السلطة الفلسطينية تعاني من فوبيا دحلان

تنامي نفوذ التيار الإصلاحي داخل المخيمات يثير مخاوف السلطة الفلسطينية.
الأحد 2020/12/20
منافس يثير مخاوف السلطة

مخيم بلاطة (الأراضي الفلسطينية) – تشهد مخيمات اللجوء في الضفة الغربية حالة استقطاب بين القوى الفلسطينية، وسط ترجيحات بحدوث صراعات بينها على السلطة بعد مغادرة الرئيس الفلسطيني محمود عباس.

وللمرة الأولى منذ 15 عاما، أعلنت حركتا فتح وحماس في سبتمبر الماضي عن اتفاق لإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية في غضون ستة أشهر، على أن تجرى الانتخابات التشريعية أولا ومن ثم الرئاسية وآخرها انتخابات المجلس الوطني لمنظمة التحرير الفلسطينية.

وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس وعد بإجراء انتخابات عامة في العام 2021، لكن ليس من المرجح أن يسير قدما في هذا الاتجاه لاسيما وأنه سبق وأن قدم وعودا كثيرة لتنفيذ الاستحقاقات الانتخابية بيد أنه كان يتراجع عن ذلك في كل مرة.

ويشهد مخيم بلاطة الذي يعد أكبر مخيمات اللاجئين الفلسطينية بالضفة، تناميا لحضور وتأثير التيار الإصلاحي لحركة فتح الذي يتزعمه القيادي محمد دحلان، الأمر الذي يثير قلق المجموعة التي تتحكم في مفاصل القرار في رام الله والتي يرنو عناصرها لخلافة عباس.

وتمتلئ هذه الأيام جدران الأزقة الرمادية في المخيم بملصقات تحمل صورة حاتم أبورزق "الشهيد" الجديد الذي سقط في اشتباكات بين فصائل فلسطينية في 31 أكتوبر الماضي.

وتحدثت وسائل الإعلام الفلسطينية عن مقتل الفلسطيني حاتم أبورزق (35 عاما) وجرح آخر في المخيم المكتظ والذي يضم ثلاثين ألف فلسطيني في مساحة لا تتعدّى 0.25 كيلومتر مربع خارج مدينة نابلس شمال الضفة الغربية المحتلة.

ولم تحدث الاشتباكات بين الفلسطينيين والقوات الإسرائيلية، هذه المرة، بل بين الفصائل الفلسطينية، مع أن أبورزق قضى عشر سنوات من حياته في السجون الإسرائيلية لمشاركته في “المقاومة الفلسطينية” في الانتفاضة الثانية (2000 - 2005).

وتقول السلطات الرسمية إن أبورزق توفي “متأثرا بإصابته بانفجار قنبلة كان يعد لإلقائها. لكن والدته تتهم السلطات الفلسطينية، وتقول في شقتها الصغيرة في مبنى إسمنتي في شارع ضيق “في الحقيقة قتل برصاص السلطة الفلسطينية”.

وتضيف أن “حاتم كان إنسانا طيبا يتطلع إلى محاربة الفساد داخل السلطة الفلسطينية، لهذا لم يحبوه”.

مواقف متباينة

غضب دفين
غضب دفين

يتردد اسم دحلان في الأراضي الفلسطينية في الحديث عن اتفاقيات التطبيع بين إسرائيل والإمارات العربية المتحدة التي أُعلنت في أغسطس ووقعت في واشنطن في سبتمبر.

ودحلان الذي ولد في مخيم خان يونس للاجئين المكتظ بالسكان في قطاع غزة، ونشأ كواحد من قادة الانتفاضة الفلسطينية الشباب في 1987، اشتبك أثناء صعوده سلّم السلطة الفلسطينية، بعد وفاة عرفات في 2004، مع عباس عدة مرات، إذ رأى فيه عباس منافسا طموحا، وحمّل دحلان مسؤولية فشله في إخماد التمرد الذي سيطرت فيه حماس على غزة في 2007.

وكان دحلان رئيس المخابرات العامة قبل سيطرة حماس على قطاع غزة في 2007. وقد انشق عن حركة فتح ويعيش حاليا في المنفى وهو مستشار لولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد.

ويرى متابعون للأوضاع في الداخل الفلسطيني أن السلطة الفلسطينية تستغل وجود دحلان في الإمارات وعلاقاته المقربة من حكامها للترويج لمزاعم بشأن علاقته باتفاقات أبراهام التي توسطت فيها الولايات المتحدة ووقعتها إسرائيل مع الإمارات والبحرين، وذلك لمحاولة قطع الطريق أمام إمكانية خلافة دحلان لعباس على رأس السلطة.

وتبقى قضية ما بعد عباس من المحرمات داخل الطبقة السياسية الفلسطينية، إذ قالت إحدى الشخصيات المؤثرة في حركة فتح في المنطقة "لا نحب الحديث عن الحياة بعد الموت”.

وقال محافظ نابلس اللواء إبراهيم رمضان أحد أقطاب فتح “لا شك في أن حاتم أبورزق كان مع دحلان”، مشيرا إلى أنه منذ تلك الحادثة “جرح 14” من أفراد قوات الأمن الفلسطينية في هجمات في بلاطة. وأضاف “إنهم لا يفهمون شيئا دون استخدام القوة ولا يفهمون أننا أقوياء”.

انتفاضة ضد عباس؟

رفض للقوة
رفض للقوة 

ويزعم اللواء وائل اشتيوي أن عناصر موالين لدحلان "يوزعون المال على الشباب العاطل عن العمل لإلقاء الحجارة والزجاجات الحارقة على القوات الفلسطينية، وهدفهم هو إثارة الاضطرابات وإظهار أن السلطة الفلسطينية لا تسيطر على المخيمات”.

ونفى مقربون من محمد دحلان أي مسؤولية عن تبادل إطلاق النار في مخيمات بلاطة أو مخيم الأمعري قرب رام الله، فيما قال العضو في حركة فتح ديميتري ديلياني، وأحد مؤيدي دحلان، إن “السلطة الفلسطينية تعاني من فوبيا دحلان، إذ يعتبرونه وباء أسوأ من كوفيد - 19”.

وأضاف أن “هذا التمرد هو رد فعل من بعض سكان المخيمات الذين تم التمييز ضدهم من قبل السلطة الفلسطينية”، مشيرا إلى أن “سكان المخيمات دفعوا الثمن الأعلى خلال الانتفاضات الفلسطينية ولم يعاملوا بشكل جيد… الناس غاضبون”.

وقال مبعوث الأمم المتحدة للشرق الأوسط نيكولاي ملادينوف إنه "قلق للغاية من التوتر المتزايد بين السكان المحليين في مخيم (بلاطة) والقوات الفلسطينية"، داعيا “جميع الأطراف” إلى “ضبط النفس”.

ويشعر رئيس لجنة الخدمات المحلية لسكان بلاطة عمد زكي بالأسف للتسابق على السلاح. وقال إن “الناس في بلاطة ليسوا معجبين بدحلان لكنهم يبحثون عن بديل لتحسين وضعهم ومصيرهم، إنها أرض خصبة”.

وأضاف بحزن “هناك أسلحة في بلاطة اليوم أكثر مما كان خلال الانتفاضة الثانية”. وتابع “هناك قاذفات صواريخ وبنادق ورشاشات كلاشنيكوف أخرى هجومية”.