عملية باشاغا الأمنية تصطدم برفض وزارة الدفاع

طرابلس - اصطدم إعلان وزير الداخلية بـ”حكومة الوفاق” الليبية، واجهة الإسلاميين في البلاد، فتحي باشاغا عن عملية أمنية لـ”محاربة الجريمة المنظمة ومهربي البشر” برفض وزارة الدفاع التي يقودها صلاح الدين النمروش الذي يعد ذراع أنقرة العسكري حاليا في ليبيا.
ويرى مراقبون أن عملية “صيد الأفاعي” التي أطلقها باشاغا، وزعم أنها جاءت بسبب الخلل الأمني الذي خلفه هجوم الجيش بقيادة المشير خليفة حفتر في العام 2019 من أجل السيطرة على العاصمة طرابلس، تهدد بتحجيم نفوذ ميليشيات طرابلس وكذلك الزاوية والزنتان.
وقالت وزارة الدفاع في “حكومة الوفاق” في بيان لها مساء الأحد إنه لم يقع التنسيق المسبق معها أو اطلاعها على العملية الأمنية التي أطلقها باشاغا.
وأضافت الوزارة أن هدفها الأساسي هو “حماية الوطن من خلال توحيد جهود المؤسسات الأمنية والعسكرية في مكافحة الإرهاب والتطرف ومحاربة الاتجار بالبشر عبر حدودها والجريمة المنظمة، حيث يخضع عملها لنظام محدد ودقيق مبني على تخطيط مسبق لأي عملية تقوم بها”.
وطلبت جميع “الجهات ذات الاختصاصات الأمنية التنسيق المسبق مع الوزارة بمؤسساتها العسكرية والأمنية، لضمان الحصول على نتائج حقيقية تحقق الأمن والأمان لجميع المواطنين في بلدنا، وتحفظ سيادة الوطن ومؤسساته”.
وتسود مخاوف من أن تؤدي العملية الأمنية التي أطلقها باشاغا، الذي قال إنها تستهدف محاربة الجريمة المنظمة ومهربي البشر وتجار الوقود، إلى تأجج الصراعات بين الميليشيات والقوى الموجودة غرب ليبيا.
وتواجه عملية “صيد الأفاعي” معارضة كذلك من آمر غرفة العمليات المشتركة، أسامة الجويلي، ما بات يهدد بتفجر الأوضاع في المنطقة الغربية خاصة أن هذه العملية تأتي في وقت يهز فيه صراع النفوذ المالي والسياسي أركان حكومة الوفاق التي يرأسها فايز السراج.
و تتوجس بعض الميليشيات على غرار ميليشيات طرابلس والزنتان والزاوية من أن تقلص هذه العملية نفوذها.
ويتوقع مراقبون أن تدعم ميليشيات مصراتة هذه العملية تمهيدا لإضعاف بقية التشكيلات العسكرية التي تُنافسها غربي البلاد خاصة أن لمصراتة التي يتحدر منها باشاغا ثقلها العسكري والسياسي والاقتصادي المهم.
وقال الجويلي إن “التعاون بين الجهات العسكرية والأمنية ووزارة العدل ضرورة قصوى لا غنى عنها لتحقيق الاستقرار والقضاء علي المجرمين، وضرورة وجود تنسيق مسبق، يضم وزارة الداخلية ووزارة العدل و آمري المناطق العسكرية، وآمر القوة المشتركة لوضع خطة متكاملة حتى يحقق هذا التعاون أهدافه الكاملة”.
وقال بيان للمكتب الإعلامي لوزارة الدفاع بـ”حكومة الوفاق” في وقت متأخر من مساء الأحد إن الجويلي “استعرض عدداً من العمليات التي قامت بها القوة المشتركة لمكافحة تهريب الوقود ومنع الاعتداء على الأملاك العامة التي حققت نتائج متميزة ومتقدمة برغم قصر المدة، ثم توقفت لأسباب يجب معالجتها قبل البدء بأي عمل، لأن مبدأ الاستمرارية شرطٌ أساسي لتحقيق النجاح والمحافظة عليه” في إشارة صريحة إلى رفض آمر غرفة العمليات المشتركة للعملية الجديدة.
ويبدو أن هذا التناغم في المواقف، الذي بدا على النمروش والجويلي هذه المرة رغم الخلاف السابق بينهما والذي أثير حول تعيين النمروش في منصب وزارة الدفاع، يأتي للسبب نفسه وهو حماية الميليشيات التي قد تطالها إجراءات أمنية.
ويرى مراقبون أن الجويلي من خلال تلميحه لرفض العملية التي أطلقها باشاغا يرفض المساس بميليشيات مدينة الزنتان التي يتحدر هو نفسه منها.
ويضيف هؤلاء المراقبون أن النمروش يقف في مواجهة أي تحرك ضد ميليشيات الزاوية خاصة أن وزير الدفاع في “حكومة الوفاق” يعد من المحسوبين على “كتائب ثوار ليبيا” ومركزها مدينة الزاوية.
وكان وزير الداخلية في “حكومة الوفاق” قد أعلن الأحد عن انطلاق عملية “صيد الأفاعي” وذلك بعد يومين من تأكيده أن هذه الحملة ستكون مدعومة من تركيا داعيا الولايات المتحدة لمساعدته وذلك في حوار له مع وكالة “أسوشيتد برس”.
وقال باشاغا إن هذه العملية “تم الإعداد لها من مدة طويلة وستكون تحت إشراف وزارته وبالتعاون مع المنطقة العسكرية الغربية وطرابلس”، موضحا أنها “ستبدأ عندما تكون كل الاستعدادات جاهزة موضحا أنها ستستهدف الجريمة المنظمة ومهربي البشر والوقود وتجار المخدرات”.
ويستغل مهربو وتجار البشر تدهور الأوضاع الأمنية في المنطقة الغربية لزيادة مرابيحهم وذلك حسب تقارير أممية تطرقت إلى ازدهار عمل هؤلاء في ظل الفوضى التي يعرفها غرب ليبيا والتي كانت من بين الأسباب التي دفعت الجيش إلى القيام بهجومه في العام 2019 على طرابلس من أجل إحكام قبضته عليها.