الحرب والجوع وكورونا ثالوث يحاصر اليمنيين

نقص التمويل يعرقل مهام المنظمات الإنسانية.
الثلاثاء 2021/01/05
معاناة الكثير من اليمنيين

ازداد الوضع الإنساني تفاقما بشكل غير مسبوق في اليمن، حيث دقّت المنظمات الأممية صفارات الخطر في ظل النقص الحادّ لتمويل المنظمات الإغاثية العاملة، مما أدى إلى تقليص المساعدات وارتفاع معاناة الكثير من اليمنيين.

صنعاء - تكشف المؤشرات والبيانات أن العام 2020 هو أسوأ الأعوام التي شهدها اليمن من الناحية الإنسانية، حيث حوصر البلد العربي الفقير بثلاثي الحرب والجوع وكورونا.

وشهد العام 2020 فجوة كبيرة في تمويل العمليات الإنسانية، التي تقوم بها منظمات الأمم المتحدة في اليمن، وأبرزها برنامج الأغذية العالمي ومنظمة الصحة العالمية ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة يونيسف.

وبالرغم من أن خطة الاستجابة الإنسانية لـ2020 تطلبت 3.2 مليار دولار، إلا أن الأمم المتحدة لم تتسلم سوى 1.65 مليار دولار، وفق بيان لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في اليمن، منتصف ديسمبر الماضي.

وأعلنت الأمم المتحدة في سبتمبر الماضي، أن النقص في التمويل أدى إلى إغلاق 15 برنامجا إنسانيا رئيسيا من أصل 45، أي ثلث البرامج الأساسية.

وأضافت في بيان، أن “الوكالات الأممية اضطرت، بين أبريل وأغسطس الماضيين، إلى تقليص توزيع المواد الغذائية والمساعدات الصحية في أكثر من 300 مرفق صحي في البلاد”.

كما أدى نقص التمويل إلى تعليق عمل 70 في المئة من مراكز خدمات الصحة الإنجابية التي يدعمها صندوق الأمم المتحدة للسكان، في سبتمبر الماضي، قبل أن تعاود النشاط في أوقات لاحقة بعد حصولها على تمويل. لكن لا يُعرف ما إذا كان العمل قد عاد بشكل كلي أم جزئي.

1.65

مليار دولار تسلمتها الأمم المتحدة من نحو 3.2 مليار دولار إجمالي متطلبات الخطة الإنسانية

وازدادت نسبة الجوع وسوء التغذية بشكل غير مسبوق، وسط تحذيرات من عواقب إنسانية وخيمة حال استمر الصراع دون تدخل إنساني متواصل.

وقالت منظمات يونيسف والأغذية والزراعة (فاو) وبرنامج الأغذية العالمي، في بيان مطلع ديسمبر الماضي، إن درء المجاعة عن اليمن يتلاشى مع مرور كل يوم.

وأفادت بأن عدد الأشخاص الذين يعانون من هذه الدرجة من انعدام الأمن الغذائي الكارثي يمكن أن يتضاعف ثلاث مرات تقريبا من 16 ألفا و500 شخص حاليا إلى 47 ألف شخص بين يناير ويونيو 2021.

وتابعت أن “أعداد الأشخاص الذين يواجهون المرحلة الرابعة من انعدام الأمن الغذائي -مرحلة الطوارئ- على وشك الزيادة من 3.6 مليون إلى 5 ملايين شخص في النصف الأول من 2021، ما يضعهم أيضا على شفا السقوط في ظروف كارثية، وربما مجاعة، إذا لم يحدث تغيير في المسار”.

وحذرت هذه المنظمات من أن “أكثر من نصف السكان سيواجهون مستويات أزمة انعدام الأمن الغذائي بحلول منتصف 2021، مع وجود العديد من الأشخاص على عتبة الانزلاق إلى مستويات متفاقمة من الجوع”.

وفي نوفمبر الماضي، حذر أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، من خطر وشيك في اليمن، ستنتج عنه الملايين من الوفيات بسبب المجاعة، ما لم يتم اتخاذ خطوات فورية.

وأرجع غويتريش ذلك في بيان، إلى تخفيض كبير في تمويل عملية الإغاثة من قبل الأمم المتحدة في 2020 مقارنة بعامي 2018 و2019.

وأشار إلى أسباب أخرى تتعلق بـ”الإخفاق في الحفاظ على الدعم الخارجي للاقتصاد اليمني، لاسيما استقرار قيمة الريال اليمني، والصراع المستمر”.

وألقت تداعيات فايروس كورونا بثقلها على كاهل اليمنيين، حيث فقد الكثير منهم أعمالهم مع بدء انتشار الوباء في البلد، مطلع أبريل الماضي.

وأثر كورونا سلبا وبشكل كبير على التحويلات المالية للمغتربين اليمنيين في الخارج.

وقالت منظمة “أوكسفام” الإنسانية الدولية في يونيو الماضي، إن التحويلات تراجعت 80 في المئة خلال الأشهر الأربعة الأولى من 2020، لعدة أسباب أبرزها فقدان يمنيين لوظائفهم في دول الخليج.

أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش حذر في نوفمبر الماضي من خطر وشيك في اليمن ستنتج عنه الملايين من الوفيات بسبب المجاعة ما لم يتم اتخاذ خطوات فورية

ويستند الملايين من اليمنيين في معيشتهم على تحويلات المغتربين في الخارج، خصوصا في السعودية، ويشكل المغتربون إحدى أهم وسائل جلب العملة الصعبة لليمن.

وتراجع الريال اليمني إلى أدنى مستوى في تاريخه، حيث تجاوز سعر الدولار الـ900 ريال، مطلع ديسمبر الماضي.

وفقد الريال أكثر من ربع قيمته في 2020، ما أدى إلى ارتفاع كبير في الأسعار، وفق تقارير أممية.

ومع تشكيل الحكومة الجديدة في 18 ديسمبر الماضي، سجل الريال تحسنا، حيث بات الدولار يصرف بنحو 700 ريال. لكن أسعار السلع ما زالت ثابتة على ارتفاع، بسبب عدم ثقة التجار بالاستقرار المتواصل للعملة.

ويرجح خبراء أن يواجه اليمن في 2021 عاما آخر لن يقل صعوبة عن سابقه، إذا لم تحدث انفراجة سياسية نحو وقف الحرب.

وتبذل الأمم المتحدة منذ سنوات، جهودا متعثرة لإنهاء الحرب عبر مفاوضات بين طرفيها، وهما الحكومة الشرعية المسنودة بتحالف عسكري عربي تقوده الجارة السعودية، والحوثيون المدعومون من إيران.

وتقول تقارير أممية إن اليمن يعاني أسوأ أزمة إنسانية في العالم، حيث بات 80 في المئة من السكان، البالغ عددهم نحو 30 مليونا، بحاجة إلى مساعدات.

وبين هؤلاء 12 مليون طفل بحاجة ماسة إلى مساعدات، فيما وصلت معدلات سوء التغذية الحاد بين الأطفال في بعض المناطق إلى مستويات قياسية، مسجلة زيادة 10 في المئة في 2020، وفق تقرير ليونيسف نهاية نوفمبر الماضي.

كما أدت الحرب المتواصلة إلى نزوح قرابة 3.7 مليون شخص، يعيش معظمهم ظروفا معيشية بالغة الصعوبة، إضافة إلى مقتل ما لا يقل عن 233 ألف شخص، وفق الأمم المتحدة.

11