توحيد سعر الصرف في ليبيا وسط تباينات حول أثره

طرابلس/بنغازي (ليبيا) - بدأ مصرف ليبيا المركزي تطبيق سعر صرف موحد جديد في أنحاء البلاد بعد سنوات من الانقسام في خطوة تمهّد الطريق نحو تفعيل مسار الإصلاحات الاقتصادية في البلاد.
وعلقت حكومة الوفاق رسوما فرضتها على معاملات النقد الأجنبي قبل عامين لتقترب بسعر الصرف الرسمي من سعر السوق السوداء.
ويؤكد المحللون أن الفجوة بين سعر الصرف الرسمي وسعر السوق السوداء أضرت بشكل عميق باقتصاد ليبيا المعتمد على النفط وأحدثت أزمة سيولة وشجعت على الفساد.
وكان مجلس إدارة البنك المركزي اتفق على سعر جديد يبلغ 4.48 دينار للدولار الأميركي الشهر الماضي في أول اجتماع له بكامل هيئته منذ خمس سنوات.
وتأتي هذه الخطوة بعد محادثات اقتصادية عقدت في ديسمبر الماضي في مدينة جنيف السويسرية، بمشاركة ممثلي المؤسسات المالية الرئيسية في ليبيا لإيجاد حلول توافقية تهدف إلى دفع عجلة الإصلاحات الاقتصادية وتنفيذ إصلاحات هيكلية في البلاد.
ويشكل توحيد المصرف المركزي وسعر الصرف هدفين رئيسيين للمسار الاقتصادي من عملية حفظ السلام في ليبيا التي تشرف عليها الأمم المتحدة.
وأدى انقسام المصرف المركزي الليبي خلال السنوات الماضية بين شرق وغرب، إلى اعتماد أسعار صرف مختلفة ومتقلبة وفق العرض والطلب للدينار مقابل النقد الأجنبي.
وتعيش ليبيا على وقع أزمات مالية خانقة وشح في السيولة النقدية وتدهور بمختلف القطاعات الاقتصادية بسبب تواصل الصراع الذي أدى إلى خسائر فادحة في المصدر الرئيسي للدخل في البلاد وهو النفط.
وينطوي سعر الصرف الجديد على خفض فعلي لقيمة العملة، ويعني أن تكلفة السلع المستوردة سترتفع على الأرجح.
ويراهن التجار والعاملون في القطاع الخاص على أن تكون الخطوة مؤشرا على انتعاش أعمالهم بعد أن تضررت كثيرا في السنوات الماضية.
وفي طرابلس، بلغ سعر السوق السوداء خمسة دنانير للدولار بعدما نزل الأسبوع الماضي صوب السعر الرسمي الجديد.
وقال تاجر عملة "يجب أن ننتظر ثلاثة أشهر أو أربعة لنرى كيف ستسير الأمور في البنوك التجارية".
وقال مالك الفاخري، تاجر إلكترونيات في بنغازي، إنه توقف عن التعامل مع البنوك بعد 2013 لأنه خسر مبالغ كبيرة عند الاستيراد بالسعر الرسمي ولجأ إلى السوق السوداء.
واعتبر حاتم البرغثي، وهو تاجر من بنغازي أيضا، أن "هذا القرار خاطئ وسيضر بالمواطنين أكثر مما سيفيدهم ولا يرضي سوى التجار".
ورغم توقف القتال بين الجيش الليبي وحكومة الوفاق إلا أن خطى الحل السياسي تسير بوتيرة أبطأ.
ولم يُطبق وقف إطلاق النار المتفق عليه في أكتوبر إلا جزئيا، وما زالت القوات منتشرة على جبهات القتال، والطريق السريع الرئيسي على الساحل ما زال مغلقا، فيما لا يزال المرتزقة المدعومون من تركيا حجر عثرة أمام تحقيق تسوية سياسية.
ورغم تحديد مجموعة من الليبيين اختارتهم الأمم المتحدة لرسم مسار نحو الديمقراطية موعدا لإجراء انتخابات بنهاية العام الحالي، فإنهم لم يتوصلوا إلى اتفاق بشأن تشكيل حكومة موحدة جديدة تشرف على المرحلة الانتقالية.