نائب يثير ضجة في تونس بمطالبته تطبيق حكم الإعدام على دعاة حل البرلمان

جهات سياسية وبرلمانية تدعو الرئيس قيس سعيد إلى حلّ البرلمان بعد أن أضحى حلبة للصراعات.
الجمعة 2020/12/11
برلمان للصراعات

تونس - أثار نائب تونسي عن حزب قلب تونس ضجة إثر مطالبته بتطبيق عقوبة الإعدام بحق كل من يدعو إلى حل البرلمان، واصفا كل رافض للبرلمان الحالي بالانقلابي.

وشهدت البلاد في الآونة الأخيرة دعوات للرئيس قيس سعيد إلى وجوب حل البرلمان على خلفية الفضائح المتتالية والتي كان آخر فصولها اعتداءات بالعنف المادي واللفظي بين نواب.

وبعدما لوح مرارا باللجوء إلى خيارات يتيحها له الدستور، قال سعيد الخميس إنه لن يترك تونس لتتقاذفها الأرجل أو الحسابات السياسية وسيتخذ القرارات المناسبة، مشددا على أنه لن يتأخر عن اللحظة ولن يستقدمها، ولكنه سيتحمل مسؤوليته، لأن تونس فوق كل الاعتبارات الانتخابية والترتيبات التي تظهر في العلن ولكن أكثرها في الخفاء.

ولم تتبقى هذه الدعوات حبيسة منصات التواصل الاجتماعي حيث تبناها عدد من النواب أنفسهم وسياسيون على غرار النائب منجي الرحوي الذي دعا إلى إسقاط مجلس نواب الشعب لعدم شرعيته بعد ما تم كشفه في تقرير محكمة المحاسبات الأخير، موكدا أن شبهات الفساد تلحق نواب النهضة وقلب تونس.

ومن جانبه، حثّ السياسي محمد عبو الرئيس باستخدام صلاحياته في حل المجلس الذي تحول، وفق كثيرين، إلى عنصر تأزيم في ظل وضع اقتصادي وسياسي معقد في تونس.

وتقدم بمقترح للرئيس نشره على صفحته في موقع فيسبوك، دعا فيه إلى “نشر قوات الجيش بطلب من القائد الأعلى للقوات المسلحة في المدن وكافة مناطق الإنتاج، واستنفار قوات الأمن لحفظ النظام ومكافحة الجريمة، وتطبيق القوانين بصرامة مع التوصية الشديدة باحترام حقوق المواطنين وحرمتهم، وعدم معاقبة من يقوم بواجبه المهني متقيدا بالقوانين والتراتيب (تحسبا لأي انفلات تحركه أي جهة مستفيدة من الفوضى وخاصة ممن قد تستهدفهم بعض الإجراءات)”.

وطالب عبو بـ"تطبيق الأمر عدد 50 لسنة 1978، بوضع السياسيين الذين توفرت في شأنهم معطيات كافية عن فساد واستقواء بالسلطة لحماية أنفسهم أوعلاقات تمويل من الخارج تحت الإقامة الجبرية، هم يشكلون خطرا على الاستقرار، والفوضى ستكون وسيلتهم للإفلات من المحاسبة".

واقترح “دعوة رئيس الحكومة لتقديم استقالته ثم تكليفه بتسيير الأعمال، وتكليف شخص بتشكيل الحكومة يكون قادرا على تطبيق القانون على الجميع وفرض الانضباط، يشكل حكومة من أعضاء، جميعهم بعيدون عن كل شبهات الفساد وعن العلاقات بمراكز النفوذ والأحزاب، وسيكون مصيرها حتما ودون أي شك عدم منح ثقة البرلمان لها. وهو ما سيؤدي إلى حل البرلمان، طبقا للفصلين 98 و89 من الدستور. تواصل حكومة المشيشي أعمالها، دون ارتهان لأحزاب الفساد والأنانية المقيتة”.

وقوبلت هذه الدعوات بالرفض من نواب الكتل الكبرى بالبرلمان، حتى أن هناك من ذهب حدّ الدعوة إلى محاكمة كل من يطالب بحلّ البرلمان على غرار عياض اللومي، النائب بحزب قلب تونس، الحليف لحركة النهضة، الذي اقترح في تدوينة على موقع فيسبوك تطبيق الفصل 72 من المجلة الجنائية على كل من يدعو إلى حلّ البرلمان.

وكتب "أنا أقترح تطبيق الفصل 72 من المجلة الجنائية على كل من تخول له نفسه محاولة حل البرلمان دون وجه حق. كما أنني (وعلى عكس الفاشستيين) أطالب بمحاكمة عادلة لكل هؤلاء الانقلابيين".

وينصّ الفصل 72 الذي دعا اللومي إلى تطبيقه على أنه "يعاقب بالإعدام مرتكب الاعتداء المقصود منه تبديل هيئة الدولة أو حمل السكان على مهاجمة بعضهم بعضا بالسلاح وإثارة الهرج والقتل والسلب بالتراب التونسي".

ووضع اللومي نفسه في محلّ هجوم من جهات سياسية وشعبية، فدعوات حلّ البرلمان لم تصدر من العامة فقط بل لوّح بها رئيس الجمهورية والذي يخول له الفصل 77 من الدستور التونسي حلّ البرلمان. كما يرى خبراء في القانون الدستوري أنّ غياب المحكمة الدستورية يتيح لقيس سعيد تأويل الدستور والاضطلاع بالدور الرقابي للبرلمان.

ويشهد البرلمان التونسي حالة من الفوضى المتنامية التي بلغت حد الضرب والسباب والتشابك بالأيدي "بطلها" نواب ائتلاف الكرامة، المتهم من قبل نشطاء وحقوقيون بمحاربة الدولة المدنية وحقوق المرأة والتشريعات التونسية، حتى أنه تحدى في تصريحات مباشرة رئيس الجمهورية في أن يحاول حل البرلمان منوها بإدخال البلاد في حالة فوضى عارمة.

وأعرب الكثير من التونسيين طيلة الفترة الماضية عن فقدانهم الثقة في المؤسسة الدستورية التي باتت حلبة للصراع والعنف والتكفير وبث الفتنة داخل المجتمع التونسي دون الاهتمام بمشاغله الحقيقية، مما يستدعي تحرّك الرئيس قيس سعيّد بشكل مكثّف من أجل التصدّي لخطر انزلاق البلاد نحو اقتتال داخلي.

كما تشهد البلاد احتجاجات متنامية على خلفية تردي الخدمات في أغلب القطاعات، ودوران البلاد في حلقة مفرغة، إذ يكتفي البرلمان بإسقاط قوانين مهمة والصراعات المتكررة عوضا عن النظر في المشاغل والقضايا التي تؤرق البلاد وعلى رأسها الأزمة الاقتصادية المتفاقمة.

وقال سيف الدين مخلوف في فيديو موجه لسعيد، "ما عندك ما تهدّد وما عندك ما تعمللنا، راو بن علي قال أكثر منك وكان عندك ريح ذرّي عشرة''.

وتابع مخاطبا التونسيين ''هذه رسالتي إلى رئيس جمهوريتكم وكافة التونسيين، تريدون الإبقاء على البرلمان فنحن هنا، تريدون حلّ البرلمان نحن جاهزون، تريدون إعادة الانتخابات نحن حاضرون، تريدون الشارع نحن أولاد الشارع''.

وأضاف متوجّها لقيس سعيد ''أنت من اليوم بتّ منحازا وأعلنت العداء لشقّ من التونسيين ونحن أعلنا العداء ضدّ بن علي قبلك أنت ولبورقيبة قبله''.

ويحذّر متابعون من أن تقود تصريحات ائتلاف الكرامة وقلب تونس، الحليفين اللذين تحركهما حركة النهضة، إلى فوضى عارمة قد تجرّ البلاد إلى مربع العنف وتفشل محاولات إنقاذ تونس من انهيار سياسي واقتصادي وشيك.

وتدرس منظمات تونسية التحرك خلال الأيام المقبلة من أجل القطع مع التشريع للعنف والتكفير وتقسيم المجتمع.