذي ضرب أزمير، وعرضت أيضا إرسال مساعدات.
وتحاول تركيا تحسين علاقاتها مع أوروبا بسبب الصعوبات الاقتصادية التي عمقتها تداعيات الجائحة العالمية وكذلك استباقا لتولي الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن مهامه بداية من 20 يناير الجاري، والذي تتوقع أنقرة أنه لن يكون متساهلا معها.
والجمعة، أعلن وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، أنّ ماكرون وأردوغان اتفقا في تبادل للرسائل على استئناف الحوار لتخطي التوتر الشديد بين أنقرة وباريس.
وأضاف جاويش أوغلو "هذا الأسبوع تلقينا رد الرئيس ماكرون، إنها رسالة إيجابية جدا يؤكد فيها رغبته للقاء رئيسنا واستهلها بـعزيزي طيب بالتركية".
ووفقا للوزير التركي، سيجري الرئيسان محادثة هاتفية قريبا أو لقاء عبر دائرة الفيديو المغلقة، قبل لقاء محتمل وجها لوجه لتعميق المباحثات حول عدد من المجالات كمكافحة الإرهاب أو ملفي سوريا وليبيا.
من جانبها، قالت الرئاسة الفرنسية "نحتاج الآن إلى خطوات ملموسة" تبادر بها أنقرة.
والجمعة، أعرب الاتحاد الأوروبي عن رغبته في بناء علاقات مع تركيا قائمة على الربح المتبادل، مؤكدا الحاجة إلى حوار بنّاء بين الطرفين.
وعقد متحدث المفوضية الأوروبية بيتر ستانو، مؤتمرا صحافيا بالعاصمة البلجيكية بروكسل، تطرق فيه إلى العلاقات الأوروبية التركية، معتبرا أن الخطوات البناءة وخفض التوتر من مصلحة تركيا والاتحاد الأوروبي لإقامة علاقات بناءة بين الطرفين، ومشيرا إلى أن ذلك سيصب في مصلحة شعوب دول الاتحاد والشعب التركي.
ولفت ستانو إلى أن تركيا والاتحاد يتمتعان بشراكة في العديد من المجالات، مضيفا "نريد تأسيس وضع يقوم على الربح المتبادل"، مثمنا التصريحات الإيجابية القادمة من تركيا مؤخرا عن رؤية مستقبلها مع أوروبا.