حساسية إيرانية مرتبكة لقضايا تستثير الآخرين إعلاميا

النظام الإيراني يكذّب مرض علي خامنئي بظهور مفتعل.
الخميس 2020/12/17
إطلالة تؤجل الجدل بدل حسمه

أظهر النظام الإيراني خلال إجابته على تساؤلات الشارع المتنامية بشأن صحة المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي وقضية إعدام الصحافي المعارض روح الله زم التي خلفت موجة من الانتقادات الداخلية، ارتجالا لافتا يعكس حساسية إيرانية مرتبكة لقضايا تستثير الآخرين إعلاميا.

طهران – ظهر المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي، الأربعاء، لأول مرة منذ أن ترددت شائعات عن تدهور صحته، وذلك خلال استقباله أسرة قائد فيلق القدس السابق قاسم سليماني في إطار فعاليات إحياء الذكرى الأولى لاغتياله في هجوم أميركي بالعراق، رغم أن ذكرى الاغتيال توافق الثالث من يناير المقبل.

ويعكس ظهور خامنئي، الذي وصفه متابعون بأنه في غير توقيته وفي غير محله، ارتباك النظام الإيراني الذي وجد في هذا الظهور المفتعل فرصة ارتجالية للإجابة على استفسارات الشارع قبل أن تتردد أكثر وتصبح عرضة للتجاذبات ما يستوجب تقديم تفسيرات يحاول النظام تجنب الخوض فيها.

محمود أمجد: خامنئي مسؤول عن كل أعمال القتل وإراقة الدماء في إيران
محمود أمجد: خامنئي مسؤول عن كل أعمال القتل وإراقة الدماء في إيران

وتواترت خلال الأيام الماضية شائعات في الشارع الإيراني حول صحة خامنئي، يقول بعضها إنه توفي، فيما رجحت أخرى دخوله في غيبوبة بسبب إصابته بفايروس كورونا، ما أطلق عنان التكهنات والتجاذبات بشأن مستقبل السلطة بعد وفاة خامنئي البالغ من العمر 81 عاما.
وعادة ما تشهد الساحة السياسية الإيرانية سجالات بين المنتمين إلى جناحي الإصلاحيين والمحافظين، سرعان ما ينتقل صداها إلى الشارع، في إطار المنافسة على مراكز السلطة التي يقبع على قمتها المرشد الأعلى علي خامنئي، إلا أن الجدل الآن تجاوز الصراع السياسي على منصب الرئيس ليصل إلى الصراع على منصب المرشد نفسه.
وتتزايد التكهنات في إيران بشأن دور فيلق القدس الإيراني الذي يتحكم في الجيش والبرنامج النووي وجزء كبير من اقتصاد إيران، حيث يشير مراقبون إلى أنه سيكون على الأرجح هو اللاعب الرئيسي في عملية خلافة المرشد، أعلى سلطة في البلاد.
وتركت التغييرات على الساحة السياسية الإيرانية لرجال الدين نفوذا ضئيلاً في إدارة الدولة، فقلّصت بشكل كبير من قدرتهم على التأثير على عملية الخلافة. ويرى الكثير من رجال الدين الآن أن منصب المرشد الأعلى هو منصب عسكري أكثر من أن يكون سلطة دينية مستقلة.
ويقول متخصصون في الشأن الإيراني إن ظهور خامنئي الارتجالي لا يهدّئ من استفسارات الشارع الإيراني بقدر ما يؤجلها لبعض الوقت، فيما كشف دفاع الرئيس الإيراني حسن روحاني عن إعدام صحافي معارض حدة ارتباك مؤسسات النظام المحاصرة بالأزمات الداخلية.
وقبل ظهور المرشد، دافع روحاني الاثنين، عن تنفيذ حكم الإعدام، السبت، في حق صحافي معارض بارز كان يعيش في فرنسا، والذي أثار اعدامه جدلا في صفوف الشارع الإيراني الغاضب من الوضع الحقوقي المتردي في البلاد.
وقال روحاني في تصريحات نقلها التلفزيون الرسمي إن “الحكم الصادر على روح الله زم نُفذ طبقا للقانون”.
وفي معرض إشارته إلى شرعية هذا الإعدام، أكد روحاني أن “قوانين بلادنا تحتوي على عقوبة الإعدام، ولماذا يجب أن تكون هناك حساسية على شخص واحد تم إعدامه؟”.
وتم حرمان زم من الحصول على محامٍ أثناء المحاكمة، وحُكم عليه بالإعدام، من قبل أبوالقاسم صلواتي، رئيس الفرع 15 لمحكمة الثورة، والذي كان قد تم إدراجه على قائمة العقوبات الأميركية لانتهاكات حقوق الإنسان.
وكان زم يعيش في المنفى في باريس وتم الإمساك به العام الماضي في ظروف لم يُعلن عنها رسميا. وفي الأسبوع الماضي، قالت وكالة أنباء قريبة من الحرس الثوري الإيراني إنه تم الإمساك به في العراق.
وأدين زم بتأجيج العنف خلال احتجاجات مناهضة للحكومة في عام 2017. وكان هناك أكثر من مليون متابع لمنصته (آمد نيوز) بأحد مواقع التواصل الاجتماعي.
وتعليقا على إعدام زم، صرح محمود أمجد، أستاذ الأخلاق في الحوزة الدينية بإيران، بأن زم “قتيل مظلوم”، وحمّل المرشد الأعلى المسؤولية المباشرة عن “جميع الجرائم والقتل” منذ عام 2009.
وقال رجل الدين المؤثر في الحوزة في خطاب مباشر في صفحته على إنستغرام، الثلاثاء “أنا مندهش من أفعالنا وأفعال الجميع، لماذا يتم إعدامه مظلومًا ولا يرف لنا جفن؟ أنا حزين على هذا الشاب لأنه قتل مظلومًا”.

Thumbnail

وحمّل المرشد خامنئي مسؤولية تدمير الكثير من الأشياء في البلاد، مضيفًا “على السيد خامنئي أن يتنازل عن استبداده. فهو مسؤول عن كل أعمال القتل وإراقة الدماء التي وقعت منذ عام 2009”.
وأشار محمود أمجد إلى أن المرشد على علم بـ”تفاصيل كل الأمور في البلاد، كبيرها وصغيرها”، وهو مسؤول عنها.
وانتقد صمت مكتب علي السيستاني، رجل الدين الشيعي في العراق، والذي أفادت التقارير أن قوات الأمن الإيرانية استدرجت من خلاله زم إلى العراق.
وكان الرئيس الإيراني قد قال في تصريحاته المتعلقة باحتجاجات عام 2017 التي لعبت قناة “آمد نيوز” التلغرامية دورا مهما في تغطيتها، إن هذه الاحتجاجات خلقت مفهوما خاطئا حول الجمهورية الإسلامية، وأدت إلى انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي.
وكان روحاني قد وصف خلال تصريحاته تلك الاحتجاجات بأنها “أعمال شغب”، وقال إن “عام 2017 جزء من تاريخنا المرير الذي لن أنساه أبدا.. سنة 2017 أدت إلى وقاحة ترامب ومنحت الولايات المتحدة القدرة على الوقوف بوجه إيران”.

5