ثاني أقصر حكومة في تاريخ الكويت تستقيل تحت ضغط برلماني

الأزمة السياسية الحالية في الكويت تحمل وقعا خاصا، لتزامنها مع أزمة اقتصادية حادّة.
الأربعاء 2021/01/13
الإطاحة بالحكومة يعرقل مشاريع الإصلاح

الكويت – قدم رئيس الوزراء الشيخ صباح الخالد الصباح الأربعاء استقالة الحكومة لأمير البلاد الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، قبل أيام من استجواب رئيس الوزراء في البرلمان بشأن اختياره للوزراء وقضايا أخرى، بحسب وكالة الأنباء الكويتية.

ومع وضع وزراء الحكومة الكويتية رسميا استقالاتهم تحت تصرف الأمير الشيخ نواف، أصبحت حكومة الشيخ صباح الخالد ثاني أقصر حكومة عمرا في تاريخ الكويت بـ29 يوما، من أصل 37 حكومة شكلت منذ العام 1962.

وقال الخبير الدستوري الكويتي الدكتور محمد الفيلي لصحيفة الرأي الكويتية "بعد قبول الاستقالة بأمر أميري، تكلّف الحكومة القائمة بتصريف العاجل من الأمور إلى حين تسلّم الحكومة الجديدة مقاليد الأمور، وأيضا هذه المدة غير محدّدة دستوريا لأننا نتحدّث عن تعيين رئيس مجلس وزراء جديد وتكليفه بتشكيل الحكومة".

وتشكل المواجهة بين الحكومة والبرلمان أول تحد يواجهه أمير الكويت الذي تولى زمام الحكم في سبتمبر، بعد وفاة أخيه الشيخ صباح الأحمد.

ومن شأن الأزمة تعقيد جهود الحكومة لمعالجة أعمق أزمة اقتصادية ومالية تواجه الدولة المنتجة للنفط والعضو في منظمة أوبك، بسبب تداعيات جائحة كورونا وهبوط أسعار النفط.

وقدم وزراء الحكومة استقالاتهم لرئيس الوزراء الثلاثاء، وأرجعوا ذلك إلى "ما آلت إليه تطورات الأوضاع الراهنة في العلاقة بين مجلس الأمة والحكومة" بعد أيام من طلب نواب بالبرلمان استجواب رئيس الوزراء.

وتأتي الاستقالة بعد تقدم ثلاثة نواب في البرلمان، الذي تم انتخابه في ديسمبر وغلب على تشكيله نواب معارضون، بطلب استجواب لرئيس الحكومة في الخامس من يناير الجاري، يتهمونه فيه بعدم التعاون مع مجلس الأمة.

وحظي الاستجواب الذي تقدم به النواب بدر الداهوم وثامر الظفيري وخالد العتيبي بدعم من نحو 34 من النواب الآخرين، الذين أعلنوا نيتهم تأييد الاستجواب، وهو ما يعني أن 37 نائبا على الأقل من أصل خمسين يؤيدون استجواب رئيس الحكومة.

ولم تحضر الحكومة جلسة مجلس الأمة التي تلت تقديم الاستجواب، وهو ما تسبب في تعطيل انعقاد الجلسة.

وفي سوابق تاريخية كثيرة، أدى تواتر الخلاف بين الحكومة والبرلمان إلى تغيير حكومات متعاقبة وحل البرلمان، مما عرقل مشاريع الإصلاح الاقتصادي والمالي التي تحتاجها البلاد وأصاب الحياة السياسية بالجمود.

ويدور الاستجواب حول ثلاثة محاور أو اتهامات لرئيس الحكومة، المحور الأول "مخالفة صارخة لأحكام الدستور عند تشكيل الحكومة… باختياره لعناصر تأزيمية في مجلس الوزراء" وعدم مراعاة اتجاهات المجلس الجديد الذي يغلب عليه نواب من أصحاب التوجهات المعارضة.

والمحور الثاني هو "هيمنة السلطة التنفيذية" على البرلمان من خلال دعم الحكومة لرئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم ليفوز بهذا المنصب من جديد، في حين صوت 28 من النواب لمرشح آخر، بالإضافة إلى "التدخل السافر في تشكيل لجان المجلس” من قبل الحكومة، وفقا لصحيفة الاستجواب.

ويتمثل المحور الثالث في "مماطلة الحكومة في تقديم برنامج عملها لهذا الفصل التشريعي"، وهو ما اعتبره مقدمو الاستجواب "إخلالا بالالتزام الدستوري" الذي يفرض عليها تقديم البرنامج فور تشكيلها.

وخسر ثلثا أعضاء مجلس الأمة مقاعدهم في الانتخابات التي جرت في الخامس من ديسمبر، وحقق مرشحو المعارضة مكاسب في نتائجها التي يقول محللون إنها قد تعرقل جهود الحكومة لتنفيذ إصلاحات مالية في نظام الرعاية من المهد إلى اللحد في الكويت.

وتحمل الأزمة السياسية الحالية في الكويت وقعا خاصا، حيث تتزامن مع أزمة اقتصادية حادّة طُرحت بسببها إمكانية عجز الدولة الكويتية عن دفع رواتب موظفيها.

ووفقا لما قاله وزير المالية السابق براك الشيتان، يواجه الاقتصاد الكويتي، المعتمد بالأساس على مورد وحيد هو النفط، عجزا يبلغ 46 مليار دولار في السنة المالية الحالية التي تنتهي في مارس 2021، بسبب جائحة كورونا وهبوط أسعار الخام.

وللتغلب على هذه المعضلة تسعى الحكومة لتمرير مشروع قانون الدين العام الذي يسمح لها باقتراض 66 مليار دولار على مدى 20 عاما، وهو المشروع الذي رفضه البرلمان السابق، ويستبعد أن يقبل به البرلمان الحالي.