"الخروج إلى المسرح" تظاهرة مسرحية تونسية تحتفي بالصمود والحياة

تونس - افتتح قطب المسرح والفنون الركحية لمسرح الأوبرا بتونس تظاهرة بعنوان “الخروج إلى المسرح”، والتي تستمر من 5 إلى 9 يناير الحالي بمدينة الثقافة تحت شعار “الصمود والاحتفاء بالحياة”.
وافتتحت هذه التظاهرة المسرحية بالعمل المونودرامي “روّح” لفاطمة الفالحي، وإخراج خولة الهادف. ويقام العرض بمسرح المبدعين الشبان.
ويقدم العرض تمثلا لرحلة عودة امرأة من العاصمة إلى مسقط رأسها، رحلة صارت مثيرة مع كل تحولاتها والأحداث التي شهدتها. ولئن كان في بعضها شيء من السخرية المرة عن واقع المرأة وواقع المجتمع والعائلة، فإن الفالحي نجحت في تقديم أداء مميز على الركح، دعمته المخرجة بالإسقاطات الضوئية وعرض الصور على شاشة خلفية، في تكامل بين المسرح والتكنولوجيا.
رحلة الممثلة إلى منزل أبيها من تونس العاصمة إلى محافظة سيدي بوزيد جنوب البلاد، كانت رمزية في أغلبها، وقد تخللها البعض من السيرة الذاتية، حيث العمل مستلهم في جزء هام منه من حياة الفالحي نفسها، لكن العرض يتجاوز ما هو سيري إلى نقد واقع البلاد، التي تعيش زمن ما بعد الثورة التي تأججت في سيدي بوزيد ووصلت إلى العاصمة.
كأننا بالفالحي تنتهج رحلة عكسية للثورة التونسية، وفي هذه الرحلة لا يتوقف النقد والتمحيص والسخرية التي يكسو أغلبها السواد، ونحن نعلم ما آلت إليه الثورة التونسية من انتكاسات وإحباط.
ويتابع الجمهور اليوم الأربعاء 6 يناير عرضا لمسرحية “سكون”، وهي عمل للمخرج نعمان حمدة ومن إنتاج المسرح الوطني التونسي.
تبدأ المسرحية من مشهد تحكيه الشخصية، مشهد شاطئ وناس وأمواج وجو مضيء، لكن تنسحب على مراحل لتصل إلى وجه الرجل، وجهه بالدم، يحكي لنا أن هناك مسمارا مغروسا خلف جمجمته، شق رأسه وواصل الغوص في رأسه إلى أن بلغ لسانه، وهنا يتوقف العالم الخارجي، تتعطل اللغة التواصلية ويجد الرجل نفسه في مكان مظلم، وهو لا يدري كيف وصل إليه أو ما الذي جاء به إلى هنا.
إنها لعبة المكان، التي رسختها إضاءة هادئة لرواق في يمين الركح، رواق ليس موجودا بالنسبة إلى الشخصية، حيث لا تتجه إليه، بل هي محاصرة في اللامكان واللازمان، وتريد الخروج، لكن إلى أين؟ وكيف؟ هذا ما لم يتّضح، إلى أن خفتت رغبة الرجل في الخروج خاصة مع دخول امرأة لتشاركه اللعبة، ولتخرج العمل من منطقة المونودراما.
تقترب مسرحية “سكون” من مسرح العبث في بعض ملامحه، مثل الغرفة المغلقة وعدم وجود أسماء أو ملامح محددة للشخصيات وسيطرة الظلمة والوحشة والقلق والخوف على الشخصيات وغياب الحكاية الخطيّة أو الجانب الوعظي والمعالجة المباشرة للقضايا.
وهذا النمط المسرحي الذي كان نتيجة لدمار الإنسان الأوروبي المادي والنفسي ما بعد الحرب العالمية الثانية، يستعاد اليوم بأشكال أخرى، لا تسعى إلى العبث في ذاته بل تستخدمه وسيلة كشف، فلا نرى مثلا في “سكون” تركيزا كليا على التكرار الذي يعتبر من أعمدة المسرح العبثي. كما أن دور المرأة ليس ثانويا، بل هو متواز مع دور الرجل.
تعبث مسرحية نعمان حمدة بالخطيّة الزمنية، تتجرأ على اقتحام أشد مناطق الإنسان وحشة وظلاما، الإنسان المعاصر الذي يعاني في المجتمعات الحديثة من التمييز والاستلاب والاحتقار وعدم الاهتمام به ذاتا تستحق الآخر، تمتد اليد إليه فلا تجد إلا التجاهل.
وتتواصل التظاهرة المسرحية بعرض مسرحية “حنبعل” لطاهر عيسى بالعربي ومن إنتاج مركز الفنون الدرامية والركحية بمنوبة، وذلك يوم 7 يناير.
ويؤدي العرضَ كلٌّ من خالد الزيدي وعبدالقادر الكوكي وزياد سليم وضياء المالكي وجميلة عمارة وراوية البراهمي ورياض حبلاني ومعز بن رحومة وباديس حيدوري.
تروي المسرحية قصة طفل في سن التمدرس لم يعد قادرا على حضور دروس التاريخ المقدمة له في المدرسة فتحمله ساعته المنزلية إلى عوالم التاريخ من جديد ليحضر ويرافق شخصية حنبعل، القائد القرطاجي الشهير، في مراحل حياته فيلتقي الماضي بالحاضر في خيال الطفل.
ويقام العرض بمسرح الجهات على الساعة الثالثة بعد الزوال، ثم يكون اللقاء بمسرح المبدعين الشبان، في اليوم نفسه، مع مسرحية “الهوارب” لحافظ خليفة وإنتاج شركة حنبعل للإنتاج والتوزيع الفني.
وتُقدم شركة إبداعات في فنون الحياة عملها المسرحي الجديد “بابا سيلوفان” للمخرج عبدالقادر بن سعيد يوم 8 يناير بمسرح المبدعين الشبان.
ويسدل الستار على هذه التظاهرة المسرحية يوم 9 يناير بعرض “قصر السعادة” لنزار السعيدي وإنتاج شركة فنار للإنتاج والتوزيع الفني. وتحكي المسرحية رحلة طالبة دكتوراه في علم الاجتماع تعدّ رسالتها البحثيّة عن الإدمان وخطورته على المجتمع، فتلتقي في مركز لعلاج الإدمان بحالتين تحاول الطالبة إنقاذهما من براثن الإدمان وفهم الأسباب والدوافع التي أدت إلى تعاطيهما المخدرات.
و”قصر السعادة” سينوغرافيا صبري العتروس وأداء كل من جمال ساسي وانتصار العيساوي وعلاء الدين شوبرف وحمودة بن حسين وفاطمة عيادة.