الانتخابات البلدية في ليبيا اختبار مبكر للانتخابات العامة

الطبقة السياسية الليبية كل ما يشغلها امتلاك مفاتيح السلطة البرلمانية للسيطرة على التنفيذية.
الاثنين 2021/01/11
اختبار لقدرة السلطات على تنظيم الانتخابات العامة

طرابلس - تشكل الانتخابات البلدية التي انتظمت في منطقة طرابلس الأسبوع الماضي، اختبارا للانتخابات العامة المقررة في نهاية العام الجاري والهادفة إلى إخراج ليبيا من الفوضى التي غرقت فيها بعد سقوط نظام معمر القذافي في 2011.    

وجرت الانتخابات البلدية الخميس في أربع بلديات بالمنطقتين الغربية والوسطى من البلاد، وهي بلديات سواني بن آدم، وزليتن، وقصر خيار، وحي الأندلس، وسط تدابير أمنية وإجراءات وقائية متعلقة بجائحة كوفيد - 19.

وقال المحلل السياسي الليبي محمود خلف الله إن الانتخابات البلدية "اختبار مباشر وحاسم لقدرة السلطات الرسمية على تنظيم الانتخابات العامة".

وأضاف "نظرا للأجواء الطبيعية التي سارت بها الانتخابات وعدم تسجيل خروقات أمنية، أعتقد أن إقامة انتخابات برلمانية ورئاسية نهاية العام الجاري ستحظى بفرص نجاح كبيرة".

ولم تعرف نتيجة الانتخابات حتى الآن، حيث ما زالت عملية فرز الأصوات متواصلة، ومن المنتظر أن يتم انتخاب بلديات صبراتة وتاجوراء في 16 من شهر يناير الجاري، فيما ستنظم انتخابات القره بوللي في 23 من الشهر نفسه، حسب ما أفاد به باسم المودي الناطق باسم اللجنة المركزية لانتخاب المجالس البلدية.

وتشاطر أستاذة القانون في جامعات ليبية أماني الهجرسي رأي خلف الله، لكنها تدعو إلى عدم الإفراط في التفاؤل، قائلة إن "الطبقة السياسية لا تهتم كثيرا بالانتخابات البلدية، لأنها تعرف أن طبيعة عمل البلديات خدماتية بالمقام الأول، وبالتالي تأثيرها على دائرة صنع القرار محدود".

وأضافت "لكن الانتخابات البرلمانية والرئاسية لها قواعد سياسية حساسة، وبالتالي من يظفر بأغلبية برلمانية سيملك مفاتيح السيطرة على السلطة التنفيذية، وهنا الاختلاف بين العمليتين الانتخابيتين".

وحرصت فتحية المصراتي (45 عاما) وابنتها على الحضور باكرا إلى مركز الاقتراع في بلدية حي الأندلس الخميس، مشيرة إلى أنها ترى أن الانتخابات البلدية بمثابة "امتحان شعبي" يختبر دوافع المواطنين.

صورة

وقالت فتحية التي تعمل في مجال التدريس "الانتخاب يجب أن يكون في منتهى الحرص والأمانة بغية اختيار أشخاص قادرين على إحداث الفرق والتغيير في تقديم الخدمات".

وأضافت أن الانتخابات البلدية "أفضل امتحان شعبي لمعرفة مدى استعداد الليبيين والرغبة في الإدلاء بأصواتهم في الانتخابات البرلمانية والرئاسية".

وشهدت مراكز الاقتراع في البلديات انتشارا مكثفا لعناصر الأجهزة الأمنية، وتشديدا في إجراءات دخول الناخبين مع اشتراط إجراء فحص الحرارة ووضع الكمامة.

وبلغت نسبة المشاركة في انتخابات بلدية حي الأندلس 22 في المئة لتكون الأدنى، فيما سجلت انتخابات بلدية زليتن (160 كلم شرق طرابلس) مشاركة بنسبة 42 في المئة من إجمالي المسجلين في عملية الاقتراع، لتكون الأعلى.

ويبلغ عدد البلديات في ليبيا 116، شكلها المؤتمر الوطني العام (أول برلمان ليبي منتخب عام 2012) وفق قانون خاص، وكان النظام الإداري للمدن في عهد القذافي الذي كان يطلق عليه اسم الشعبيات، أشبه بالمحافظة.

وحصلت دورة أولى من الانتخابات البلدية في نهاية 2013 و2014. وخلال عامي 2019 و2020، أعيد انتخاب معظم البلديات في الدورة الثانية، إذ بموجب القانون تنتهي ولاية المجالس البلدية غير القابلة للتجديد خلال أربعة أعوام.

ولأسباب أمنية وسياسية تأخرت العاصمة طرابلس التي يوجد فيها نحو نصف عدد سكان ليبيا الذي يتجاوز سبعة ملايين نسمة، في تجديد انتخاب بلدياتها الخمس.

وقال خالد النوري (موظف حكومي) أيضا إن الانتخابات البلدية تمثل القاعدة نحو انتخابات نهاية 2021.

وأضاف "المجالس البلدية هي القاعدة الأولى والطريق نحو الانتخابات، ونجاحها يمثل ملامح نجاح الانتخابات المقبلة نهاية العام، ويجب الحرص على المشاركة بفاعلية".

وتابع "هذا حدث استثنائي في وقت تمر فيه ليبيا بوضع حرج، والآن فرصتنا لإحداث نوع من التغيير، ويجب اختيار الأشخاص الذين يتمتعون بالنزاهة والكفاءة".

وتوافق الفرقاء الليبيون في ملتقى الحوار السياسي الذي انعقدت أولى جولاته في تونس في التاسع من نوفمبر الماضي، على إجراء انتخابات عامة في 24 ديسمبر 2021.

صورة

وجاء ذلك بعد اتفاق على وقف إطلاق النار بين الطرفين الأساسيين اللذين يتنازعان على السلطة في البلاد: القوات الموالية لحكومة الوفاق الوطني التي تتخذ من طرابلس مقرا، والقوات الموالية للمشير خليفة حفتر، الرجل القوي في شرق البلاد.

ويؤكد رئيس اللجنة المركزية لانتخابات المجالس البلدية في ليبيا سالم بن تاهية أن الانتخابات تواجه "تحديات مختلفة" والعمل الحالي يتم في "ظروف استثنائية".

وقال بن تاهية إن عملية تنظيم الانتخابات "لم تكن سهلة وواجهتها تحديات مختلفة بدءا من الأوضاع الأمنية وجائحة كورونا مرورا بشح الموارد المالية وانتهاء بالانقسام".

وجاء وقف إطلاق النار والاتفاق على إجراء انتخابات عامة بعد معارك عنيفة استمرت أكثر من سنة كانت قوات حفتر تحاول خلالها التقدم نحو طرابلس، لكن القوات الموالية لحكومة الوفاق تمكنت من صدها ومن استعادة السيطرة على كل الغرب الليبي.

وأضاف بن تاهية "خلال الحرب، تعرض أكبر مخازن الدعم اللوجستي في طرابلس للقصف، ودمرت 70 في المئة من محتوياته. وبعد اتصالات مكثفة مع صندوق الأمم المتحدة الإنمائي وعبر منح سخية قدمتها فرنسا وألمانيا وإيطاليا، تمكنا من توفير المواد الفنية الخاصة بعمليات الانتخاب إلى جانب تدريب قدراتنا البشرية".

وعن استعدادات العام الحالي، أكد بن تاهية "نطمح خلال العام 2021 إلى تنظيم الانتخابات في ثلاثين بلدية".

وتنطلق في شرق ليبيا الاثنين عملية الاقتراع في بلديات الواحات الثلاث؛ أوجلة وإجخرة وجالو.

ويشارك في العملية الانتخابية من لهم حق التصويت في ليبيا، 629 ألفا و239 ناخبا وناخبة، وذلك حسب آخر إحصائية للجنة المركزية لانتخابات المجالس البلدية في ليبيا.

ويوضح بن تاهية أنه تم "وضع خطة لتوحيد عمل اللجنة المركزية مع الموازية في الشرق. وحينما ينتهي الانقسام وتوحد الحكومة في البلاد، سنكون جاهزين لإجراء الانتخابات في معظم أنحاء ليبيا".