بعد غياب نحو شهرين.. الرئيس الجزائري يحيي ذكرى انتخابه عبر تويتر

عبدالمجيد تبون بدا متعبا وهزيلا بعد مرور أكثر من شهر على إصابته بكوفيد - 19.
الأحد 2020/12/13
ظهور بعد غياب طويل

الجزائر – ظهر الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون الأحد لأول مرة منذ إصابته بفايروس كورونا، في فيديو وتبدو عليه أثار التعب والهزال جراء كوفيد – 19.

وقال في رسالة مصورة على حسابه الرسمي في موقع تويتر إنه في طريقه إلى التعافي من المرض الذي أصيب به قبل نحو شهرين، وإن الأمر قد يستغرق أسبوعا إلى ثلاثة حتى يتعافى بشكل كامل.

وألقى تبون الذي بدا نحيلا خطابا موجزا للجزائريين غداة الذكرى الأولى لانتخابه. ويعود آخر ظهور علني له إلى 15 أكتوبر حين التقى وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان.

وشدد تبون على أنه يتابع كل صغيرة وكبيرة في الجزائر، وأنه أمر بالشروع في التحضير للعملية التي تأتي بعد الدستور، عبر إعداد قانون الإنتخابات الجديد.

وأشار الرئيس الجزائري إلى أن التطورات الحاصلة في المنطقة، كانت متوقعة بالنسبة لبلاده، مشددا على أن ''الجزائر قوية وأقوى مما يظنه البعض''.

وكان تبون (75 عاما) نُقل إلى ألمانيا في أواخر أكتوبر الماضي من أجل استكمال علاجه.

وبعد مرور عام على انتخاب الرئيس عبدالمجيد تبون، تقف الجزائر على حافة أزمة مؤسسية في ظل الغياب الطويل لرئيس الدولة بسبب إصابته بوباء كوفيد - 19.

ومنذ وصوله إلى السلطة في 12 ديسمبر 2019 عبّر تبون عن إرادته في الإصلاح لوضع أسس “جزائر جديدة”، لكنه يجسد اليوم بلدا في طريق مسدود ومؤسسات متوقفة.

وبسبب المرض، قضى الرئيس الجزائري الذكرى الأولى لفوزه بالانتخابات السبت في مكان ما في ألمانيا، لا أحد يعرف أين بالضبط، حيث عولج من فايروس كورونا المستجد لمدة شهر.

وفي 30 نوفمبر، أعلنت الرئاسة عودته “خلال الأيام المقبلة” وأن حالته الصحية “في تحسن”، لكنه لم يظهر علنا منذ 15 أكتوبر، وهو غياب غذى الشائعات والأخبار المضلّلة.

ورأى متابعون أن ظهور تبون كان الغرض منه طمأنة الجزائريين، ولكن لا يبدو أن الهدف تحقق لاسيما وأن الرجل بدا في وضع صحي مقلق.

ولا يزال سيناريو نهاية عهد الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة قائما، عندما ظل في الحكم دون قدرته على الحركة والكلام بعد إصابته بجلطة دماغية عام 2013، حتى أطيح به من السلطة في أبريل 2019 على إثر انتفاضة شعبية أصبحت معروفة بالحراك الجزائري.

وأدى التململ السياسي، الذي لن تضع حدا له بالضرورة عودة تبون، إلى مطالبة بعض الأصوات بتطبيق المادة 102 من الدستور، المتعلقة بشغور منصب رئيس الجمهورية، من أجل تجنب أزمة مؤسسية.

ومن صلاحيات المجلس الدستوري إقرار حالة عدم قدرة رئيس الدولة على ممارسة مهامه “بسبب مرض خطير ومزمن” وعلى البرلمان التصديق على ذلك.

وفي هذه الحالة، فإن رئيس مجلس الأمة بالنيابة صالح قودجيل البالغ 89 عاما، وهو من قدامى المحاربين في حرب الاستقلال، يصبح رئيسا مؤقتا لمدة أقصاها 90 يوما، يتم خلالها انتخاب رئيس جديد.

واقع لا يلبي مطالب الحراك
واقع لا يلبي مطالب الحراك

ودون أن يذكر الرئيس تبون الذي غادر البلاد في 28 أكتوبر، دعا رئيس الوزراء عبدالعزيز جراد السبت الجزائريين إلى “تضامن حقيقي لمجابهة التحديات المحيطة بالبلاد محذرا من أن الجزائر 'مستهدفة'”.

أما الجيش، العمود الفقري للنظام الجزائري، فظل إلى الآن صامتا.

ومن الناحية الرسمية، لا يزال تبون يمسك بزمام الدولة، لكنه لم يمارس أيا من صلاحياته منذ قرابة شهرين. فهو لم يوقع مرسوم إصدار الدستور الجديد، المشروع الرئيسي لبرنامجه الانتخابي ولم يوقع على قانون المالية لسنة 2021.

وتم انتخاب تبون خلال اقتراع قاطعه أغلب الجزائريين، وبالتالي أصبح يعاني من انعدام الشرعية، فمدّ يده أولا إلى “الحراك المبارك” كما أسماه، ثم وعد ببناء اقتصاد “قوي ومتنوع” قادر على الحد من اعتماد الجزائر المفرط على المحروقات.

و”على الرغم من العراقيل الأولى، كان يمكن لتبون أن يخلق شرعية من خلال إطلاق مشاريع كبرى للتجديد السياسي والاقتصادي والمؤسسي. فلم يستطع، أو لم يعرف كيف يفعل ذلك. فمبادرته لم تخلق أي حماس” كما لاحظ الكاتب الصحافي عابد شارف الذي يرى أن “رئاسة تبون فقدت كل مصداقيتها بل أصبحت عائقا للبلاد”.

بعد مرور عام على رئاسة عبدالمجيد تبون، لا يزال ناشطو الحراك والمعارضون السياسيون والصحافيون والمدونون المقربون من الحركة الاحتجاجية، هدفا للمحاكمات.

وعلى المستوى الاقتصادي، تشهد الجزائر ذوبان احتياطاتها من العملات الأجنبية، وجفاف السيولة، في ظل سوق نفطية تعاني من الأزمة الصحية العالمية.

ووفقا لصندوق النقد الدولي، من المتوقع أن تشهد الجزائر انكماشا اقتصاديا بنسبة 5.2 في المئة في 2020 فضلا عن عجز في الميزانية من بين أعلى المعدلات في المنطقة.

ويرى اقتصاديون أن البلاد استنفدت كل الاحتمالات المتاحة لتمويل العجز، بما في ذلك طبع العملة، وسيكون اللجوء إلى التمويل الخارجي “حتميا” في الأشهر المقبلة، على الرغم من التأكيدات المخالفة للمسؤولين الجزائريين.

وفي ما يبدو وصفا للوضع الحالي، تساءل الكاتب الفرنسي الجزائري كمال داود “ماذا تفعل بوقتك في الجزائر؟”، ويجيب “بلد بلا أماكن للترفيه بلا مرح (…) عجوز وممل”. ويضيف “تحرر لينغلق على نفسه. مات صغيرا ليكبر بلا نهاية. كل شيء آخر هو خُطب وكلام فارغ”.