لماذا تتخوف تركيا من تعيين بريت ماكغورك مستشارا لبايدن

واشنطن - أبدت جهات تركية مقربة من نظام الرئيس رجب طيب أردوغان مخاوفها من تعيين بريت ماكغورك، وهو أحد داعمي القوات الكردية، مستشارا للرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن، الأمر الذي قد يزيد من الضغوط على أنقرة للحد من طموحاتها التوسعية.
وأعلن بايدن تعيين أعضاء إضافيين في فريقه بمجلس الأمن القومي في مقدمتهم بريت ماكغورك، منسق الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وجاء في بيان صادر عن مكتب بايدن أن الدور الأساسي لمجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض يتمثل بتقديم المشورة ومساعدة الرئيس بشأن الأمن القومي والسياسات الخارجية، وتنسيق تلك السياسات عبر الوكالات الحكومية.
والرئيس بايدن ومساعدته كامالا هاريس أكدا أن فريقهما الجديد "ذو خبرة وموهوب"، وأنهم سيعملون "بلا هوادة لحماية أمن الأميركيين".
ويمضي بايدن قدما في السير على خطى الرئيس الأسبق باراك أوباما، ومن المتوقع أن يعلن تعيين المزيد من قدامى المحاربين في إدارة الأخير في الأسابيع المقبلة، خصوصا بعد سيطرة الديمقراطيين على مجلس الشيوخ في انتخابات الإعادة الضيقة في جورجيا، مما فتح الطريق أمام مرشحي الرئيس المنتخب للموافقة عليها.
وماكغورك هو أحدث مسؤول سابق في عهد أوباما يتم تعيينه من قبل إدارة بايدن القادمة، وذكرت صحيفة "بوليتيكو" أن ويندي شيرمان التي شغلت منصب وكيل وزارة الخارجية للشؤون السياسية خلال إدارة أوباما وكانت المفاوض الرئيسي في المفاوضات النووية لعام 2015 مع إيران، من المقرر أن تصبح نائبة لوزير الخارجية في عهد أنتوني بلينكين.
وأثار تعيين ماكغورك مخاوف تركية من تغييرات في السياسة الأميركية لتصبح أكثر تشددا حيال ملفات عديدة تنشط فيها أنقرة، وعكست وسائل إعلام تركية مقربة من الرئيس رجب طيب أردوغان تلك المخاوف.
وقال الكاتب التركي أيتونتش إركين في مقالة له عن خبر تعيين ماكغورك، "الذي يسلح وحدات حماية الشعب الكردية، أصبح مستشار بايدن.. وهو الاسم الذي يشكل السياسة الأميركية تجاه سوريا، لن تتغير السياسات الأميركية، أوباما.. ترامب.. بايدن..".
وأضاف إركين في مقالة له بصحيفة "سوزجو" التركية أن "ماكغورك عدو لتركيا، ولعب دورا نشطا في تسليح قوات حزب العمال الكردستاني، في إطار شن هجمات على تركيا".
وذكّر أيضا بتصريحات وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو عام 2015 عن مستشار بايدن الجديد، التي قال فيها "إن ماكغورك يدعم بوضوح حزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب الكردية، إنه يعمل ضدنا". وختم إركين مقاله بعبارة "لقد أشهر الرئيس الأميركي الجديد بايدن سيفه ضدنا".
ويعد ماكغورك عقلا سياسيا بارزا ويتمتع بخبرة طويلة في المفاوضات السرية وله باع طويل فيها، بعد عمله في إدارتين مختلفتين (جورج بوش الابن وباراك أوباما)، وكانت له مواقف مناهضة لتركيا وأدان أكثر من مرة تخلي واشنطن عن الأكراد في ظل الهجمات على مناطقهم شمال شرقي سوريا.
وتتيح إمكانيات ماكغورك ومعرفته بلغات المنطقة (يتكلم العربية والفارسية) سهولة التواصل وعقد الصفقات السرية والعلنية، وهذا ما يؤهله ويجعل منه خبيرا مخابراتيا لترتيب شؤون المنطقة.
وتشير الاختيارات والتعيينات إلى أن بايدن يعتزم اتخاذ موقف أكثر صرامة تجاه تركيا وسياسات أردوغان.
وكان بايدن قد اتخذ بعض المواقف القوية ضد سياسة تركيا الخارجية في الشرق الأوسط وشرق البحر المتوسط، ووصف أردوغان بأنه "مستبد" خلال فترة الانتخابات التمهيدية الرئاسية في عام 2019.
ولطالما أعرب بايدن عن دعمه لاتحاد فيدرالي ثنائي المنطقة في جزيرة قبرص، التي تم تقسيمها منذ عام 1974 عندما غزت تركيا الشمال ردا على القبارصة اليونانيين بهدف توحيد الجزيرة مع اليونان.
ومنذ ذلك الحين، سيطرت جمهورية قبرص المعترف بها دوليا على الثلثين الجنوبيين من الجزيرة، وأصبحت جمهورية شمال قبرص التركية التي تعترف بها تركيا فقط، في الثلث الشمالي.
وصعود جو بايدن إلى الحكم بالولايات المتحدة قد يحمل لتركيا أعواما عصيبة تقضي على محاولاتها المستميتة لخفض منسوب التوتر مع واشنطن.
ونقلت شبكة "سي.أن.بي.سي" الأميركية عن مايكل روبين المسؤول السابق في البنتاغون والباحث المقيم في معهد "أميركان إنتربرايز" قوله إن "الشيء الوحيد الذي جعل العلاقة متماسكة على مدار الأعوام الأربعة الماضية كان العلاقة الشخصية بين الرئيس دونالد ترامب مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان. ومع رحيل الأول، على أردوغان أن يقلق جدا جدا".
وأرجع ذلك إلى عدم وجود نقص في نقاط الصراع بين أنقرة وواشنطن، وهي النقاط التي تكشف المواقف المتعارضة تجاه الجغرافيا السياسية والتحالفات والحكم.
ومن بين تلك الأمور أيضا، حقوق الإنسان في تركيا التي انتقدها الديمقراطيون تحديدا، وشراء أنقرة لمنظومة الدفاع الروسية "أس - 400" التي أغضبت حلفاءها بحلف شمال الأطلسي (الناتو) وتسببت في عقوبات أميركية.
ويضاف إلى ما تقدم الأعمال العسكرية التركية التي تستهدف الأكراد، حلفاء واشنطن في سوريا، ودعم الجماعات المتطرفة والإرهابيين في منطقة الشرق الأوسط.
وأشارت الشبكة الأميركية إلى التحركات العدائية لأردوغان ضد اليونان وقبرص بسبب موارد الغاز شرقي المتوسط، والدور التركي في مساعدة إيران على تفادي العقوبات الأميركية، وكذلك قاعدة إنجرليك الجوية (في أضنة التركية)، التي تستضيف فيها أنقرة عددا كبيرا من القوات الأميركية والمروحيات وبعض الرؤوس الحربية، والتي هدد أردوغان بقطع الوصول إليها إذا فرضت عقوبات أميركية على بلاده، تثير هي الأخرى حفيظة واشنطن.
ويبدو أن إدارة بايدن عازمة على اتخاذ مواقف أكثر صرامة من أردوغان، حيث تجلى ذلك في مقابلة في يناير الماضي، وصف خلالها بايدن أردوغان بـ"المستبد"، وانتقد أفعاله تجاه الأكراد، قائلا إنه يتعين على القيادة التركية "دفع الثمن".
وتعهد بايدن بالاعتراف بالإبادة الجماعية للأرمن، وهي قضية مثيرة للجدل بشكل كبير بالنسبة لأنقرة، كما أن رؤساء الولايات المتحدة تجنبوا الاعتراف بها على مدار قرن.
وأيد المشرعون الديمقراطيون والجمهوريون على حد سواء فرض عقوبات على تركيا بسبب الهجمات العسكرية على أكراد تعتبرهم أنقرة إرهابيين، وشرائها واختبارها لمنظومة الدفاع الروسية. وستكون العقوبات بمثابة ضربة مدمرة لاقتصاد أنقرة المتدهور.