صمت في قرطاج رغم نداءات اتحاد الشغل المتكررة للرد على مبادرة الحوار

اتحاد الشغل يرفض الانخراط في أي مبادرات غير شاملة معتبرا أن اقتراحه هو الأمثل لإنقاذ البلاد.
الأربعاء 2020/12/16
في انتظار موقف نهائي

تونس – تسير الأوضاع في تونس نحو المزيد من التأزم خاصة بعد مماطلة الرئيس قيس سعيد في الردّ على مبادرة الاتحاد العام التونسي للشغل بشأن عقد حوار وطني اقتصادي واجتماعي ينقذ البلاد من الوضع الصعب، في ظلّ تنامي الاحتجاجات والإضرابات في قطاعات حيوية كثيرة.

ورغم النداءات المتكررة التي وجهتها المنظمة الشغيلة وآخرها الأربعاء إلى رئيس الجمهورية للمسارعة بالردّ على المبادرة، إلا أنه ما زال يلتزم الصمت حيال المقترح الذي قُدم إليه منذ أكثر من أسبوعين.

ويرى متابعون أن الوضع العام للبلاد لا يسمح بتأجيل الانطلاق في البحث عن حلول ناجعة تجتمع حولها كل الأطراف، وأن تأخير الحوار ينذر بانفجار غضب شعبي واسع لا يمكن مواجهته بأي مبادرات متأخرة، خاصة وأن تونس تعيش منذ نحو أسبوعين على وقع احتجاجات واضرابات متنامية.

ولم يقف اتحاد الشغل مكتوف الأيدي في انتظار ردّ الرئيس سعيد، بل سارع لإجراء لقاءات واتصالات مع مختلف الفاعلين في الساحة من أحزاب ومنظمات وجهات اقتصادية، لضمان حشد أكبر عدد ممكن من المؤيدين لمبادرته التي يعتبرها الحلّ الأمثل في الوقت الراهن لإنقاذ البلاد وتجاوز الأزمة المتنامية التي تعيشها منذ سنوات.

واعتبر الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل سامي الطاهري في تصريحات الأربعاء لوسائل إعلام محليّة أن ردّ سعيد تأخر كثيرا وإذا استمر الوضع على ما هو عليه، فإن الاتحاد سيلجأ إلى البحث عن مخارج أخرى لإنقاذ البلاد في أقرب وقت ممكن لتفادي تعفن الأوضاع، ما يجعل مهمة الإنقاذ صعبة ويعسّر إيجاد حلول للمعضلات التي ستولد عن التأخير.

وترزح تونس تحت وطأة أزمة اقتصادية خانقة حيث تتوقع الحكومة أن يبلغ عجز الميزانية 14 في المئة من إجمالي الناتج المحلي في 2020 وهي نسبة تعد الأعلى منذ 40 عاما تقريبا.

ويأمل اتحاد الشغل في الحصول على ردّ واضح من الرئيس سواء بالقبول أو الرفض وفي ضوء ذلك سيختار الطريقة التي سيكشف من خلالها عن التفاصيل والآليات والإجراءات والتواريخ المتعلقة بالحوار الوطني.

وأفادت أوساط سياسية في وقت سابق بأن مبادرة الاتحاد التي أعلن عنها منذ نهاية الشهر الماضي، تستثني ائتلاف الكرامة الذي يتزعمه سيف الدين مخلوف، والذي يتهمه الاتحاد بتبييض الإرهاب وبإذكاء الاحتجاجات في الجنوب التونسي، فيما أكدت الأطراف المقربة من الرئيس سعيد أنه يشترط استثناء حزب قلب تونس.

ولئن رحب الرئيس سعيد بمبادرة الاتحاد إلا أنه لم يعلن أي رد رسمي، وسبق وأن صرح بأنه "لا مجال للحوار مع الفاسدين ولا مجال أيضا لحوار بالشكل الذي عرفته تونس في السنوات الماضية بل يجب أن يتم في إطار تصور جديد يقطع مع التصورات القديمة، ويكون قائما على الاستجابة لمطالب الشعب الحقيقية، بعيدا عن أي حسابات سياسية ضيقة".

وتتضمن مبادرة الاتحاد التي عمل على إعدادها فريق من الخبراء والمختصين مجموعة من المقترحات لإطلاق حوار وطني سياسي، اقتصادي واجتماعي بين الفاعلين السياسيين والمنظمات الوطنية بهدف تقريب وجهات النظر بين جميع الأطراف وتهدئة الأجواء السياسية المتشنجة وإعادة الاستقرار والخروج برؤية مشتركة.

وتتساءل الأوساط التونسية حول الأطراف التي قد توجه لها الدعوة للمشاركة في هذا الحوار الوطني، والذي سيكون تحت إشراف رئيس الجمهورية، وسط رفض من الحزب الدستوري الحر المعارض (16 نائبا) من المشاركة في حوار مع “من أوصلوا البلاد إلى هاته الحالة”.

ومؤخرا، توالت مبادرات إنقاذ البلاد، إذ أعلنت تشكيلة من الأحزاب اليسارية والقومية في تونس عن مبادرة وطنية لتصحيح مسار الثورة ستنخرط في كل الاحتجاجات ضدّ المنظومة الحاكمة للمطالبة برحيلها.

وعن هذه المبادرات قال الطاهري إن هناك تسابقا واضحا وغير مبرّر في طرح المبادرات هدفه خلق نوع من الارتباك والتشويش وتعطيل الإصلاحات.

ومن جانبه، دعا رئيس الحكومة هشام المشيشي إلى حوار اقتصادي واجتماعي، إلا أنّ الطاهري أكد أن الاتحاد لا يقبل بحوار معزول عن الوضع العام وخاصة المشهد السياسي في البلاد، مشيرا إلى أن الحكومة إذا كانت تبحث عن حوار اقتصادي واجتماعي كان عليها قبل أن تتشكل أن تضع برنامجا في هذا الشأن.

وكان الاتحاد لوّح في تصريحات سابقة بأنه في حال لم يقبل قيس سعيد بمبادرته للإنقاذ فإنه لن ينخرط في أي مبادرة أخرى تقودها أحزاب سياسية لغايات ومصالح ذاتية.

وأعرب الكثير من التونسيين في الآونة الأخيرة عن فقدانهم الثقة في البرلمان، المؤسسة التشريعية التي باتت حلبة للصراع والعنف والتكفير وبث الفتنة داخل المجتمع دون الاهتمام بالمشاكل الحقيقية.

وتعالت الأصوات المنادية بحلّ البرلمان التونسي وتنظيم انتخابات نيابية مبكرة، على خلفية توالي الفضائح التي بلغت حد استخدام العنف المادي والمعنوي بين النواب، وهي دعوات أصبح يتبناها برلمانيون أنفسهم.