تكنولوجيا مبتكرة تحول مكابح السيارات إلى أنظمة صديقة للبيئة

عصر جديد لبورش وفولكسفاغن وبريمبو يعتمد على تطوير المركبات الحديثة من خلال حل مشكلة غبار المكابح والذي يحقق مكاسب جمالية رائعة.
الأربعاء 2021/01/06
طفرة في صناعة مكابح المركبات

مع تطور ابتكار السيارات وأنظمة تشغيلها، بات كل جزء رئيسي في المركبة يتمتع بعدة تحسينات تزيد من كفاءته بحيث يعمل بشكل أكثر دقة وتطورا لتفادي العيوب التي لم تعد تنسجم مع التطورات الراهنة. واليوم، تبدو أنظار بعض المصنعين متجهة إلى المكابح، حيث يريدون جعلها صديقة للبيئة لتتلاءم مع المعايير الجديدة في هذه الصناعة.

لندن- عندما قدمت مجموعة فولكسفاغن الألمانية في منتصف 2018 ابتكارا حول المكابح الصديقة للبيئة، وهي عبارة عن نظام خاص لجمع الغبار الناتج عن نظام الكبح، كان المختصون ينظرون إلى ذلك الأمر غير المسبوق على أنه مجرد محاولة قد لا تنجح وتحتاج إلى عدة سنوات حتى تصبح واقعا ملموسا.

ومع أن بعض المصنعين أظهروا ميلا للاستغناء عن المكابح الكلاسيكية في السيارات الكهربائية خلال السنوات الأربع الماضية عبر التخلي عن دواسة الكبح أو على الأقل بالتقليص من دورها بنسبة كبيرة جدا، إلا أن ذلك الجزء يبقى مهما في أي مركبة رغم أنه شهد تطورا لافتا على مدى العقدين الماضيين.

والآن بعد أن تم تنظيف معظم الأبخرة والجسيمات الخطرة من أنابيب العادم في السيارات الحديثة، فإن الهيئات التنظيمية العالمية التي تراقب تلك الجسيمات السيئة نظرا لما تمثله من خطر على حياة الناس، بدا لافتا أن هناك سباقا من نوع خاص بين الشركات حتى تطور هذه التجهيزة الأساسية في أي سيارة.

ويقول فرانك ماركوس، وهو متخصص في السيارات ومدير فني في موقع “موتور تريند” إنه لا يمكن حتى للسيارات الكهربائية وغيرها من المركبات النظيفة الإفلات من هذه الإجراءات، ولكن من الصعب قياس انبعاثات المواد الجسيمية من غير العادم، ناهيك عن التنظيم.

فرانك ماركوس: التقنية تمنع المكابح من توسيخ العجلات وتقلل من الغبار
فرانك ماركوس: التقنية تمنع المكابح من توسيخ العجلات وتقلل من الغبار

وأوضح أنه لحسن الحظ، هناك بالفعل حل لمشكلة غبار المكابح يحقق مكاسب جمالية رائعة، عجلات نظيفة ودوارات ذات تشطيب مرآة.

وخلال العام الماضي، أشار تقرير دولي يتعلق باستهلاك الوقود وقياس الانبعاثات إلى تلك المشكلة، فقد أظهرت التجارب التي قام بها المختصون أن فئة من سيارات الهاتشباك العائلية قد انبعث منها 5.8 غرام/ كيلومتر من الجسيمات، وهذا أكثر من ألف مرة من انبعاثات جسيمات أنبوب العادم المسموح بها في الاتحاد الأوروبي والتي تبلغ 4.5 ملليغرام/ كيلومتر.

ونتيجة لذلك، فإن المشترين الذين ينجذبون نحو شاحنات وسيارات الدفع الرباعي الأكبر والأثقل يزيدون من تضرر البيئة إلى جانب الاقتصاد السيء في استهلاك الوقود. وفي الوقت نفسه، تؤدي حزم البطاريات الثقيلة في السيارات الكهربائية إلى تفاقم تآكل الإطارات، حتى عندما يساعد الكبح المتجدد في تقليل غبار المكابح.

وللتأكيد على ذلك، وجدت الأبحاث التي أجراها خبراء جودة الهواء الحكوميون في المملكة المتحدة أن انبعاثات الجسيمات من غير العادم تساهم في أكثر من نصف تلوث الجسيمات.

ومن أجل التعمق أكثر في هذه المعضلة لإيجاد حلول مناسبة لها، منح مجلس موارد الهواء في ولاية كاليفورنيا عقدا بحثيًا لجامعة كاليفورنيا – ريفرسايد للتحقيق في تأثير غبار الفرامل وتآكل الإطارات وتعليق غبار الطريق على بيئات الطرق على مدار عامين تنتهي في منتصف العام المقبل.

ومن المؤكد، بحسب ماركوس، أن التشريعات المستقبلية، التي تهدف إلى الحد من تآكل الإطارات تهدد بالتأثير على كل معايير الإطارات التي يعتز بها عشاق السيارات، من مقاومة التدحرج إلى الثبات الجانبي.

ولكن تم بالفعل تسويق حل لمشكلة تآكل الفرامل، وإن لم يكن بالشكل المطلوب، فقد كُسر هذا المفهوم بعدما ابتكرت بورش معدات قياسية في أيقونتها كايين توربو تحت اسم “فرامل التحكم في سطح بورش” والمعروفة باختصار “بي.أس.سي.بي”، وقبل أشهر فقط طرحت شركة بريمبو الإيطالية المتخصصة في أنظمة الكبح مفهوما مشابها جدا تحت اسم “غرين تايف”.

وتم تنفيذ مشروع غرين تايف كجزء من مبادرة لاوبراسيس الأوروبية لتطوير نظام مكابح منخفض التأثير على البيئة، مما أدى إلى انخفاض مزعوم في انبعاثات الجسيمات بنسبة 50 في المئة.

ويتمثل ذلك الابتكار في مجموعة من المحددات حيث يخضع العضو الدوار النموذجي في المكابح والمصنوع من الحديد الزهر الرمادي لعملية طلاء بالرش الحراري تُعرف باسم “طلاء وقود الأكسجين عالي السرعة” (أتش.في.أو.أف)، والذي يتضمن احتراق الوقود السائل والأكسجين، ثم دفع الغاز الناتج من خلال فوهة بسرعات تفوق سرعة الصوت.

وبعد ذلك يتم حقن مسحوق كربيد التنجستن، وهو مركب كيميائي لا عضوي يحتوي على عدد ذرات متساوية من الكربون والتجستن، في هذا التيار، ويذوب جزئيًا دون تغيير كيميائه، ويترسب على قطعة العمل، كطلاء كثيف، بسمك يبلغ 0.1 مم، منخفض المسامية مع قوة ارتباط عالية للغاية.

فئة من سيارات الهاتشباك العائلية انبعث منها 5.8 غرام/ كيلومتر من الجسيمات، وهذا أكثر من ألف مرة من انبعاثات جسيمات أنبوب العادم المسموح بها في الاتحاد الأوروبي

وتكون النتيجة تشطيبا شبيها بالمرآة على الدوار لا يصدأ أبدا ويطيل عمر كل من الوسادات والدوار. ومن المثير للفضول، أن بورش تثبت تحسينات تآكل البطانة والدوار بنسبة 90 و30 في المئة، على التوالي، بينما يعكس بريمبو تلك التحسينات حيث يتم تقليل تآكل الوسادة بنسبة 30 في المئة، وتآكل الدوار بنسبة 90 في المئة.

وتتطلب الدوارات المصنوعة من المرايا وسادات خاصة، ولم تكشف بريمبو بعد عن الكثير من المعلومات حول كيمياء لوحة غرين تايف، ولكن من المحتمل أن تتطابق مع بورش بشكل وثيق.

وتؤكد بورش أن نظام المكابح الذي ابتكرته يحافظ على قدرة السيارة على التوقف حتى في درجات الحرارة المرتفعة، وأن الإعداد لذلك ينتج القليل من الغبار لدرجة أنه مهما كانت العجلات التي يختارها صاحب السيارة تظل نظيفة أثناء تأطير هذه الدوارات التي تبدو دائمًا مثل المرايا.

17