خفض قيمة الدينار العراقي ينذر بأضرار كارثية

العراق يخفض عملته 1460 دينارا مقابل الدولار الواحد، والكاظمي: إما انهيار النظام وإما الفوضى.
الأحد 2020/12/20
العراق يواجه أزمة سيولة غير مسبوقة منذ انهيار أسعار النفط

بغداد - حذر خبراء اقتصاديون وبرلمانيون عراقيون من أن رفع سعر الدولار أمام الدينار العراقي سيزيد من معدلات الفقر بين العراقيين، مشيرين إلى أنه سيلحق أضرارا "كارثية" بالفقراء ومحدودي الدخل.

وقال قيس جوهر أستاذ الاقتصاد في بغداد إن تخفيض قيمة العملة ستكون له تداعيات مدمرة على الاقتصاد وسيكون كارثة.

واعتبر أرشد الصالحي رئيس الجبهة التركمانية العراقية الأحد أن خفض قيمة الدينار العراقي مقابل الدولار "خطأ" ارتكبه البنك المركزي، وأكد أن الخطوة ستقود إلى تعطيل عمل المصانع في البلاد.

وذكر الصالحي أن "ارتفاع سعر الدولار، سيؤدي إلى وقف عمل المصانع المحلية، لأنها تشتري المواد الأولية بالدولار من الخارج، مما سيؤدي إلى ارتفاع سعر المنتج المحلي للمستهلك النهائي".

وأكد ضرغام محمد علي رئيس المركز الاقتصادي العراقي أن "خفض الرواتب وسعر صرف الدينار سيرفع الأسعار ويؤدي إلى انخفاض القدرة الشرائية، وبالتالي سيؤدي إلى رفع نسب التضخم والفقر وانكماش تضخمي يؤذي السوق ويقلل فرص العمل بشكل خطير ويؤدي بالتالي إلى الكساد المدمر للاقتصاد العراقي".

وأوضح أن "المصارف الحكومية ستتضرر أيضا بشكل كبير بسبب الإقبال على سحب الودائع الدينارية ما سيفرغ خزائنها بعد انعدام الثقة بالدينار".

وحدد البنك المركزي سعر الصرف الرسمي الجديد عند 1460 دينارا مقابل الدولار الواحد، بدلا من 1182 دينارا للدولار، ما يخفض القيمة الرسمية للعملة بنحو الخُمس.

وقال البنك في بيان إن السبب الرئيسي وراء تخفيض قيمة الدينار هو سد فجوة التضخم في ميزانية 2021 بعد انهيار أسعار النفط العالمية، وهو مصدر رئيسي للموارد المالية العراقية.

وأضاف "الأزمة المالية التي تعرض لها العراق بسبب جائحة كورونا... أدت إلى حدوث عجز كبير في الموازنة العامة".

وأشار إلى أن قرار خفض قيمة العملة جاء كخطوة استباقية "وحرصا من البنك على تفادي استنزاف احتياطياته الأجنبية"، ولمساعدة الحكومة على تأمين رواتب الموظفين العموميين.

وأثار القرار موجة غضب في الشارع العراقي، لكن رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي دافع عن خطوة حكومته وقال إنه كان أمام خيارين "إما انهيار النظام والدخول في فوضى عارمة، وإما ندخل في عملية قيصرية للإصلاح".

واستشهد الكاظمي، خلال كلمة له في جلسة مجلس الوزراء العراقي عقدت السبت، بعدة دول منها الإمارات وكوريا الجنوبية وسنغافورة عندما اتخذت في السابق "قرارات صعبة" من أجل إصلاح الاقتصاد.

خفض العملة سيزيد الفقراء فقرا
خفض العملة سيزيد الفقراء فقرا

وتواجه الحكومة العراقية أزمة مالية خانقة يصعب معها دفع رواتب موظفي الدولة دون ارتفاع الديون، حيث تعاني الحكومة من نقص في حوالي 3.5 مليار دولار لدفع الرواتب والديون، بعد أن تراجعت الإيرادات الشهرية للعراق إلى حوالي 4 مليارات دولار هذا العام، وهي نصف ما كانت عليه في عام 2019 بسبب انهيار أسعار النفط العالمية وانتشار جائحة كورونا.

ويعتمد العراق في 95 في المئة من دخله على عائدات النفط. وكانت آخر مرة خفض فيها قيمة الدينار في ديسمبر 2015 عندما رفع سعر بيع الدولار إلى 1182 دينارا من 1166 دينارا في السابق. لكن خفض قيمة الدينار بمعدل كبير، وهو الأعلى منذ عام 2003، سيؤدي على الفور إلى رفع أسعار السلع مما يضر بمستويات المعيشة.

وإلى جانب الإصلاحات الاقتصادية المؤلمة الأخرى المعلقة من قبل حكومة الكاظمي، فقد يؤدي ذلك إلى المزيد من الاضطرابات في بلد اندلعت فيه الاحتجاجات في الأول من أكتوبر من العام الماضي واستمرت لعدة أشهر، طالب خلالها مئات الألوف من العراقيين بوظائف وخدمات وبعزل النخبة الحاكمة التي قالوا إنها فاسدة.

ولا يمتلك اقتصاد الدولة العضو في منظمة أوبك سوى قاعدة تصنيع صغيرة وجميع السلع تقريبا واردات مسعرة بالدولار، لذا فإن الدينار الأرخص سيجعل على الفور العراقيين العاديين يشعرون بالفقر دون تقديم أي فائدة للاقتصاد الأوسع من خلال الصادرات الرخيصة.

وشهد سعر صرف الدينار العراقي السبت تراجعا أمام الدولار في البورصات المحلية إلى 1430 دينارا في بورصة الكفاح، نزولا من 1380 دينارا للدولار الواحد.

والجمعة، اقترحت وزارة المالية خفض قيمة الدينار مقابل الدولار بنسبة 23 في المئة، في موازنة 2021، التي تدرسها الحكومة حاليا قبل عرضها على البرلمان لإقرارها.

وقال وزير المالية علي علاوي، في بيان، إن "موازنة 2021 (أعدتها الوزارة) اعتمدت سعر صرف 1450 دينارا لكل دولار، لأن سعر الصرف المعتمد، مشوه ولا يعكس الواقع الفعلي".

ورفض نواب مسودة موازنة العام المقبل المسرّبة التي تضمنت اعتماد سعر صرف الدولار بـ1450 دينارا. 

وأكد فلاح عبدالكريم عضو لجنة الاقتصاد في البرلمان العراقي، أن موازنة عام 2021 إذا مررت، فإنها ستطيح الحكومة والبرلمان، مبينا أن الموازنة لن تمرر ما لم ترفع بعض بنودها، وأشار إلى أن إدارة الدولة للاقتصاد قاصرة.

وطالب البرلماني العراقي جمال المحمداوي بمساءلة البنك المركزي العراقي، بسبب رفع سعر الصرف، واصفا إدارته بـ"المتخبطة" التي تركت أثرا بالغا على المواطنين.

وأدى تسريب مسودة موازنة الدولة العراقية لعام 2021 الخميس إلى حدوث ارتباك في سعر صرف الدينار العراقي أمام الدولار، بعد أن حددت المسودة المسرّبة سعر صرف مقداره 1450 دينارا للدولار الواحد، ما سبّب ارتفاعا سريعا في سعر صرف الدولار الذي قفز متجاوزا 1350 دينارا بعد أن كان يراوح بين 1280 و1320 خلال الأيام الماضية.