ذكرى مقتل سليماني تضع العراق في اختبار الفوضى الإيرانية

مخاوف من تصعيد الميليشيات في الذكرى الأولى لمقتل سليماني وخلال الفترة المتبقية لترامب.
الخميس 2020/12/31
الولاء لإيران أولا

بغداد - تلقى النظام الإيراني ووكلاؤه ضربة قاسية حين تمكنت القوات الأميركية في الثالث من يناير 2020، عبر ضربة جوية من القضاء على قائد فيلق القدس قاسم سليماني ونائب رئيس هيئة الحشد العراقي أبومهدي المهندس في مطار بغداد بالعراق.

وتخشى الأوساط العراقية الأسوأ مع اقتراب الذكرى السنوية لمقتل الرجلين، خصوصا خلال الفترة المتبقية للرئيس الأميركي المنتهية ولايته دونالد ترامب الذي أمر بتنفيذ ضربة الاغتيال.

ووضع مصرع سليماني المنطقة في عين العاصفة أكثر من أيّ وقت مضى، خاصة مع احتدام التوترات بين واشنطن وطهران في بغداد، وسط مخاوف من موجة انفجارات أمنية جديدة.

وخسرت الميليشيات في العراق الرجل القريب من طهران والذي كان يضبط الفصائل الموالية لها، مع صعود رئيس حكومة جديدة أكثر قربا من الولايات المتحدة وهو مصطفى الكاظمي.

وتتهم الفصائل الموالية لإيران الكاظمي بشكل علني بالتواطؤ على اغتيال سليماني والمهندس، وكان الكاظمي حينها يشغل منصب رئيس جهاز المخابرات، وهو أول من أبلغ رئيس الحكومة آنذاك عادل عبدالمهدي بما حصل.

ويحذر الباحث في مؤسسة القرن سجاد جياد من أنه إذا "ما حدثت حالة من التصعيد، فمن المرجح أن تنهار الحكومة أو تزاح".

ويضيف أن "احتمال انهيار الحكومة كبير باعتبار أن الجماعات الصغيرة الموالية لإيران لها حلفاء سياسيون يمكنهم الإطاحة بها".

وأظهرت المواجهة الأخيرة بالفعل مدى خطورة الوضع بالنسبة لدولة يواجهها مسلحون تمرسوا بالقتال من خلال قتال تنظيم الدولة الإسلامية بين 2014 و2017.

في نهاية ديسمبر، اعتقلت السلطات العراقية مقاتلا من حركة عصائب أهل الحق، التي تعتبر أحد أقوى فصائل الحشد الشعبي الموالية لإيران لتورطها في التخطيط لإطلاق قذائف على مصالح أميركية في العراق.

وعلى الإثر، نشرت عصائب أهل الحق رجالها في شوارع بغداد، وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو لمقاتلين يضعون أقنعة ويحملون أسلحة، ويوجهون تحذيرات شديدة اللهجة لشخص الكاظمي.

وانضمت كتائب حزب الله، أكثر الفصائل تشددا، إلى عصائب أهل الحق، وأطلقت تهديدات قاسية جدا في حق رئيس الوزراء على لسان المتحدث باسمها أبوعلي العسكري.

وقال العسكري في تغريدة "ندعو الكاظمي الغدر ألا يختبر صبر المقاومة، فاليوم مناسب جدا لتقطيع أذنيه كما تقطع آذان الماعز".

ومع أن الكاظمي أجاب على التهديدات بتغريدة يدعو فيها إلى التهدئة، إلا أنه شدد على أنه مستعد "للمواجهة الحاسمة إذا لزم الأمر".

وذكرت مصادر أمنية أن اتفاقا جرى بين العصائب والحكومة ينص على تسليم المتهم إلى مديرية أمن الحشد، إلا أن الداخلية العراقية ومسؤولين أمنيين نفوا ذلك.

واختار الكاظمي فتح قنوات اتصال مع إيران أملا في حملها على التدخل لكبح جماح الفصائل، ونقل رسالة إلى المسؤولين الإيرانيين بأن صبر بغداد بدأ ينفد.

وزار المبعوث الرئيسي لرئيس الوزراء أبوجهاد الهاشمي إيران قبل أيام، والتقى عددا من المسؤولين الإيرانيين.

وحاول الهاشمي إقناع إيران بكبح حلفائها في العراق ووقف الهجمات على الدبلوماسيين والجنود الأميركيين.

ويرى مراقبون أن رسالة الكاظمي التي يريد توجيهها إلى طهران من خلال الهاشمي هي أنها ستكون في وضع حرج في حال اندلاع مواجهة مفتوحة بين بغداد والميليشيات.

وبدأت الهدنة التي وافقت عليها فصائل موالية لإيران لوقف الهجمات الخريف الماضي، بالتلاشي بالفعل بعد سلسلة هجمات استهدفت السفارة الأميركية وقوافل لوجستية عسكرية.

وذكر مسؤول عسكري أميركي أنه حتى خلال "الهدنة"، كانت طائرة استطلاع دون طيار تحلق مرات عدة كل أسبوع فوق السفارة الأميركية والمجمع العسكري المجاور الذي تتواجد فيه قوات دولية.

وقامت السفارة الأميركية في بغداد التي تعد إحدى أكبر سفارات الولايات المتحدة في العالم، مع نهاية العام الماضي، بإعادة موظفيها غير الأساسيين إلى بلادهم.

وشهدت في أواخر ديسمبر 2019، أكبر خرق أمني منذ سنوات عندما داهم حشد غاضب، غالبيته من المؤيدين لكتائب حزب الله، محيط السفارة وأضرموا النيران عند بوابة السفارة.

ثم بعد ذلك جاءت الضربة الجوية التي قتل فيها سليماني والمهندس.

وتحدث الرئيس الأميركي المنتهية ولايته دونالد ترامب هذا الأسبوع في تغريدة عن "ثرثرة حول هجمات إضافية ضد أميركيين في العراق"، مضيفا "إذا قتل أميركي، سأحمل إيران المسؤولية".

وأبدى مسؤول عراقي نهاية الأسبوع تخوفه من أن يلجأ المسؤولون الإيرانيون إلى التصعيد، بما في ذلك هجمات صاروخية متجددة، بهدف ممارسة ضغط على الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن.

وكان مسؤولون عراقيون ذكروا قبل أسابيع، أن خفض السفارة الأميركية عدد موظفيها، هو بسبب "تحفظات أمنية"، وهو إجراء مؤقت.

إلا أن مسؤولين عراقيين وغربيين أشاروا إلى أن ذلك قد يشير إلى استعداد الولايات المتحدة للقيام بعمل عسكري.

وقال دبلوماسي غربي "ستحتاج الولايات المتحدة إلى إخراج موظفيها قبل أن تتصرف، حتى لا يتم استهدافهم في أي انتقام محتمل".