روسيا تستثمر في صراعات القارة السمراء لتعزيز نفوذها

قوات روسية ورواندية في أفريقيا الوسطى بعد أنباء عن محاولة انقلاب.
الاثنين 2020/12/21
تعزيزات عسكرية لتأمين الانتخابات

بانغي - أعلنت أفريقيا الوسطى الاثنين عن وصول قوات نظامية روسية إلى أراضيها بعد ثلاثة أيام من بدء هجوم تشنه ثلاث مجموعات مسلحة وتعتبره السلطات "محاولة انقلاب"، قبل أقل من أسبوع على انتخابات رئاسية وتشريعية.

يأتي ذلك في وقت ندد فيه الكرملين بما يجري في هذه الدولة الأفريقية وقال إن "المعلومات الواردة من هناك تثير قلقا شديدا".

وترتبط موسكو بعلاقات أمنية واقتصادية وثيقة مع بانغي، وسبق وأبدت نية لإقامة قاعدة عسكرية في هذا البلد الذي تحده ست دول وهي التشاد والسودان والكونغو ونيجريا وجنوب السودان والكونغو الديمقراطية.

وصرح المتحدث باسم حكومة أفريقيا الوسطى إنجي ماكسيم كازاغي بأن "روسيا أرسلت المئات من الرجال من القوات النظامية ومعدات ثقيلة" في إطار اتفاق تعاون ثنائي.

وتعمل موسكو منذ سنوات على تدريب عناصر من جيش أفريقيا الوسطى ووحداتها الأمنية لمواجهة تهديدات الجماعات المسلحة والمتطرفة، وهو ما جعلها شريكا أساسيا لبانغي.

وتتنزل هذه التعزيزات المرسلة من موسكو في إطار تنامي حضورها في جمهورية أفريقيا الوسطى حيث بات الحضور الروسي هناك منذ 2018 حقيقة ثابتة لدى الجميع وتستثمر موسكو هناك في العديد من المشاريع الاقتصادية والتنموية.

وكانت روسيا التي تدعم الحكومة منذ 2018، قد استضافت في سوتشي قمة روسيا - أفريقيا، في أكتوبر 2019 التي شهدت توقيع أكثر من 50 اتفاقية ومذكرة تفاهم بقيمة بلغت 800 مليار روبل (نحو 12.5 مليار دولار).

وتحاول موسكو أن تفرض نفسها وسيطا بين الجماعات المسلحة والحكومة المعترف بها في بانغي، حيث تولى الاتحاد الأفريقي منذ يوليو 2017 المفاوضات بين هذه الأطراف بشكل رسمي.

ويقول مراقبون إن موسكو لم تعد تراهن فقط على القوة الناعمة من خلال تعزيز الاستثمارات مع القارة السمراء، بل باتت أيضا توظف  الصراعات التي تشهدها أعداد من دولها لتعزيز حضورها العسكري.

وسبق وأن حذرت الولايات المتحدة من تنامي الحضور العسكري الروسي الذي يسجل كذلك في ليبيا ومالي.

وفي سياق متصل، أعلنت وزارة الدفاع الرواندية ليل الأحد - الاثنين أن رواندا أرسلت قوات إلى جمهورية أفريقيا الوسطى حيث "استهدف المتمردون" بقيادة الرئيس السابق فرنسوا بوزيزيه، جنودها الذين يعملون بتفويض من الأمم المتحدة.

وقالت الوزارة في بيان إن "الحكومة الرواندية نشرت قوة حماية في جمهورية أفريقيا الوسطى في إطار اتفاق دفاعي ثنائي"، موضحة أن هذه الخطوة جرت "ردا على استهداف وحدة قوات الدفاع الرواندية التابعة لقوة الأمم المتحدة لحفظ السلام من قبل المتمردين المدعومين من فرانسوا بوزيزيه".

ولم تذكر أي تفاصيل عن عدد القوات أو مهمتها أو تاريخ انتشارها.

واكتفت الوزارة بالقول إن "القوات الرواندية ستساهم أيضا في ضمان إجراء انتخابات عامة سلمية وآمنة مقررة الأحد 27 ديسمبر 2020".

ورواندا من الدول الرئيسية المساهمة في بعثة الأمم المتحدة في جمهورية أفريقيا الوسطى (مينوسكا) منذ انتشارها في 2014. وتضم هذه البعثة نحو 11500 من جنود حفظ السلام.

والكتيبة الرواندية في البعثة مسؤولة خصوصا عن أمن رئيس أفريقيا الوسطى فوستين أرشانج تواديرا وحماية القصر الرئاسي.

وكانت المجموعات المسلحة الثلاث الكبرى التي تسيطر على أكثر من ثلثي أراضي جمهورية أفريقيا الوسطى، بدأت التقدم على الطرق الحيوية لتزويد العاصمة بانغي بعد إعلان اندماجها.

وكانت الحكومة اتهمت فرانسوا بوزيزيه السبت بالإعداد "لمحاولة انقلاب" وبأنه "ينوي بشكل واضح السير مع رجاله" إلى بانغي، لكن حزبه نفى ذلك.

وبوزيزيه تولى السلطة في 2003 قبل الإطاحة به في 2013 من قبل تحالف المتمردين الذي أغرق البلاد في حرب أهلية. وقد أعلن نفسه مرشحا للانتخابات الرئاسية التي تجري مع الانتخابات التشريعية الأحد ليصبح المنافس الرئيسي لرئيس الدولة.

لكن المحكمة الدستورية أبطلت ترشيحه مشيرة إلى أنه يخضع لعقوبات تفرضها الأمم المتحدة التي تتهمه بدعم مجموعات مسلحة مسؤولة عن "جرائم حرب" و"جرائم ضد الإنسانية".