باحثة جزائرية تحلل أهم الروايات الخليجية

الباحثة الجزائرية شادية شقروش تناقش ظروف نشأة الرواية في الأدب العربي المعاصر.
الثلاثاء 2021/01/05
إطلالة على عوالم ساحرة (لوحة للفنان عبدالرحمن السليمان)

الجزائر - قدّمت الباحثة الجزائرية شادية شقروش محاضرة عن طريق تقنية التحاضر المرئي عن بعد بعنوان “الرواية العربية في بلاد الخليج العربي”، تناولت من خلالها ظروف نشأة الرواية في الأدب العربي المعاصر، وتحوُّلها إلى أحد أهمّ الأجناس الأدبيّة وأكثرها إقبالا من الكتاب والقراء والناشرين.

تقول شقروش “إنّ المنجز الروائي الخليجي شكّل ظاهرة جديرة بالتأمُّل لكونه ينتمي إلى رقعة جغرافية لها مميّزاتُها وخصوصياتُها”.

 وتضيف أنّ “الرواية الخليجية مرّت بمراحل مختلفة، من نشأتها إلى تطوُّرها؛ وهي مراحل يُمكن أن توفّر قدرا من الفهم لطبيعة التطوُّر الفني المنجز في كلّ مرحلة”.

والرواية في دول الخليج العربي لا تزال تستحق الكثير من الأبحاث والدراسات، وذلك كونها لاحقة للشعر الذي كان مهيمنا على مختلف الآداب الأخرى في الخليج. لذا تستحق الرواية الخليجية تركيزا نقديا لاكتشاف عوالمها، ومحاورة جمالياتها، والغوص في مضامينها، وإبراز خصائص أبنيتها السردية، وإماطة اللثام عن مختلف الرؤى والهواجس التي تجسدها.

وتأتي أهمية الرواية لكونها باتت تمثل كتاب الحياة المفتوح، فيها ينعكس التاريخ القديم، كما ينعكس الحاضر بأفراحه وأتراحه ومشكلاته وتطلعاته، وهي بطبيعتها الفنية، تستوعب الواقع وتُعيد إنتاجه في شكل تخييلي مقنع ومؤثر.

وتوقفت الباحثة في محاضرتها، عند تجارب روائية في سلطنة عمان والسعودية والكويت والإمارات العربية المتحدة وقطر والبحرين.

وحللت الباحثة الأبعاد الثقافية في الروايات الخليجية وخصائصها الفنية والموضوعية، وملامح تطورها في كل دولة من هذه الدول على حدة، ورغم أنها لم تتعمق كثيرا في تفكيك المتن السردي للروايات نظرا إلى أن الأمر يتجاوز حدود محاضرة واحدة، إلا أنها قدمت رصدا موضوعيا للحركة الروائية في البلدان التي تناولتها بالبحث مبرزة خصوصية الرواية العربية فيها، التي تختلف عن نظيراتها في بلدان المغرب العربي أو في مصر والعراق وسوريا ولبنان وفلسطين غيرها من الأقطار العربية التي رسخت لها مكانة بارزة في خارطة الرواية.

المحاضرة أبرزت أهم سمات الرواية الخليجية وخصصت قسما هاما منها للرواية العمانية التي لا نعرف عنها الكثير

وخصصت قسما هاما من مداخلتها للرواية العمانية، التي تشهد في السنوات الأخيرة تطورا كبيرا على المستوى العربي والعالمي، والتي لم تنل حظها من النقد مقارنة بالرواية في بلدان خليجية أخرى ربما لتأخرها زمنيا عنها.

ورأت شقروش أنّ الكتابة الروائيّة في سلطنة عمان بدأت عام 1973 مع عبدالله محمد الطائي، من خلال رواية “ملائكة الجبل الأخضر”، وأن الرواية الثانية التي تحمل اسم “الشراع” تميل إلى فن السيرة الذاتية.

 وأوضحت أن مثل هذه الروايات تسجل الريادة الزمنية لا الفنية. ثم تدفقت بعدها روايات سيف السعدي ومن بينها “جراح السنين” و”خريف الزمان”.

ومن خلال تتبّعها التاريخي للإصدارات الروائية لأدباء عُمانيين، أوضحت شقروش أن الفترة الواقعة بين عامي 1990 و2000، شهدت ظهور روايات سعود المظفر “رجل وامرأة”، “رجال من جبال الحجر”، “إنّها تمطر في أبريل”، كما أصدرت بدرية الشحي “الطواف حيث الجمر”، وحمدي الناصري “نيران القلب”، ومبارك العامري “مدارات العزلة” و”شارع الفراهيدي”، وسيف السعدي “من الجانب الآخر”، وعلي المعمري “فضاءات الرغبة الأخيرة”.

أما الفترة 2000 -2007، فقد شهدت بحسب شقروش، تدفق روايات عديدة للروائيين الذين اكتسحوا الساحة الثقافية العمانية، ومنها روايات حسين العبري “ديازيبام” و”الوخز” و”الملعقة الأخيرة”، وروايتان لغالية فهر آل سعيد هما “أيام في الجنة” و”صابرة وأصيلة”.

وأكدت الباحثة أنّ الرواية العمانية حاولت أن تحتلّ مكانا متفرّدا في الرواية الخليجية، وإن بدت متأخرة عن مثيلاتها في دول الخليج، وأنها عبّرت عن خصوصيات يتميّز بها المجتمع العماني بحكم ومأثوره الشعبي، الأمر الذي أضفى نكهة تميّزت بها الرواية العمانية.

وقالت شقروش في هذا السياق “يكفي الرواية العمانية فخرا أنّها ارتقت إلى العالمية، إذ نالت الروائية العمانية جوخة الحارثية جائزة ‘مان بوكر‘ الدولية عام 2019، لتكون أول خليجية تفوز بهذه الجائزة عن روايتها ‘سيّدات القمر‘ التي ترجمتها مارلين بوث إلى الإنجليزية”.

يُشار إلى أنّ شقروش قدّمت مداخلتها هذه ضمن فعاليات المؤتمر الدولي الافتراضي “الرواية العربية الحديثة.. رؤية شاملة”، الذي نظّمه مركز الدراسات العربية والأفريقية بجامعة جواهر لال نهرو بنيودلهي، بالتعاون مع المنظمة العالمية للإبداع من أجل السلام بلندن (بريطانيا)، وأكاديمية التميُّز بالهند.

واشتمل الملتقى على محاضرات من بينها “أهمية الرواية كصنف أدبي لسيمين حسن”، و”كيف يفكُّ الكاتب طلاسم المستحيل؟” لوفاء عبد الرزاق، و”الرواية العربية المصرية وتجسيد الهوية الوطنية” لنهلة صبري الصعيدي، و”الرواية العربية المعاصرة بين المحلية والعالمية” لفيصل حصيد.

15